رئيس التحرير
عصام كامل

وسام على صدر الرجولة

انتشر منذ أيام قليلة مضت، فيديو لواقعة فريدة من نوعها، حيث قام أب بإلقاء نفسه على قضبان قطار لإنقاذ ابنته من الدهس! وفي ذات الوقت أيضا، انتشر خبر يفيد بإلقاء أم لطفلتيها من الدور الخامس من عقار منزلها مما أدى إلى وفاتهما في الحال!

اقرأ أيضا

قانون الأحوال الشخصية الجديد.. ومقاومة "أشباه الرجال"

تناقض غريب، في خبرين يحمل كل منهما معاني معادية للآخر، العظمة مقابل الدونية، التضحية مقابل الأنانية، الحب مقابل الكره، الحنان مقابل القسوة!  ففي الوقت الذي ننتقد فيه تصرفات بعض الآباء المجردين من معاني الأبوة، والمسئولية والعطاء، وفي الوقت الذي انتشرت فيه العديد من الأخبار التي أفادت بقتل أمهات لأبنائهن، تحت ادعاءات المرض النفسي والخلافات الزوجية، يأتي هذا الرجل العظيم ليرسخ قيم ومعاني ومشاعر مغايرة تماما لما سبق ذكره- لم نعد نراها هذه الأيام! فهذا الأب الجليل عندما شاهد سقوط ابنته أمام القطار، لم يعط فرصة لعقله للتفكير، بل اندفع محتضنا إياها دون خوف على نفسه، اندفع ليحميها من الخطر، لينقذها من الموت، دون اكتراث لما قد ينتج إثر هذا التصرف النادر. 

في هذا المشهد، الأب احتضن ابنته بقوة، جعل جسده فوق جسدها، وبينه وبين القطار مسافة لا تتعدى الـ2سم، كان القطار يلامس  ملابسه، دون أن يمسه بسوء، وكأن القدر كافئه على فدائه العظيم، وكأن القطار أبى أن ينهي هذا المشهد بشكل مأساوي، وكأن السماء استجابت لدعوات الواقفين لحمايته وابنته من الموت، وكأن الحياة أعطته العمر ليحتفل به العالم وتفخر به ابنته ، ليظل خير سند وأعظم أب لابنة توجتها الحياة بتاج يبقى فوق رأسها لآخر عمرها.

الخلع في مصر.. "الكوميديا السوداء"

تجمعت كل الخصال الحميدة في شخص هذا الأب، في مشهد تقشعر له الأبدان، وترق له القلوب، وتذرف له  الدموع من عظمة ما فعله! ما حدث، أعاد إلينا الأمل،  ووثق معنى "الأبوة" في أفخم رداء لها، بما فعله أمام العالم أجمع، في حياة أبنائه! هذا الفدائي لم يبال بما قد يحدث له والذي كاد أن يصل إلى تمزيق جسده، ولكن كان كل همه هو إنقاذ ابنته من الموت حتى ولو على حساب حياته! تجسدت كل معاني الحب والتضحية والإيثار والعطاء ونكران الذات، في المشهد الشهير، تلك المشاعر التي لابد وأن توجد بالفطرة، إلا أن ما يحدث هذه الأيام من شذوذ بعض الآباء والأمهات عن الفطرة، جعلنا نقف بإجلال ودهشة وفخر لهذا الأب العظيم الذي يبحث عنه الكثير لتكريمه. هذا العظيم هو وسام على صدر "الرجولة"، التي تخلى عنها البعض!

الجريدة الرسمية