صلاح حافظ يكتب: حسن الإمام المفترى عليه
هاجم النقاد بشدة المخرج حسن الإمام “رحل في مثل هذا اليوم 29 يناير 1988” حتى إنهم وصفوه بمخرج الراقصات والعوالم بعد أن قدم أفلام شفيقة القبطية وقصر الشوق وبين القصرين وغيرها، ووصفه النقاد بأنه السبب في تدهور أحوال السينما المصرية.
وفي مجلة روز اليوسف عام 1968 كتب الكاتب الصحفي صلاح حافظ مقالا يدافع فيه عن مخرج الروائع حسن الإمام قال فيه: لا أدري لماذا اعتادت صحفنا ونقادنا أن تعلق آثام السينما المصرية جميعها على شماعة حسن الإمام، قد يكون هو نفسه مسئولا إلى حد ما.
فالمخرجون المؤمنون بأن الفيلم سلعة تجارية يحرصون في العادة على إخفاء هذه العقيدة عندما يتحدثون إلى الصحف، كما يحرصون على تغليف أفلامهم بأغلفة فلسفية ومبررات فكرية تخفي سوءاتها.
أما حسن الإمام منذ فيلمه الأول "ملائكة جهنم" عام 1946 وهو لا يحاول أن يخفي شيئا لا في أفلامه، ولا في تصريحاته، ونظرية الفيلم التجاري في أعماله صفة صريحة مباشرة تغري الكتاب أن يتخذوا منه إماما لهذه الطريقة وشماعة يعلقون عليها أخطاءها.
إن النظرية التي ترى الفيلم سلعة ليست صادرة عن حسن الإمام وإنما مصدرها وصاحبها وفارضها هو النظام الاجتماعي. فالسينما ولدت أصلا صناعة، وأول مؤسسة كبيرة لإنتاج الأفلام في مصر أنشأها بنك مصر وكافة الذين مولوا السينما قبل الثورة كانوا رجال اعمال ومال، وعندما جاءت الثورة كان يقال عن السينما إنها الصناعة الثانية بعد النسيج.
وأرى أن السينما تكون في أزمة يوم تتعثر أحوالها المالية، وتكون مزدهرة يوم تغزو الأسواق الأجنبية، وأقامت مؤسسة السينما حفل تكريم للمخرج حسن الإمام لأنه وفر مبلغا من المال من ميزانية فيلم "قصر الشوق".
إذن فتجارية السينما واقع اجتماعي واقتصادي في بلادنا، واقع لم يصنعه حسن الإمام وإنما هو فقط يعترف به ويرضخ لمقتضياته ويحصل على جوائزه. أولى من الهجوم على حسن الإمام أن نواجه هذا الواقع ذاته وأن ندرس بصراحة وشجاعة، مسئولياتنا عنه ومسئوليتنا بالتحديد أننا لم نقرر بعد هل السينما صناعة أم ثقافة وهل الفيلم سلعة هدمها الربح أم رسالة هدفها أن تبلغ الناس.
إننا نهرب من السؤال عادة بزعم أن الفيلم الجيد يؤدي الهدفين معا، وهو زعم صحيح لكنه ليس كل الحقيقة، لأنه ما من هدفين متلازمين في البناء إلا وتمتع إحداها بالصدارة وكثيرا ما يتوقف تحقيق الهدفين على تحديد أيهما الأهم.
سمير صبري: العمل مع فريد شوقي في غاية المتعة | صور
والذي يحدث في النهاية هو أننا نتكلم عن السينما كثقافة ولكن نعاملها كصناعة، وإذا كان حسن الإمام فهم القضية فلماذا نفتري عليه.