قيس سعيد.. 100 يوم في سبات عميق
يتحدث الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء اليوم الخميس، في حوار تلفزيوني مباشر على القناة الوطنية حول حصاد مشواره السياسي خلال 100 يوم من تسلمه مقاليد الحكم.
وفي ظل ترقب التونسيين أجوبة قيس سعيد، حول حصيلة عمله خلال 100 يوما في حوار تلفزيوني وعد بإجرائه خلال حملته الانتخابية، ما هو مؤكد أن العجز عن تشكيل حكومة جديدة شل حركة الحياة السياسية في تونس، لكن رغم ذلك أجمع عدد من المحللين على أن قيس سعيد ظاهرة جديدة في هذا البلد، بينما يري آخرون أنه أدخل البلد في سبات عميق.
رغم إطلالاته الإعلامية القليلة، سيفي الرئيس التونسي قيس سعيد بوعده الانتخابي بالظهور في حوار تلفزيوني مساء الخميس للحديث عن الـمئة يوم الأولى منذ تسلمه سدة الرئاسة.
وتتسم هذه الفترة ببطء الحركة السياسية نتيجة لعدم التمكن من تشكيل حكومة جديدة حتى الآن.
لكن مراقبين للوضع التونسي لاحظوا تغييرا رمزيا ظهر في الحياة السياسية التونسية منذ وصول سعيد إلى سدة الحكم في 13 أكتوبر2019؛ فالرئيس الجديد، المنتمي للأوساط الأكاديمية باعتباره أستاذا في القانون، لم يتبوأ أي منصب سياسي سابقا ولم يسع إلى تأسيس حزب سياسي.
وقد انتخب سعيد رئيسا للجمهورية بنسبة تجاوزت 70% من الأصوات، وحصل على تأييد واسع من فئة الشباب التي علقت عليه آمالها ورأت فيه رجلا نظيفا وصارما رغم افتقاره للخبرة السياسية.
ورصد تقرير لوكالة "فرانس 24" أبرز المحطات السياسية التي صبغت الـمئة يوم الأولى من حكم سعيد، في ظل فراغ حكومي وغياب علني للحلفاء في الداخل وتحديات خارجية أبرزها الصراع الليبي؟
تقتصر الصلاحيات الدستورية للرئيس على العلاقات الدبلوماسية والأمن القومي حصرا. من هذا المنطلق، يعد الملف الليبي أبرز التحديات الخارجية التي واجهت قيس سعيّد منذ وصوله إلى السلطة، وقد أمسك بهذا الملف واستقبل دبلوماسيين ورؤساء دول فاعلين بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبحث فيه.
لكن الرئيس التونسي رفض الدخول في حلف مع أنقرة بخصوص الملف الليبي بالإضافة إلى رفضه دعوة برلين في منتصف يناير للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا لأنها وصلت متأخرة بضغوط تركية. هذه الخطوات أعطت انطباعا إيجابيا لحرصه على الحفاظ على السيادة التونسية.
ولم يقم الرئيس التونسي بأي زيارة رسمية في انتظار تشكيل الحكومة، ولم يزر سوى عمان فقط لأداء واجب العزاء بوفاة السلطان قابوس. لكن على وقع تسارع الأحداث في شأن الأزمة الليبية، فمن المرتقب أن يزور الجزائر الأحد المقبل ليلتقي نظيره الجزائري عبد المجيد تبون.
وكان سعيد قد أعلن غداة انتخابه رئيسا أن الجزائر ستكون أولى الدول التي يزورها باعتبار العلاقات التاريخية التي تربط الجارتين. كما تنسق سلطات البلدين بشكل مستمر بخصوص الملف الأمني ومكافحة الإرهاب والجماعات الجهادية المتمركزة أساسا في المناطق الجبلية الحدودية بينهما. كما يمثل التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة أولوية لتونس خصوصا وأنها تستفيد من الغاز الجزائري لتغطية احتياجاتها.
بعد فشل مرشح حركة "النهضة" الحبيب الجملي المكلف بتشكيل حكومة جديدة في نيل ثقة البرلمان، أصبحت الكرة بملعب سعيد لتسمية رئيس جديد للحكومة بعد مشاورات مع الأحزاب السياسية. وقد وقع اختيار الرئيس على منافسه في الانتخابات الرئاسية إلياس الفخفاخ الذي لم ينل سوى على 0,34% من الأصوات لتشكيل الحكومة في مدى أقصاها شهر واحد.
وفي ظل صلاحيات محدودة للرئيس التونسي دستوريا خصوصا في الشأن الداخلي، اعتبرت تسمية الفخفاخ فرصة لسعيّد ليفرض "لعبته" على الحكومة الجديدة. خصوصا أنه أبدى اهتماما خاصا بالوضع الاقتصادي والمعيشي خلال حملته الانتخابية.
ولا تزال المشاورات بالشأن الحكومي قائمة ولم يقدم الفخفاخ بعد على تشكيلته للحكومة الجديدة.
وقد طبعت بعض اللقاءات في القصر الرئاسي الـ 100 يوم الأولى في عهد سعيّد. فقد استقبل شباب عاطلين عن العمل من المناطق الداخلية ليبحث معهم مقترحاتهم لحل أزمة إنتاج الفسفات في محافظة قفصة. لكن ما من إجراءات عملية اتخذت إثر لقائهم لكنه طمأنهم في انتظار حسم تشكيل الحكومة المقبلة التي توكل لها هذه المهام.
بالمقابل، أثار استقباله لمجموعة من اليتامى من أبناء الدواعش التونسيين في ليبيا انتقادات واسعة من الرأي العام التونسي.
لكن تبقى استراتيجية قيس سعيّد غير محددة المعالم حتى الآن خصوصا في ظل انتظار تشكيل الحكومة الجديدة. فهل سيكون "الرجل القوي" الذي ينتظره التونسيون؟ ربما تحسم الأيام المقبلة الجواب النهائى على هذا السؤال.