"القضاء الإدارى" يُلقن مرسى درسًا
ما قالته محكمة القضاء الإداري، الدائرة الأولي في حكمها الصادر في ٢٨مايو الماضي في دعوي وقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري، الذي أصدره محمد مرسي في ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢ واحدة من أكبر المواجهات في القضاء المصري للمدعو محمد مرسي.
المحكمة أوضحت أن الدستور هو القانون العالي للدولة، الذي ينشئ السلطات العامة ويحدد اختصاصاتها، ولا تملك أي سلطة من السلطات التي أنشأها الدستور أن تستحدث دستورا جديدا، أو تعادله في دستور قائم إلا استنادا إلى نص دستوري يمنح هذا الاختصاص.
وقال لي صديقي عاطف فاروق، المحرر القضائي المعروف إن هذا الحكم جاء صفعة قضائية على وجه النظام، حيث إن المحكمة قد أكدت أن اختصاصات رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة وحتي تاريخ العمل بالدستور الصادر في ديسمبر ٢٠١٢ قد حدده الإعلان الدستوري الصادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مارس٢٠١١، وهو الإعلان الذي أقسم مرسي على احترامه حين أقسم على احترام الدستور والقوانين عند توليه السلطة.
ويبدو أن المحكمة أرادت أن تذكر مرسي بما فعله، عندما قالت إن رئيس الجمهورية أصدر في نوفمبر ٢٠١٢ ما يسمي بـإعلان دستوري تضمن تحصين قراراته، والعدوان على اختصاص القضاء، والتدخل في القضايا المنظورة أمام المحاكم، والمساس بحيدة الأحكام، وإهدار حصانة القضاة، ثم قرر فيما سمي إعلانا دستوريا صدر في الشهر الثاني بإلغاء الإعلان الدستوري السابق مع بقاء ما ترتب عليه من آثار، واستحدث بعض الأحكام الخاصة في إعادة المحاكمات وبالجمعية التأسيسية… الخ.
وقالت المحكمة بكل وضوح، إن ما ورد بالإعلانين يصادم المبادئ الدستورية المستقرة، ويشكل عدوانا على حقوق وحريات المواطنين، وعلي استقلال القضاء وحصانة القضاة، إضافة إلى أن سيادته اغتصب السلطة التأسيسة، بإصداره لهذين الإعلانين المفتقرين إلى صحيح الوصف بأنهما تشريعان دستوريان، أو تشريعان عاديان، وإنما حقيقة وصفهم أنهم عاملان إداريان يتخذان شكل القرار الإداري.
وهكذا تصدت محكمة القضاء الإداري في هذا الحكم لمحاولات إيهام الجماهير بأن مرسي كان ينتج إعلانات دستورية، بينما واقع الأمر الذي كشفته المحكمة يؤكد أن مرسي ومستشاريه ومساعديه لم يقدموا للأمة إلا الصراخ والعويل، وربما شعرا من ذلك النوع الذي يردده الساخرون «الشمش شمس والقمر قمر والأرض أرض والسماء سماء».
وهكذا يتبين للعامة والخاصة أن ما ورد في حكم الدائرة الأولي لمحكمة القضاء الإداري والخاص بوقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر ٢٠١٢، إنما هو شهادة جديدة على أن الجماهير المصرية لا تتحرك إلا في طريق الوعي الكامل، وأن وقفتها ضد هذه الإعلانات كانت صائبة، ولا تثبت الأيام إلا أن محمد مرسي منذ أن جاء لم يقدم شيئا قانونيا، ولا دستوريا صحيحا.. ربما فقط يكون تحركه إلى مسجد الشربتلى غير جائز دستوريا.