فاجعة الموت.. وألم الفقدان!!
لا توجد كلمات تصف حال المكلوم بموت قريب أو فقدان عزيز.. ولا توجد هناك قسوة أكثر من أن نسمع خبر وفاة من نحبهم .. فيكون الخبر بمثابة الصدمة الكبرى لنا تؤثر على حياتنا ولا نستطيع أن نعود كما كنا.. وتزداد كل هذه المشاعر بشكل مخيف إذا كنت في مكان غير المكان.. تشعر وقتها بأن نور الحياة يتحول الى سواد خانق وتحيل الحيرة والصمت والعجز ويضيق الصدر بآلام لا أحد يستطيع وصفها. نحن نقول مثل هذه الكلمات وأكثر من ذلك رغم يقيننا التام بأن الموت هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الدنيا وهو حق على كل إنسان.. إلا أنه مفجع ويترك لا يمحى مع الزمن ولا يبقى لدينا إلا ذكرياتنا معهم والدعاء لهم في قبورهم بالرحمة.
فلا الدمع يمكن أن تخفف آلام الرحيل والا الوجع الداخلي يمكن أن يخفف لوعة الفقد.. مات أبي ومات عمي الوحيد ومات خالي الوحيد ومات كثيرون من الأحباب والأقارب والأصدقاء بل وعشت حياتي كلها بلا أخ كبير وكأنه مكتوب علينا «حبايبنا يموتوا واحنا بعيد عنهم».. وها أنا أعود من جديد - وأنا في غربتي - لاستقبال أسوأ الأخبار بوفاة ورحيل الأب والأخ والصديق والحبيب الحاج محمد قدارة. مات وماتت معه كل أسراري وحكاياتي وبقيت وبقي معي كل أسراره وحكاياته.. فمثلما لم أكن أصدق بأنني لن أسمع صوت أو أرى والدي مرة أخرى منذ تاريخ 30 أكتوبر 2007.. فها أنا أعود لأحفظ تاريخ جديد وهو 18 يناير 2020 لأنني لن أستطيع بعده سماع صوت أو رؤية الحاج محمد.
الدكتور أشرف صبحي لا يحتاج لـ "التبريكات" فقط!
والحقيقة في مثل هذه الظروف والمواقف لا نبكي على من رحلوا ولكن نبكي أنفسنا لأنهم تركونا وحدنا.. إننا نبكي من أجلنا نحن بعد أن انطفأت شموعهم من حياتنا. فرحيلك يا حبيبي أوجعني ولكن عزائي أنك في القلب لأنك كنت النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق.. وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء. وأشهد الله أنه ترك الدنيا أحسن مما وجدها.. ويكفيه كرامة النفس وصنع الخير والصبر على كل ما مر به في حياته.. فأنا على يقين تام بأنك رحلت عن هذه الحياة وأنت زاهد فيها.. ويكفيني أنني لم أستطع حتى تقديم العزاء لأبنائك واخواتك لأنني كنت الذي يحتاج تقبل العزاء.. ويبدو أنك كنت تشعر برحيلك وتشفق علي ألم الفراق وعذاب صوتك المكلوم عندما لم تستطع الرد عليا في آخر مكالمة بيننا. ولا نملك إلا أن نقول: "نعم بالله والحمد لله على كل حال" ... "لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" .. و"إنا لله وإنا إليه راجعون".