تحية تقدير وشكر ومحبة للدكتورة باكينام!
آثرت عدم الانفعال والكتابة عن لقاء مرسي بمن أسموهم القوى الوطنية، لمناقشة مخاطر سد النهضة، فور انتهاء اللقاء الكارثي الذي نافس كبار كتاب الكوميديا في أطروحاته لنخبة من المفكرين، من أمثال الأستاذ الدكتور أيمن نور، بالمناسبة أنا شخصيا لا أعرف تخصص سيادته إلا إذا كان تخصص تحليل، حيث بدا ذلك واضحا من قدراته الفذة في تحليل الموقف المتأزم في إثيوبيا.
أما الذي لفت انتباهى فليس تحليل أيمن نور، أو أفكار السادات اللولبية، أو أطروحات الأخ مجدي حسين السرية، وإنما ما لفت انتباهي وراعني بالفعل هو الهجوم الغاشم الذي تعرضت له الدكتورة باكينام الشرقاوى محررة المرأة في العصر الحديث.. وباكينام لمن لا يعرف هو اسم فارسى مكون من جزأين، الأول « باك» وهذا ليس له علاقة بأن يكون موقعك في ملعب كرة القدم باك رايت، أو باك لفت، وإنما يعني بالفارسية الطهر، أما كلمة «نام» فلا علاقة لها بالنوم في العسل، أو النوم في البصل، وإنما معناه بالفارسية «اسم» أي أننا إذا أردنا أن نترجم اسم الدكتورة باكينام الشرقاوى فإن اسم سيادتها يصبح "ذات الاسم الطاهر".
إذن نحن أمام سيدة اعترفت لها اللغة الفارسية بالطهر، والنبل، وحسن السمعة، وهو ما كان يفرض على كل من تجرأ وهاجم الست باكينام أن يلتزم الصمت، بديلا عن الهجوم، أو على أقصى تقدير أن يعرف قدر المرأة التي يهاجمها. . والطريف أنهم هاجموها على ما أحسنت فيه، فمنذ ظهرت الدكتورة باكينام على ظهر الحياة السياسية، أو على رأسها، باعتبارها من كبار مساعدات الريس حنتيرة، لم تقدم شيئا تشكر عليه قدر ما قدمته من عمل وطنى خالص يوم اللقاء الفضيحة، بين المدعو محمد مرسى والمدعوين من القوى المهلبية والمسماة حسب وصف الرئاسة القوى الوطنية.
قالوا إن الدكتورة باكينام الشرقاوى أذاعت اللقاء على الهواء مباشرة دون أن تخطر السادة الحضور بأنهم على الهواء مباشرة، وهو ما نراه عملا وطنيا نادرا، لا تضاهيه أعمال سوى تلك التي قامت بها المرأة المسلمة في صدر الإسلام، عندما كانت تضمد جراح المقاتلين وتغسل عنهم آلامهم.
نعم ما قامت به الست باكينام هو عمل بطولى فريد، يجب أن تشكرها الأمة عليه، وأحسبه من ذلك النوع من الأعمال التي تعيش طويلا، فقد أرادت الست أن تكشف للأمة مرضها الحقيقى، ومكامن ضعفها وأسرار وهنها في لقطات مكثفة، ونادرة، ومؤثرة، وعميقة، وتلقائية.
لقد أرادت الدكتورة باكينام أن تقدم الناس للناس بلغة البساطة والواقع، ودون تدخل منها أو محاولة تشويه، لقد قدمت لنا نخبة مريضة بعلة الكلام، دون أن تكون لديهم رؤى، وقدمت لنا بعضا من هؤلاء المصابين بداء الاستحمار، وقدمت للناس صورة واقعية لمفكري العصر، وسياسيي العصر، وقادة العصر، دون أن تحذف مشهدا واحدا، مما يعني أن اسمها على مسمى كما يقولون في عاميتنا.
ومن حسن إدارتها للموقف أنها لم تخطر الريس حنتيرة بأن سيادته على الهواء، فقدمته لنا على طبيعته -كما هو- ساذجا، سطحيا، يصل إلى حد العبيط أحيانا والعته في أحيان أخرى.
شكرًا للدكتورة باكينام الشرقاوي التي لم تبخل على زملائها المواطنين بأن تقدم لهم الحقيقة الدامغة، التي تؤكد عفن النظام الجديد، وعفن معارضيه ونخبته وأصدقائه وأعدائه، وشكرا لها لأنها استطاعت بعبقرية فذة أن تقدم للمصريين في بيوتهم مسرحا كوميديا، وواقعا فشل في تقديمه كبار المخرجين والفنانين على مدى التاريخ كله، شكرا لذات الاسم الطاهر على روعتها في الأداء، بعدما كشفت عورات الجميع، وأعلنت قرب انتهاء اللقاء للسادة الممثلين، ومن بينهم الريس حنتيرة، أنهم على الهواء مباشرة، وعليهم أن يواجهوا جماهيرهم وأتباعهم الذين رأوهم رؤى العين وهم عرايا تماما.