الإخوان والدولة البديلة
أظن أن نظام الحكم السائد فى مصر بعد وصول أحد أعضاء جماعة الإخوان
المسلمين إلى قصر الاتحادية بات يمثل عقبة كأداء فى مسيرة تطور مفاهيم الدولة
العصرية.. إصرار نظام الحكم على الانفراد بالقرارات المصيرية التى تخص أمن مصر
القومى دون كفاءة أو قدرة أو مهارة أو جدارة، يعنى أن هذا النظام بات وشيكا على
الانهيار .. وأنه رغم ادعاءاته الكاذبة بأنه صاحب مشروع سياسى، إلا أنه فى العمق
صاحب مشروع هادم لمقومات الدولة الحديثة .
ممارسات
هذا النظام وتبنيه لسياسات الهروب إلى الأمام التى قام بها طوال العام الأول من
عمره، تؤكد أنه يسعى لتأسيس دولة بديلة وليس نظام حكم بديل.. التباس فى المفاهيم
لدى قادة هذه الجماعة والرئيس ذاته .. لا يفرقون بين نظام الحكم أى نظام سياسى
وبين الدولة بمؤسساتها ومقوماتها وقوامها التاريخى بل والأخلاقى .. سطحية فى الفهم
والأداء والمفاهيم..
لقد وضع الرئيس وجماعته البلاد كلها فى
مأزق سياسى يجرها يوما بعد يوم إلى الفتنة والتشرذم وتآكل المؤسسات إضافة إلى سخط
الشارع وانقسامه بين فسطاطين أحدهما إسلامى (كما يدعون) والآخر كل مصر تقريبا ..
وهو ضلال بين يريده تيار الإسلام السياسى كى يستأثر بالسلطة .. ولنقرأ تصريحات
محمد أبو سمرة (كمثالِ) عندما قال إنه لو سقط مرسى فى 30 يونيو سنعلن مجلس رئاسى إسلامى
بقيادة زعيمهم حازم صلاح أبو إسماعيل... ياللعجب.
لقد
اتبعت الجماعة والرئيس سياسات ليس فقط الانتقام والثأر التى اعتادت عليها ومارستها
طوال العام المنصرم بل وأيضا بدء تنفيذ مخطط التمكين والأخونة والتى بدأت مع
النائب العام مرورا بمحاولة تمرير قانون السلطة القضائية والسيطرة على الإعلام
والصحافة وانتهاء بآخر معاقل الدولة العصرية وهى الثقافة المصرية .. وذلك فى محاولة هدم وجدان هذه الأمة وتأسيس بديل لها
من خلال الهجمات الشرسة التى يمارسها النظام ممثلا فى الوزير الجديد .. محاولات
شرسة للنيل من قوة مصر الناعمة وتجريف هذه الأمة من ميراثها العظيم فى الفنون والآداب.
مصر
لم تكن أبدا غنية بمواردها الطبيعية ولا بنفطها ولا بأموالها التى تأتى عندما تصطدم
الرياح بالصخور فتمطر السماء أموالا.. ولكنها غنية بتاريخها وتراثها وثقافتها ..
غناء مصر وعظمتها الحقيقية يكمن فى هذا العمق الثقافى والتنوع الحضارى وإسهاماتها
فى كافة مجالات الآداب والفنون بكافة أنواعها.. والأسماء الناصعة التى حفرت وجودها
بأحرف من نور على أرض هذه الأمة لا يعد ولا يحصى.. ولذلك أبدا لن ينجح هذا المشروع
الإخوانى طالما هناك شعب يدرك قيمة أمته وتاريخه.
e-mail: sabrisaid_2020@hotmail.com