إحسان عبد القدوس يحكى ذكريات إصدار مجلة "صباح الخير"
فى يناير 1956 صدرت مجلة صباح الخير برئاسة الصحفى أحمد بهاء الدين وفى العدد الأول كتب الكاتب الصحفى إحسان عبد القدوس مقالا بعنوان "البيت الجديد" قال فيه: منذ خمس سنوات حصلت السيدة فاطمة اليوسف على تصريح لإصدار مجلة أسبوعية باسم "صباح الخير". ومنذ الخمس سنوات ونحن نستعد لإصدار المجلة، حتى إننا أعلنا عن الصدور وبدأنا الإعلانات ثم يتوقف كل شيء.
وعرف اسم صباح الخير بين الناس حتى استعمله أحد باعة الفول المدمس واستعمله مكوجى فى حى المنيل واستعملته عدة صحف عنوانا لباب من أبوابها، وبقيت صاحبة الاسم لا تظهر به ولا تستعمله. كان أول ما فكرنا فيه هو تحديد الهدف من المجلة، فمثلا مجلة "روز اليوسف" لها هدف سياسى معروف سارت فيه خطوات كبيرة ناجحة، و"الكتاب الذهبى" له هدف النهوض بالقصة العربية، و"الكتاب السياسى" له هدف نشر الثقافة السياسية كنا نستطيع أن نستغنى عن هذه الأهداف لنوفر على أنفسنا تعبا كبيرا ونجنى ربحا سهلا، لكننا نؤمن أن هذه الأهداف هى سر بقاء روز اليوسف.
كان الهدف الذى حددناه لصباح الخير هو خلق الشخصية المصرية وخلق البيت المصرى وهو هدف يحتاج إلى مجهود كبير لا تتسع له صفحات روز اليوسف.
وقد لا يعجبك العدد الأول.. لكن العدد الثانى سيكون أفضل والثالث أحسن والرابع والخامس وهكذا. إن عملية إصدار مجلة تشبه تماما عملية تأثيث بيت جديد، وقد ذهبت موضة شراء الأثاث الجاهز فلم تعد صاحبة البيت تذهب إلى محل الأثاث تشترى صالونا مذهبا أو أودة سفرة أو نوم، بل تفكر كل عروس ألف مرة فى شكل بيتها الجديد وتختار الأثاث قطعة قطعة والألوان والرسومات، وبعد ان ينتهى كل شيء ويدخل الأثاث البيت الجديد تفكر العروس فى بعض التعديلات فتحضر فازة فى ركن او تغير دهان الحوائط لتناسب لون الأثاث، ويمر شهرين وهى تبدل وتغير. إلى أن تعتقد أنها وصلت بذوقها إلى حد الكمال، ويومها سيدخل الملل إلى حياتها فتبدأ التفكير فى عمل بيت جديد. لتدخل الفرحة على قلب زوجها.
وهكذا أصدرنا العدد الأول من مجلة صباح الخير، بعد أن فكرنا كثيرا، واستعرضنا كل شيء حولنا ووضعنا مئات الماكيتات ثم جمعنا النجارين.. أقصد الفنانين والمحررين والكتاب وبدأنا عملية التنفيذ بأن نحيل الورق الأبيض إلى سطور وأن نحيل خيالنا إلى حقيقة. وبعد ان انتهينا وأصبحت الحقيقة بين أيدينا متمثلة فى هذا العدد الأول وجدنا أن هذه الحقيقة لا تزال بعيدة عن خيالنا وآمالنا، وأنه لا تزال أمامنا خطوط جديدة وماكتات جديدة وأفكار جديدة نحاول أن نبرزها فى أعدادنا القادمة.
إحسان عبد القدوس: شخصيتي الصحفية طغت في روايتي "أنا حرة"
إننا واثقون من أن هذا العدد يرضيك أكثر مما يرضينا ولكن ليس معنى هذا أن نكف عن التفكير وعن العمل، وكل ما نريده منك قارئنا العزيز أن تفكر معنا وتعمل معنا وترسل لنا بآرائك ومقترحاتك، فإنك واحد منا وستعيش معنا فى هذا البيت الجديد.