الغش بالبلاك بيري وسيلة جديدة تؤرق مسئولي التعليم.. الوزارة تستعين بالأوقاف لترهيب الطلاب من الغش..الطلاب يستعملون التكنولوجيا في تحمل ما عجز عنه العقل..الغش سلوك مرضي لتحقيق الذات
مع محاولات وزارة التربية والتعليم، السيطرة على امتحانات الثانوية العامة التي انطلقت السبت الماضي ومنع حالات الغش التي باتت ظاهرة في كل عام، تتجدد ابتكارات الطلاب، التي كان آخرها الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة كـ "البلاك بيري" فيما بات يعرف بـ"الغش الإلكتروني".
وبدأ 418 ألف طالب وطالبة مقيدين بالصف الثالث الثانوي بجانب عشرة آلاف من الراسبين في الصف الثاني الثانوي السبت الماضي، امتحانات الثانوية العامة (المرحلة الوسطى من التعليم المؤهلة لدخول الجامعة) بمرحلتيها الأولى والثانية في مصر، والتي تستمر حتى 29 من شهر يونيو الجاري.
ويشارك في مراقبة هذه الامتحانات 49 ألف ملاحظ ومراقب، فيما يجري تأمينها من قبل عناصر الشرطة، حسب وزارة التربية والتعليم، وذلك في إجراءات لمنع كافة أشكال طرق الغش.
واستعانت الوزارة بآراء لعلماء دين من أجل حث الطلاب على عدم الغش.
فقد نشرت على موقعها الالكتروني كلمة لوزير الأوقاف طلعت عفيفي بعنوان "الغش مفسد للعباد ومخرب للبلاد"، قال فيها إن " الإسلام حرم الغش بكل صوره وأشكاله".
كما نشرت الوزارة ما أسمتها "جزاءات لمرتكبي حالات الغش"، والتي تضمنت إلغاء امتحان الطالب في كافة المواد الدراسية في حال الغش أو محاولة الغش أو المساعدة عليه.
لكن تدابير الوزارة وتحذيراتها لم تمنع وقوع حالات الغش، خاصة في ظل انتشار وسائل الاتصال الحديثة والمتطورة.
وأمس الإثنين أعلن رضا مسعد، رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، عن وجود سبع حالات لطلاب حاولوا الغش عن طريق الهاتف المحمول، على مستوى البلاد، حسب الموقع الالكتروني للوزارة.
وبجانب الهاتف المحمول كانت مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" وسائل جديدة لدى الطلاب للغش.
وتناقلت وسائل إعلام محلية عن مسعد قوله، إن وزارة التربية والتعليم تحاول السيطرة على مواقع الكترونية متخصصة في "الغش الالكتروني"، لافتًا إلى أنها أغلقت أكثر من "مجموعة" على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، تقوم بترويج "الغش" في امتحانات الثانوية العامة.
وتابع: "كل يوم هناك جروب غش على الفيس بوك، لكننا وراء مؤسسيها بالمرصاد".
ولفت مسعد إلى أن فريقا متخصصا بالوزارة يعمل على السيطرة حاليا على المواقع الالكترونية التي تروج للغش.
كما تم ضبط عدد من حالات الغش باستخدام جهاز "البلاك بيري"، الذي لعب دورا رئيسيا في انتشار الغش بامتحانات الثانوية العام الماضي، حسب وسائل الإعلام المحلية.
ومع انتشار هذه الوسائل الحديثة في الغش لم تختف وسائل تقليدية طالما لجأ إليها الطلاب في سنوات سابقة، منها "الكتابة على الجسد (الأيادي والأذرع والسيقان)"، "الكتابة على مقاعد الامتحانات"، و"نسخ أوراق صغيرة عبر آلات التصوير واخفائها في الملابس".
ولهذه الطريقة الأخيرة مسميات مختلفة بالدول العربية ففي مصر تسمى "برشامة"، في حين يسميها المغاربة "الحروزا" أو "الحجابات".
وللغش وسائل أخرى في مصر، منها " استخدام مكبر صوت " من خارج مراكز الامتحانات في تلاوة الاجابات على الطلاب، ومنها ما يحدث "تحت تهديد السلاح"؛ حيث يهددون مراقبي الامتحانات بالسلاح في حال منعهم من الغش، حسب وسائل إعلام محلية.
و في الجزائر، كشفت نقابات القطاع التعليمي أن عدة مراكز لامتحانات الثانوية العامة – البكالوريا- شهدت عمليات غش واسعة في مادة الفلسفة، فضلا عن احتجاجات بسبب عدم وجود السؤال محل الاختبار في المقرر الدراسي.
وأجريت بالجزائر في الفترة بين الأول والخامس من يونيو الجاري امتحانات البكالوريا بمشاركة أكثر من نصف مليون طالب حيث سجل فيها غش بمراكز امتحان قالت الوزارة إنها محدودة.
وأعلن وزير التربية الجزائري عبد اللطيف بابا أحمد، الأحد فتح تحقيق في تهم بحدوث عمليات غش في مراكز امتحان البكالوريا، وسط مطالب من النقابات بإلغاء الامتحان وإعادته.
فقد طالب المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في بيان "بإلغاء اختبار مادة الفلسفة بالنسبة لشعبة آداب وفلسفة، الذي فقد كل شروط المصداقية".
وفي تونس لجأت وزارة التربية إلى تركيز كاميرات مراقبة في مراكز الامتحانات التي انطلقت في الخامس من يونيو /حزيران الجاري وحتى 12 من الشهر ذاته، لتفادي عمليات الغش والتسريب.
ويتخوّف التونسيون من تسريب مواضيع الاختبارات التي ستعلن نتائجها يوم 22 من الشهر الجارى، كما حدث السنة الماضية.
وفي السعودية، ابتكر أحد طلاب المرحلة الثانوية أسلوب جديد للغش بالاختبارات النهائية لمادة لغتي (اللغة العربية) لهذا العام، حيث قام بطباعة نصوص شعرية وأدبية ومعاني كلمات ومعلومات عن الشعراء على لفافة الورق المحيطة بزجاجة مياه معدنية.
ويقول محمد محمود نجيب، وهو خبير في علم النفس السياسي بجامعة حلوان المصرية، إن الغش "سلوك مرضي لتحقيق الذات"، مضيفا أنه "سلوك منحرف وضد المجتمع من أجل تحقيق انجازات وأهداف بشكل غير مشروع وغير اخلاقي وغير قانوني".
وعزا نجيب هذا السلوك خصوصا إلى ما اسماه "التدهور المجتمعي" في الدول العربية التي "خضعت لسنوات طويلة من الديكتاتورية"، بالإضافة إلى غياب العدالة بين الناس، ما يدفع البعض للجوء إلى أي وسيلة لتحقيق ذاتهم.