تراثنا الجمالى!
قرأت في نهاية الأسبوع الماضى ثلاثة مقالات في غاية الأهمية، لكل من د. مصطفى حجازى، ود. عبد المنعم سعيد، ود. عمرو الشوبكى تتحدث جميعها عن الأخطاء المهنية، والمنهجية الجسيمة التي شابت عمليات التطوير والإنشاءات التي تجرى حاليًا على قدم وساق في حيى(مصر الجديدة، والزمالك) العريقين
واللذين يعتبرهما الخبراء من الأحياء التاريخية القليلة الباقية في نطاق القاهرة الكبرى، من ذوات الطابع الخاص غير العشوائى، التي يجب أن تخضع أي عمليات تطوير فيها للمناهج والأساليب والآليات العلمية العالمية المتبعة والراسخة في هذا الشأن وهو ما لم يتم مراعاته مع الأسف بكل تأكيد
اقرأ أيضا: قبل أن يجرفنا الطوفان!
والحقيقة لا أدرى إلى متى سنظل في حالة جفاء مع العلم والأصول المنهجية الصحيحة، وتغييب منافعهما في التعامل مع جوهر الأشياء التي لا يجوز الهزل فيها.
في كل دول العالم المتقدم تخضع عمليات تطوير الأحياء والشوارع والمبانى ذات الطابع التاريخى لضوابط علمية وإجرائية صارمة، غير قابلة لأى حالة تعدٍ أو اختراق، لأنهم يعتبرون أن الحفاظ على طابعها ومميزاتها على مر الزمان هو واجب تاريخى أصيل، يحقق الصالح العام للبلاد، من حيث الحفاظ على إرثها الحضارى، ويعود في نفس الوقت بالنفع الشديد على جميع المواطنين.. لماذا نتعامل مع العلم في شأن جاد كهذا، وكأن له أضرارًا وآثارًا جانبية خطيرة لا يعلمها إلا القائمين على الشأن العام في بلادنا؟.. لماذا نغيب دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى في مثل هذه الأمور التي تعتبر من صميم وجوهر مسئولياته ونتعامل معه بمنطق "خيال المآتة"؟.
اقرأ أيضا: حكمة "إيسوب"
أرجو من جهات الاختصاص الحفاظ على البقية القليلة الباقية من تراثنا المعمارى التاريخى في القاهرة، والذي لا يقدر بثمن حتى لا يلحق بنظيره في الإسكندرية العريقة، التي دمرنا فيها ببعض أعمال التطوير العشوائى إرثًا جماليًا يستحيل تعويضه، أفقد هذه المدينة الجميلة سحر طابع واجهتها المائية الخلابة التي تميزت بها طوال تاريخها التليد.
اقرأ أيضا: الآن وإلا!
يا سادة لا تفقدوا الأماكن الأصيلة عبقها الجوهرى الذي ارتبط الناس به بدعوى التطوير، وافتحوا عقولكم وبصائركم، فليس بالعيون وحدها نرى جمال الأشياء، فقد تغادر أقدامنا هذه الأماكن، ولكن تظل قلوبنا معلقة بها كما هي.