رئيس التحرير
عصام كامل

باحثون: "فاس" الوريث الشرعي للأندلس والوجه المشرق لثقافتها

فعاليات منتدىفاس..
فعاليات منتدى"فاس.. إضفاء روح على العولمة"-أرشيفية

أكد باحثون مغاربة وأجانب اليوم الثلاثاء في إطار فعاليات منتدى "فاس.. إضفاء روح على العولمة" أن الأندلس كانت لها القدرة خلال العديد من مراحل تطورها التاريخي على خلق التعايش والتناغم بين مختلف الثقافات والديانات التي كانت تعيش فوقها قبل أن تنقلب الأمور في فترات تاريخية معينة إلى الانغلاق وتضييق الخناق على الفكر والعلم وما استتبع كل ذلك من رفض للآخر.


وأشاروا إلى أن كل الأشكال التعبيرية التي خلفتها هذه الحضارة من شعر وفلسفة وتصوف وعلوم ورقص وغناء عكست ذلك الفرح والانتشاء وكذا الحزن والمرارة التي رافقت التحولات والتغييرات التي طرأت على الثقافة الأندلسية.

وأكد الباحثون أن مدينة (فاس) تمثل بحق ذلك الوجه المشرق للثقافة الأندلسية باعتبارها احتضنت كل تلاوين هذه الحضارة وطورتها بأضافات ساهم فيها كتاب كبار ومتصوفة وشعراء ومنشدون..مشددين على أن مسئولية الأجيال الحالية هي الحفاظ على هذا الإرث التاريخي وصيانته وجعله رافعة للتنمية.

ويبحث المفكرون في (إضفاء روح على العولمة) على دراسة ومناقشة نقط الالتقاء بين ذلك التراكم التاريخي والحضاري الذي خلفته الثقافة الأندلسية وما اختزنته مدينة فاس من هذا الموروث باعتبارها الوريثة الشرعية للأندلس.

وحاول المتدخلون أن يتتبعوا تفاصيل هذا المشترك بين فاس والأندلس وجزئياته عبر الغوص في مختلف مناحي الحياة الفكرية والفنية والعلمية التي طبعت الضفتين خلال قرون عديدة، وكذا من خلال العادات والتقاليد والأسماء وحتى اللباس، وما خلفه المبدعون والفنانون والشعراء والفلاسفة والمتصوفة من متون تنضح بأشكال تعبيرية عكست التلاقح الحضاري بين الثقافات والديانات الثلاث.

ويرى الباحث والكاتب على بن مخلوف، أن أغلب العائلات التي انتقلت من الأندلس مع الهجرة، سواء كانت قسرية أو اختيارية، واستقرت بمدينة (فاس) حافظت على أسمائها الأندلسية أو بعضا منها إلى جانب صيانتها لموروثها الثقافي والفني من طرز ولباس ونوبات موسيقية وفن العيش الذي طورته بالأندلس التي كانت تعج في ذلك الوقت بالتيارات الفلسفية والفنية وكذا بثراء حضاري وفكري متنوع ومتعدد.

وقال إن "فاس" تظل هي الوريثة الشرعية للأندلس وحضارتها وتراثها متتبعا تمظهرات هذا الإرث في المناحي الفكرية والعقلية التي خلفها شعراء كبار وفلاسفة وكتاب وفنانون ولدوا أو عاشوا بمدينة (فاس) أمثال ابن باجة وابن رشد وابن عربي وغيرهم، مؤكدا أن هذا الفضاء الذي سقي بمزيج من العلم والفلسفة والقيم الروحية ولد حضارة غنية أنتجها هذا التمازج والتواصل الذي ظل قائما بين الضفتين.

فيما يرى الباحث مايكل باين أن دراسة حضارة الأندلس وما خلفته من إرث ثقافي وعلمي يعني بالأساس الدخول في حوار مع ثقافات وتيارات فكرية وحضارية متعددة ومتنوعة على اعتبار أن الحضارة الأندلسية اختزلت في ثناياها كل ما أنتجته البشرية من فكر وعلوم وحضارة منذ الإغريق مرورا بالبيزنطيين والرومان والقوط وصولا إلى الحضارة الإسلامية.

واعتبر أن هذا المزيج من العادات والتقاليد والحضارات والديانات التي عاشت في هذه البوتقة هي التي كرست قيم التسامح والانفتاح والعيش المشترك بين البشر باختلاف ألوانهم ودياناتهم وانتماءاتهم الثقافية والفكرية بمنطقة الغرب الإسلامي والذي لا يزال مستمرا إلى الآن.
الجريدة الرسمية