كريمة بوحسون أستاذ الأدب الفرنسي من معرض الكتاب: ظاهرة إنجذاب الشباب لروايات الفانتازيا والرعب ليس هروبا من الواقع
« 104 القاهرة» أعادتنى للقراءة بالعربية ولا تقل عن الأعمال العالمية
كتابة الرواية ليست حكرا على جنس دون الآخر
أدب الفانتازيا والعجائب كالـ «تيك أواي» .. والشباب لا يحبون الرتابة والقوالب النمطية
انجذاب الشباب للخيال العلمى ليس هروبا من الواقع ويجب إخضاعه للدراسة النقدية
تربيت على كتابات المنفلوطى والعقاد وتوفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس
أعشق آل البيت .. وأعمل على قضيتين بشكل دائم الدين والمرأة
على هامش مشاركتها فى فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الـ 51 ، كشفت الدكتورة كريمة بوحسون أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال بالمغرب فى حوار لـ « فيتو » عن سر انجذاب الشباب إلى أدب الفانتازيا والرعب، مؤكده على أن اللجوء إلى الخيال ليس هروبا من الواقع . موضحة أن كتابة الرواية ليست حكرا على جنس دون الآخر ، وأن رواية « 104 القاهرة » أعادتها للقراءة بالعربية وبسببها أدخلت الكتابة العربية كنموذج للدراسات النقدية فى الجامعة ، وإلى نص الحوار:
*مؤخرا.. شاركت بورقة بحثية بعنون "الخيال العلمى فى الرواية الأفريقية بين جموح الخيال وجمود الواقع" فى ملتقى القاهرة الدولي للإبداع.. فما تفسيرك لظاهرة إنجذاب الشباب إلى روايات الفانتازيا والرعب؟ وهل يعد هروبا من الواقع؟
أرى أن هذا الانجذاب ليس بالضرورة أن يكون هروبا من الواقع ، ولكنها يمكن أن نطلق عليها « موضة فى الكتابة » ، فالخيال صانع الإبهار ودائما ما يجذب الانسان مهما كان ، ونري ذلك جليا فى الحكايات القديمة والقصص الشعبية والأساطير، وفى ظل التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة نجد أن الشباب دائما لا يحب الرتابة والقوالب النمطية للرواية الكلاسيكية، فيلجأون إلى تلك النوعية من الأدب التى تغذى مشاعرهم وخيالهم ، فالغالبية تفضل الفانتازيا والخيال العلمى والرعب أكثر من القصص الإجتماعية والسياسية.
*يرى بعض النقاد أن أدب الفانتازيا هو درجة تانية ولا يرقى إلى أنماط الرواية . . فما حقيقية ذلك ؟
هذا صحيح عند إخضاعه كنموذج للدراسة فى الكليات النقدية، ويرجع السبب لأنه لا يمتلك قيمة فنية أعلى كباقى أجناس الأدب الأخرى، فقد يعتمد على الإثارة كالروايات البوليسية، ويطلق عليه البعض جنس أدبي هامشي مثله كالتيك أواي، لإعتماده فى الأصل على شحن مشاعر القارئ واللعب على الاحاسيس أكثر من التقنيات الفنية والأدبية ، وتناول هذه النوعية كنموذج للدراسة فى الجامعة قليل ونادر جدا ، ولكن الواقع الآن يحتم علينا إعادة النظر فى هذا الجنس الأدبي لأنه أصبح ظاهرة دارجة بين عدد كبير جدا من الشباب، فلابد من دراسة الأعمال الجادة منه وليست الاستهلاكية .
*تعانى الأمة العربية مؤخرا من خطر الإرهاب والفتن .. كيف يمكن أن تكون الثقافة حائط صد ضد هذا الخطر ؟
«حسب ما يشكل وعى المجتمع تجده » فزرع السلام وتقبل الآخر وترسيخ مبدأ العيش سواسية مهما اختلف الدين أو اللون أو العرق فى كافة وسائل الإتصال تقي المجتمع من ويلات الصراعات والأفكار الظلامية التى تنشأ الإرهاب، فالاختلاف يكون سببا للثراء الفكرى والثقافى وليس سببا للصدام والتناحر ، وللأسف نحن من يزرع بذور الصدام والانفجار فى دولنا فنرفض كل من ليس شبهنا فى طريقة التفكير والسياسية ، وهنا عندما تنشب فتنة نجد التفكك أصلا موجود .
