صفقة القرن هدية ترامب "المفخخة" لـ"نتنياهو" | تقرير
صفقة القرن تشمل ضم غور الأردن لإسرائيل وانتزاع اعتراف فلسطيني بالقدس عاصمة للاحتلال.
مطالب بتدخل القاهرة لتوحيد الفصائل الفلسطينية وتحذيرات من انتفاضة كبرى بعد الإعلان عن التفاصيل.
أيمن الرقب: الفلسطينيون وحدهم يمكنهم إفشال الصفقة عن طريق الوحدة بينهم وإلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال.
حالة من الترقب يعيشها العالم بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم الإثنين، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنشر خطتها للسلام في الشرق الأوسط، والمعروفة باسم «صفقة القرن» في تمام الساعة الـ 17:00 بتوقيت جرينيتش (السابعة مساءً بتوقيت القاهرة)، غدا الثلاثاء.
ترامب يعلن تفاصيل خطة السلام في الشرق الأوسط غدًا
صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، وصفت إعلان ترامب عزمه نشر «صفقة القرن» بأنه بمثابة «هدية القرن» لنتنياهو، لعدة أسباب أهمها أن الكنيست سيجرى الثلاثاء تصويتا مصيريًا على طلب نتنياهو بالحصانة من المحاكمة بسبب جرائمه المزعومة بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، فيما أشارت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إلى أن الخطة المزمع الإعلان عنها ستسمح بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن ومستوطنات فى المنطقة «ج» بالضفة الغربية والخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية لإسرائيل بموجب اتفاق أوسلو المبرم بين الاسرائيليين والفلسطينيين فى عام 1993.
نتنياهو: خطة السلام الأمريكية ربما تكون فرصة القرن
وفى نفس السياق، قال بركات الفرا، سفير فلسطين السابق بالقاهرة: إن «توقيت إعلان الرئيس الأمريكى صفقة القرن يرتبط بشدة بمحاكمته من قبل الديمقراطيين فى الكونجرس، بتهمة السعي بطريقة غير مشروعة للحصول على مساعدة من أوكرانيا لحملة إعادة انتخابه، وكذلك إساءة استخدام السلطة لمنع أوكرانيا من الحصول على مساعدات أمريكية بهدف الضغط عليها لفتح تحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذى يتصدر حاليا سباق الترشيح الرئاسى للحزب الديمقراطى لعام 2020.
3 أسباب ترعب إسرائيل حال إعلان ترامب لـ " صفقة القرن”
وأوضح سفير فلسطين السابق بالقاهرة أن ما يجرى من قبل ترامب يعد محاولة للتغطية على مجريات المحاكمة والاتهامات الموجهة إليه، وبالتالى قرر الإعلان عن ما يسمى بـ«صفقة القرن»، وأرسل دعوة لـ«شهود الزور» رئيس حكومة تسيير الأعمال بنيامين نتنياهو وبينى جانتس، رئيس حزب أبيض أسود ورئيس الأركان الإسرائيلى السابق، للحضور إلى واشنطن وعقد اجتماعًا معهما من أجل بحث تفاصيل الخطة، ووجه تلك الدعوة لهما نائب الرئيس الأمريكى خلال زيارته للقدس.
كما أشار «الفرا» إلى أن «إعلان تفاصيل صفقة القرن سيتوقف على ما سيتم الاتفاق عليه بين ترامب ونتنياهو جانتس، فإذا توافق معهم على الرؤية الأمريكية حينها سيعلن الرئيس الأمريكى تفاصيل الخطة بالكامل، أما فى حال لم يتم الاتفاق فسيكون الحديث حول الخطوط العريضة فقط والتى لطالما تحدثت الإدارة الأمريكية عنها دون إعلان عن ملامح واضحة، ويحرص من خلالها على إلهاء المجتمع الدولى والعربى والفلسطين بكلام الإنشاء الذى يواصل الحديث عنه».
بينهم صفقة القرن.. ترامب يطلق قنابل دخان تاريخية للتشويش على محاكمته
ولفت إلى أنه فى حال شمول صفقة القرن إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بضم غور الأردن من المقرر أن تنطلق انتفاضة كبرى، فبعد تلك الخطوة لن يتبقى أمل للشعب الفلسطينى فى إن تكون له دولة مستقلة عاصمتها القدس، فالغور تمثل 30% من الضفة الغربية، وهى المنطقة الخصبة فى فلسطين، وتتمتع بمناخ مناسب وموارد مائية ضخمة، وتشتهر بزراعة التمور والعنب والتوابل التى يتم تصديرها إلى الأسواق العالمية المختلفة، مما سيتسبب فى كارثة للشعب الفلسطينى حال ضمها مع عزل القدس.
وطالب «الفرا» بضرورة وجود رد فعل عنيف من جانب الشعب الفلسطينى على تلك التوجهات الأمريكية الإسرائيلية، موضحًا أنه فى حال لم يتدخل يتدخل المجتمع الدولى ويوقف هذه المهزلة، فبالتأكيد سيكون هناك ردا قويًا للغاية من جانب الشعب الفلسطينى ولن يتوقع أحد موعد انطلاق الموجة الغاضبة، مشددًا على أن المخطط الإسرائيلى لن يمر مرور الكرام وسيكون رد فعل قوى جدا من الشعب الفلسطينى وبالأخص فى الضفة الغربية.
