رغم الرحيل.. مجموعة الكاتب محمد حسن خليفة تخلد ذكراه بين زوار معرض الكتاب| صور
البعض يقدس القراءة.. يخطو مسرعا نحو أية خيط صغير يربطه بمفردات الأدب وجماليات الصورة.. أما الجميع فيقدس الموت ويمنحه المساحة الكافية التي يستحقها وربما أكثر بقليل!
مساء الخميس الماضي الذي وافق اليوم الأول للدورة الحادية والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، كان هناك مجموعة قصصية لكاتب شاب لم يتجاوز عمره الـ٢٣ عاما، حملت عنوان "إعلان عن قلب وحيد"، حملت طابعا خاصا واستطاعت بين آلاف الإصدارات التي تخرج إلى النور في هذا المحفل الثقافي الكبير، أن تأخذ مكانتها فقط لأن كاتبها "مات" فجأة بينما كان يحتفي بخروجها إلى النور!، فبدا إنه لموت الفجأة قدسية مضاعفة.
"محمد كان موهبة أدبية مباشرة وقوية لم يكتب لها الكمال"، بين يديه يحمل يقف محمود خلف أمام أحد أرفف جناح دار الكنزي للنشر والتوزيع بصالة ١ في معرض الكتاب بالقاهرة الجديدة، ممسكا بمجموعة الكاتب الراحل محمد حسن خليفة، يتجول بين صفحاتها ويتصفح السبع عشرة قصة التي تحتويها، يستوقفك للوهلة الأولى عنوان قصة منهن "لحظة في حضن الحياة"، ربما يمكننا أن نطلق على حياة هذا الكاتب الشاب هذا العنوان.
محمود كان صديق شخصي لخليفة، حرص على أن يشتري المجموعة فور صدورها، يقرأها بعيون القارئ النهم للأدب ليخبر صديقه عما وجده من مميزات وعيوب "محمد كان متأثر كتير بالأدب اللاتيني وواقعيته السحرية، كانت مجموعته بتبشر بوجود مستقبل مشرق لكاتب مصري قوي، لكن القدر أحال دون ذلك، ورغم هذا أنا شايف إقبال كبير من القراء على المجموعة".
منح الموت فرصة مضاعفة لمجموعة محمد حسن خليفة، كل يوم يتضاعف عدد القراء الذين ربما أتوا إلى معرض الكتاب فقط لشراء المجموعة "إعلان عن قلب وحيد" كالسيدة الخمسينية تهاني التي ما إن قرأت على موقع فيس بوك نبأ رحيل كاتب هذه المجموعة جاءت لشرائها والتعرف على هذا الكاتب الشاب من خلال ما كتب "أنا معرفش مين ده وعمل إيه قبل كدة، لكن سمعت أنه توفي وأنه كان موهوب، حسيت إنه يستحق اجي هنا مخصوص علشان اشتري مجموعته".
أما أميرة محجوب الشابة الجامعية، فقد دفعها الشغف لمعرفة شخص كاتب المجموعة إلى الحضور للمعرض وشراء إعلان عن قلب وحيد، فيمكن للشخص أن يتعرف على أحدهم وإن لم يلتق به ولو مرة واحدة في العمر من خلال ما كتب، "أنا تابعت كذا بوست عن مجموعة محمد وعرفت إنه مات يوم حفل توقيع مجموعته بدافع انساني كمان أدبي لأني عرفت إنه كاتب موهوب لقيتني جاية الدار اشتري المجموعة".
إقبال على الكتب الخارجية في معرض الكتاب وتخفيضات تصل إلى 20 %| صور
"لم هذه العشوائية التي تسيطر على الحياة؟!".. جملة توسطت التعريف القصير بالمجموعة على ظهر الغلاف الخاص بها، تساؤل طرحه محمد أثناء كتابته إحدى قصصه، كان صداها غير متوقع فبمنتهى التنظيم والهدوء التامين، رحل هو عن الحياة وبالتنظيم ذاته حققت مجموعته خلال الثلاثة أيام بالمعرض أعلى توزيع، فيقول محمد صلاح مؤسس دار الكنزي للنشر : " من امبارح لحد النهاردة بيجي لنا حوالي ٣٠٠ نسخة من المجموعة وبتخلص في لحظتها، كل يوم الإقبال يزيد عن اللي قبله، شباب وكبار في السن عايزين يقرأوا لمحمد، أنا بأكد إنه موت محمد مكنش إثبات وحيد على موهبته لأنه حتى لو عايش كان هيحقق نفس النجاح كمان، لكن مش هننكر إنه معظم الناس جت تشتري المجموعة بعد معرفتهم بوفاة صاحبها".