*معظم الكتاب المغاربة يكتبون بالفرنسية ويتحدثون بها كلغتهم الأول.. هل هذا يعنى أن المغرب لم تتخلص حتى الآن من رواسب الاستعمار؟
فى المغرب لا يتعاملون مع اللغة الفرنسية كونها لغة مستعمر وأنما هى لغة أجنبية دارجة تفتح أبواب ثقافات مختلفة أمامنا خصوصا وأنها تدرس فى المدارس منذ زمن، ولها ما لها و عليها ما عليها ، وهناك فى المغرب من يرى أن استخدامها تغريب وانقياد وهيمنة واستمرار للامبريالية ، ولكن الحقيقة أن الشعب المغربي لا يتحدث الفرنسية طيلة الوقت ، هذا غير صحيح ، واللغة الدارجة هى لهجة مغربية مطعمة ببعض الكلمات الفرنسية التى عربناها مثل ما يفعل المصريون مع اللغة الانجليزية ، والجيل الجديد من الشباب لدينا يتحدث الانجليزية أكثر من الفرنسية ، أما بالنسبة للكتاب الذين يكتبون باللغة الفرنسية كلغة أم ، فهذه ثقافتهم فى الاصل نتيجة هجرتهم إلى فرنسا أو أنها اللغة التى يتقنوها ويستطيعون أن ينشروا الثقافة المغربية من خلالها للعالم .
*بصفتك أستاذا للأدب .. هناك من يرى أن الرجال مبدعون فى فن الرواية أكثر من النساء .. فما رأيك؟
الكتابة الادبية ليست حكرا على جنس دون الآخر ، وليس الرجال أفضل من النساء فى الكتابة أو العكس، فما يميز عمل دون آخر هو فكرته وطريقة كتابته وماذا يقدم للقارئ بالاضافة الى التمكن من تقنيات الكتابة نفسها التى تظهر تمكن واحترافية كل كاتب ، فرواية « 104 القاهرة » للكاتبة ضحى عاصي أعادتني إلى القراءة باللغة العربية من جديد، فالرواية مذهلة من حيث البناء الفني وطريقة السرد والمضمون والأحداث والشخصيات أيضا ، وبسبب رواية «104 القاهرة » أدخلت الكتابة العربية كنموذج للدراسة النقدية فى الجامعة ، فتلك الرواية جعلتنى اكتشف أننا نملك كنوزا أدبية عربية لا تقل أبدا عن الأدب العالمي ، بحكم أننى اكتشفت انها لا تقل عن الكتابة الغربية
*وما المشروعات الجديدة التى تعمل عليها كريمة بوحسون الآن؟
أعمل الآن على عدة مشروعات فى الترجمة من الكتب المصرية والمغربية من العربية للفرنسية والعكس، أيضا لدي مشروع عن الثقافة والأدب الفرانكوفوني باللغة العربية لتعريف البلدان العربية بالثقافة والأدب الافريقي الذى تأخر كثيرا بسبب حاجز اللغة للتقريب بين الشعوب ، بالإضافة إلى بعض المشاريع التى تناقش حالة الارتباك الظاهرة فى الأسر العربية بسبب التطور والتسارع الفكرى الشديد بين أجيال العائلة الواحدة ، ولابد من دراسة هذه الظاهرة بعمق لان أحيانا الآباء لا يستطيعون مواجهة أفكار أبنائهم بسبب حالة التطور التكنولوجي الحديث .
من من الكتاب المصريين الذين أثرت كتاباتهم فى بوحسون وتحبين قراءتهم ؟
تربيت على كتابات مصطفى لطفى المنفلوطى وعباس العقاد وتوفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس أحيانا ، هذا الجيل شكل وعينا جميعا فى المنطقة العربية ، والآن نادرا ما أقرأ باللغة العربية بسبب تخصصي فى الأدب الفرنسي، أما اهتمامى الخاص فهو بالصوفية وأحاول دراستها لانها ذات علاقة قوية بالدراسات الأفريقية على الرغم ان ظاهرها يوحى بعكس ذلك ، ولكن التفكير الروحي عند الشعوب يقترب من بعضه ، والاختلاف ينشأ باختلاف ثقافة إلى أخرى ، وأعمل فى قضيتين بشكل دائم هما الدين والمرأة .
*أخيرا ما الذي ستحرصين على زيارته فى القاهرة ؟
مصر مليئة بالاثار سواء الفرعونية او الإسلامية والمسيحية ، وأتمنى زيارة الأماكن الآثرية ذات الطابع المعماري الاسلامي كمسجد السلطان قلاوون وقصر محمد على ، ولابد أن أزور مساجد آل البيت وخصوصا مسجد الحسين وفى زيارة سابقة كنت قد زرت مسجد السيدة نفيسة.