من جانبه، أوضح الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح وأستاذ العلوم السياسية، أن «تحديد الإدارة الأمريكية التوقيت الحالي للإعلان عن صفقة القرن ليس عشوائيًا، وإنما لمنح طوق النجاة لحليفهم الأساسي بنيامين نتنياهو والذي عجز في الانتخابات الماضية في أبريل وسبتمبر الماضيين عن الوصول إلى تشكيل حكومة لدولة الاحتلال، وبحسب استطلاعات الرأى هناك فإن هناك محاولة أمريكية لمنع تكرار سيناريو أبريل وسبتمبر الماضيان وإنقاذ نتنياهو».
دولة بلا سيادة أو جيش.. تسريبات جديدة لبنود «صفقة القرن»
وأضاف «الرقب» أن «دعوة رئيس حزب أزرق أبيض ورئيس حكومة تسيير الأعمال يتزامن مع التصويت على منح حصانة لنتنياهو من الملاحقة القضائية، وكذلك تصويت الكنيست الإسرائيلى على ضم غور الأردن»، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية تتدخل فى الانتخابات الإسرائيلية بشكل واضح، الأمر الذى جرى فى أبريل حينما اعترف ترامب بأن مرتفعات الجولان جزءًا من إسرائيل، وكان ذلك القرار بمثابة انتصارا كبيرا لنتنياهو وأثر بشكل مباشر على الرأى العام الإسرائيلي، كما أكد أن ما تبقى من صفقة القرن بعد إعلان الشق الاقتصادى ومسألة اللاجئين، يمكن وصفه بـ «الرتوش الأخيرة» والتى تشمل محاولة انتزاع اعترف فلسطينى بالقدس عاصمة للاحتلال، والضغط على الفلسطينيين لقبول ذلك، وضم غور الأردن للسيادة الإسرائيلية، والتى تعد السلة الغذائية للفلسطينيين، وتقع 85% منها بالفعل تحت السيادة الإسرائيلية و15% فقط تحت السيادة الفلسطينية وتتمثل فى منطقة أريحة، ويسكنها نحو 65 ألف فلسطيني، بينما المستوطنات الإسرائيلية هناك يسكنها 9 آلاف مستوطن فقط، لافتًا إلى أن ضم غور الأردن أصبح الهدف الرئيسى للاحتلال، وفى اتفاق أوسلو كان الحديث أن تعرض غور الأردن للإيجار وليس أن تعود للفلسطينيين ولم يطرح أن تكون تلك المنطقة فلسطينية بالأساس.
وأوضح أن الإدارة الأمريكية ترى أن الفرصة مواتية لتحقيق مطالب الاحتلال الإسرائيلى ولن تتكرر تلك الفرصة فى الحقبة المقبلة خاصة وأن الجمهوريين قد يغادرون البيت الأبيض العام الحالي، ولذلك يسعون بجد من أجل أن يحققوا للاحتلال ما يريد، لافتا إلى ظهور السفير الأمريكى لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، بصورة مزورة للبلدة القديمة فى القدس المحتلة، أزيلت منها قبة الصخرة المشرفة ووضع مكانها الهيكل المزعوم، معتبرا أن ذلك دلالة لأنهم يسعون لتنفيذ ذلك ويستغلون انكفاء بعض الدول العربية على ذاتها وانشغال العالم فى قضايا أخرى مثل الملف الإيرانى من أجل الانقضاض على القضية الفلسطينية؛ ليحققوا أطماعهم، و«نخشى أن يهدم الأقصى وأن يبني الهيكل دون أن يحرك ذلك ساكنًا».
رئيس الوزراء الفلسطيني: نرفض "صفقة القرن".. وأمريكا ليست وسيطا نزيها
وأكد أن صفقة القرن لن تمرر دون أن يوافق عليها الفلسطينيون، والفلسطينيون وحدهم هم من يمكنهم إفشال الصفقة عن طريق تحقيق الوحدة بينهم وإلغاء التنسيق الأمنى مع الاحتلال، وعدم الالتفات للضغوط الأمريكية فى ذات الشأن، موضحًا أن الاحتلال والإدارة الأمريكية لن يمكنهم إلقاء من 5- 7 مليون فلسطينى فى البحر من المتواجدين على أرض فلسطين التاريخية فى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، خاصة وأنه على الأرض لا يوجد فرق فى عدد السكان، فاليهود لم يمكنهم حتى الآن أن يتجاوزوا أعداد الفلسطينييين على الأراضى التاريخية، والذين يقترب عددهم من 7 ملايين مواطن، لذلك فإن الديموغرافية تلعب دورًا، ونراهن على الانتصار على المدى البعيد بشرط عدم الرضوخ للابتزاز الأمريكي.
كما ألمح إلى أن الإرادة السياسية غائبة عن الانتفاضة وهناك انقسام فلسطينى ومغادرة فصائل مهمة عن منظمة التحرير الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، مؤكدًا أن توحيد البيت الفلسطينى يتطلب دعوة من جانب القيادة السياسية المتمثلة فى الرئيس محمود عباس أبو مازن للفصائل الفلسطينية من أجل الاجتماع فى القاهرة، مشددا على أن مصر قادرة لإعادة الفصائل الفلسطينية إلى طريق الصواب.