فرقتهما الدراسة وجمعهما الحرم المكي .. صديقان يلتقيان بعد 34 سنة بُعاد
في عام 1983 كان اللقاء الأول بين الطالب محمد أبوحجازي، وزميله أيمن فهمي، داخل أسوار مدرسة المتفوقين بمنطقة عين شمس، جمعتهم صداقة دامت 3 سنوات كانا لا يفارقان بعضهما البعض فى المدرسة وخارجها لا يفترقان إلا وقت النوم فقط.
مع انتهاء سنوات الدراسة الثانوية، جاء موعد الفراق، كان موعدا حزينا رغم تعلقهما بأحلام وآمال فاقت سنوات عمرهما التي لم تتجاوز الستة عشر عاما، كان محمد يرغب في أن يكون طبيبا، فيما أراد أيمن أن يكون مهندسا.. وقد حصل كلاهما على مراده.
تفرقت بهما دروب الحياة، كلا ذهب في طريقه، حاولا بكل قوة أن يحفظا صداقتهما من عداء الزمن، في تلك الأعوام لم يكن الحصول على التليفون أمرا باليسير، كان التواصل وجها لوجه، الزيارات المنزلية وجلسات المقاهي، والتسكع في شوارع القاهرة.. كل ذلك ذهب دون عودة بنفس القوة.
بعد مرور نحو 34 عاما بالتمام والكمال، كان اللقاء الأول بين الصديقين اللذين فرقتهما الطرق والأحلام مثلما جمعتهما، أصبح الطالب محمد أبو حجازي، أستاذ طب المخ والأعصاب كلية طب المنصورة، والطالب أيمن فهمي مهندسا في إحدى كبرى الشركات.
يحكي أبوحجازي: «منذ تخرجنا من مدرسة المتفوقين سنة ١٩٨٦، والتحق كل من بكلية مختلفة فى جامعة مختلفة تدريجيا انقطع التواصل بيننا، واقتصر غالبا على ابناء المحافظة الواحدة بل والمدينة الواحدة، حيث إن خريجى المدرسة كانوا من مختلف محافظات الجمهورية، لم التق صديقي أيمن منذ ذلك الحين».
كما لمواقع التواصل الاجتماعي سيئاتها لها حسناتها، إذ مثل دخول الإنترنت إلى مصر فرصة لجمع شمل أصدقاء الطفولة مرة آخرى، يقول أبوحجازي: «فى سنة ٢٠١٠ وعند بداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعى حاولنا تجميع بعضنا البعض من نفس الدفعة فى مجموعة على الفيسبوك. ومجموعة أخرى على الواتس آب ونجحنا بفضل الله إلى حد ما وفى تلك الأثناء او بعدها بقليل تم إنشاء جروب على الفيس بوك وجمعية خريجى مدرسة المتفوقين التى عملت ومازالت تعمل جاهدة على تجميع أكبر عدد من الخريجين والتقارب والتعارف بين الدفعات المختلفة من الخريجين وساعدت فى إعادة تفعيل يوم الخريجين والتقاء الأجيال من خريجى المدرسة».
في أعقاب التخرج من الجامعة ذهب كل منهم في طريق مختلف، سافر دكتور محمد أبوحجازي إلى الخارج للعمل، فجمعتهما صفحات مواقع التواصل الاجتماعي: «تقابلنا فقط عبر صفحات الإنترنت ولم نلتق قبل ذلك منذ تخرجنا من المدرسة حتى فى لقاءات خريجى الدفعة غير الدورية بالقاهرة والتى يعلن عنها فى مجموعة واتس آب الدفعة».
كأن اللقاء كتب أن يكون في أحد أكثر الأماكن محبة في قلوب الصديقين، إذ كتب المهندس أيمن أشرف أنه ينتوي الذهاب إلى مكة خلال الأيام القليلة المقبلة، تلقى الدكتور أبوحجازي الخبر بسعادة غامرة، فهو يقيم منذ فترة في المملكة العربية السعودية، لذا حانت الفرصة أخيرا أن يجمع الله شملهما.
يقول أبوحجازي: «التقيته هذه المرة عندما علمت من خلال صفحته الخاصة على الفيسبوك أنه في زيارة إلى مكة يقوم بآداء العمرة وانا أعمل بالمملكة السعودية قريبا من مكة، حينها على الفور تواصلت معه ورتبت هذا اللقاء».
هناك العديد من الذكريات المحفورة فى ذاكرة الصديقين، منذ دخولهما المدرسة، ذكريات فى قاعات الدراسة ومعامل ومدرجات المدرسة، يقول أبوحجازي: «الذكريات الأكثر رسوخا فى ذاكرتنا فى مبنى القسم الداخلى بالمدرسة والذى كنا فيه زملاء وأصدقاء وأخوة وتعايشنا فيه لمدة ٣ سنوات كأسرة واحدة نأكل سويا ونذاكر سويا ونأكل سويا ونتعبد سويا ونصوم سويا ونفطر سويا مما عمق العلاقة بيننا، ويالها من سعادة حينما استطعنا ان نعاود التواصل بعد غياب جاوز الربع قرن». 30 دقيقة تزيد أو تنقص كان اللقاء الذي جمعهما في الحرم النبوي، ضحكا سويا على ذكريات الطفولة والمراهقة، عن محاولات التمرد، عن السنوات التي ضاعت في اللهث وراء الحياة، عن محبة بقيت محفورة في وجدانهم رغم مروره السنوات واحدة تلو الآخرى.