مهجة غالب: حديث الرسول «فإنِّى مُباه بكم الأمم» يساء فهمه .. والمباهاة لا تكون بأطفال الشوارع ( حوار )
تجديد الخطاب الدينى يمتد للدين المسيحى أيضا والإسلام والمسيحية تدعوان إلى التسامح وقبول الآخر
لسنا فى حاجة لتشريعات جديدة.. والزيادة السكانية والزواج المبكر أهم الملفات
تجديد الخطاب الدينى لن يتم فى يوم وليلة.. والعمل الفردى أبرز أوجه القصور
فى هذه الحلقة الأخيرة من سلسلة حوارات "فيتو" ضمن ملفها بعنوان "محنة الخطاب الدينى" تحاور الدكتورة مهجة غالب، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب، حيث أكدت أهمية المؤتمر العالمى «الخطاب الدينى بين التجديد والتبديد» الذى يرعاه الأزهر الشريف ورئاسة الجمهورية.
وشددت النائبة على ضرورة أن يتم تفعيل ما يخرج عن المؤتمر من توصيات، موضحة أن «تجديد الخطاب الدينى لا يكون بالكلام فقط، ولكن لا بد من تنسيق كافة الجهود بين الجهات المعنية المختلفة».
كما أشارت الدكتورة مهجة غالب، إلى أن تجديد الخطاب الدينى ليس مسئولية المؤسسات الدينية وحدها، وأنه يحتاج لتفعيل دور كل جهة على أكمل وجه.. وكان الحوار التالى:
*بداية.. من وجهة نظرك ما أهمية عقد مؤتمر عالمى لتجديد الخطاب الدينى؟
يجب التأكيد أولًا على أن تجديد الخطاب الدينى ضرورة لا غنى عنها، ومصر خطت خطوات جادة فى هذا الشأن، وعقد هذا المؤتمر يمثل أهمية كبيرة فى الوقت الراهن، لا سيما فى ظل ما نواجهه من بعض الأفكار المغلوطة فى بعض القضايا.
*بالحديث عن «الخطوات الجادة».. هل هناك نتائج فعلية على أرض الواقع؟
علينا التوضيح أن تجديد الخطاب الدينى ليس بالكلام فقط، كما أنه لن يتم فى يوم وليلة، لكن الأمر يتطلب تحديد الأولويات والملفات التى تحتاج لتجديد الخطاب الدينى، وبالفعل هناك نتائج ملموسة إلا أننا فى حاجة لمزيد من تنسيق الجهود بين الجهات المعنية.
*برأيك.. ما الموضوعات التى تحتاج لتجديد فى الوقت الراهن؟
يجب التركيز على الموضوعات التى تخدم الوطن وتتفاعل مع مشكلات المواطنين، إلى جانب العمل على وضع الحلول اللازمة لها، وعلينا التواجد بجوار الناس لمواجهة الشائعات الهدامة، ولا بد من التوعية بالأحداث التى تمس الوطن.
*وما القضايا التى تهم الوطن والمواطنين؟
على سبيل المثال القضية السكانية.. هناك العديد من الأفكار المغلوطة والأحاديث التى يساء فهمها فى هذا الشأن، مثلا ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: « "تزوجوا الودود الولود فإنى مكاثر بكم الأمم ، تكاثروا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة"»، والسؤال هنا.. هل المباهاة تكون بأطفال شوارع أو مسربين من التعليم أو مرضى؟! لأن المباهاة المقصودة هنا هى مباهاة بالشيء الجميل، والأديان السماوية جميعها جاءت لخدمة البشرية، ووجود الناس لعمارة الأرض، وكثرة الإنجاب بدون ضوابط تؤدى لمشكلات كبيرة وليست مدعاة للتفاخر والمباهاة.
*برأيك.. هل هناك قضايا أخرى تحتاج لتجديد خطاب دينى إلى جانب قضية الزيادة السكانية؟
بالفعل.. هناك ملف آخر لا يقل خطورة وهو «زواج الصغار»، والتطور الخطير فى هذا الشأن أنه أصبح لا يقف عند الزواج المبكر للفتيات لكن للذكور أيضا، وهذه الظاهرة التى انتشرت مؤخرا بشكل كبير، وعلينا تصحيح المفاهيم فى هذا الشأن، لأن الزواج المبكر لا يقف عند حرمان الولد أو البنت من الحصول على التعليم والخبرات الكافية، لكنه يحرمه أيضا من حقه فى الاختيار، وهو ما تترتب عليه بعد ذلك من مشكلات فى زيادة نسبة الطلاق وتشريد الأطفال وامتلاء ساحات المحاكم بقضايا الأسرة، وكل ذلك يهدد المجتمع، لذا لا بد وأن تركز موضوعات الخطاب الدينى على كل ما يمس حياة المواطنين.
*بشكل عام.. كيف يمكن تقييم ما تم فى الفترة الأخيرة من خطوات لـ«تجديد الخطاب الديني»؟
كما ذكرت.. تجديد الخطاب الدينى لا يتم فى يوم وليلة، كما أنه لا يمكن حصر ما تم من قضايا فى هذا الشأن، لكن علينا تحديد الأولويات، وكذلك الكل يجب أن يقوم بدوره إلى جانب المؤسسات الدينية سواء الإعلام أو المدارس والجامعات، وكذلك الأسرة التى يقع عليها دور كبير.
*هل تجديد الخطاب يقتصر فقط على الدين الإسلامى أم يشمل بقية الأديان السماوية؟
نحن نعيش فى دولة واحدة، وأى قضية يتم تناولها ووضع الحلول لها تمس أبناء الوطن بالكامل مسلمين ومسيحيين، وتجديد الخطاب الدينى لا يقف عند الدين الإسلامى فقط، ولكن فى الدين المسيحى كذلك، ويجب التركيز فى هذا الأمر على أهمية الوحدة الوطنية والترابط بين أبناء الوطن الواحد، لا سيما أن كلا الديانتين تدعوان إلى التسامح وقبول الآخر، وعلينا أن نستعيد المواقف المصرية بين أبناء الوطن الواحد وما حققه الترابط من نجاحات وانتصارات، خصوصا أن المستعمر قبل ذلك حاول اللعب بورقة الفتنة الطائفية ولم ينجح.
*بصفتك نائبا فى البرلمان.. هل يحتاج تجديد الخطاب الدينى لتشريعات معينة؟
لا يحتاج للتشريعات، لكن -كما سبق وأشرت- يجب التركيز على القضايا التى تهم المواطنين.
*وهل المؤتمرات وحدها تكفى لـ«التجديد»؟
المؤتمرات مهمة فى تجديد الخطاب الدينى لما تشهده من تقديم بحوث وأوراق عمل مهمة يكون لها مردود فى توصيف الأزمات ووضع الحلول لها، لكننا نحتاج إلى مزيد من التنسيق بين الجهات المختلفة المعنية بتجديد الخطاب الدينى.
*معنى ذلك أن هناك قصورا فى ملف التجديد الدينى وهو ما يتسبب فى عدم تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.. تعقيبك؟
القصور فقط فى غياب التنسيق على النحو المطلوب بين جميع الجهات المعنية بتجديد الخطاب الدينى، فضلًا عن بعض المؤسسات تعمل فى هذا الملف بشكل منفرد، ويجب التأكيد على أن العمل الجماعى هو أفضل السبل لتحقيق أفضل نتائج فى ملف تجديد الخطاب الدينى.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"