الغباء والتطرف يحكمان مصر
المشهد المصري غريب ومفزع لا يوجد فيه شىء واضح تتصدره العديد من المشاهد السلبية الغريبة على المصريين مثل الانقسام والتخوين والتشكيك وانعدام الثقة في الآخر، والتى لا يمكن توقع نتائجها وماذا ستعكس خلال الأيام القادمة.. فمصر أصبحت ساحة للصراع والجدل حول كل شىء وأى شىء.. المصريون أصبحوا في حالة صراخ مستمر والكل متعصب لأفكاره ومبادئه وصرنا جميعا نعيش في الوطن المفقود.. فصناع الثورة لم يتخيلوا أن هذه نتيجتها وأن مصر تتمزق اجتماعيا وسياسيا.. ولا نعلم لصالح من يحدث فكل يوم يمر في حياة المصريين يأتى جدل وخلاف بداية من الرئيس مرورا بالدستور.. حتى أبسط الأشياء كأن هناك قوة كبرى تدفعنا للهاوية تريدنا أن نكفر ونشكك ونغتال كل من يخالف الآخر.. ولكن كيف وصلنا لذلك وكيف اختلف المصريون وأصبحنا شعب الله المحتار الذى لا يعرف أين المستقبل؟! وهناك بعض الأمور الهامة التى أدخلتنا هذا النفق المظلم ومنها :
1- الرئيس ومساعدوه وحكومته ساهموا بشكل كبير فى حالة من عدم الاستقرار فى المجتمع المصري نتيجة لعدم وجود سياسة واضحة ومشروع قومى ينقل مصر نحو التقدم ويشعر الشعب بأن المستقبل قادم.. فنحن لا نرى تصريحات عن قروض أو مساعدات وإعانات وحالة واضحة من إحلال قيادات وكوادر الحزب الحاكم فى مختلف فصائل الدولة.. مما ساهم فى حالة من التمزق المجتمعى وأن البقاء فى مصر للأقوى.. ولنا فى الأزمات اليومية للمواطنين وتظاهراتهم فى كل مكان دليل على مدى نجاح أو فشل سياسة الرئيس .
2- الأحزاب والتيارات السياسية التى تستغل كل شىء وأى شىء من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها.. فهم يتاجرون بأحلام الفقراء وآمالهم فى مستقبل أفضل وفور وصولهم للسلطة لا تجد منهم سوى وعود لا ترضى ولا تسمن من جوع.. مما أفقد المواطنين الثقة فيهم وأن الحقوق تكتسب بالقوة فأصبحت مصر ساحة للإضرابات بحثا عن تحسين الحالة المهنية والمادية للشعب الذى أنهكته البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة .
3- الخطاب الدينى الغائب فمصر أصبحت ساحة صراع دينية.. تيارات تدعى الإسلام وتتاجر به وتستخدمه لمصالحها ونرى شيوخا ودعاة متخصصين إما فى نفاق الحاكم أو العكس.. وكذلك فقدان المصداقية الواضح من بعض المشايخ الذين تعودوا الظهور فى الفضائيات وأصبحوا شيوخ الفتاوى التى ساهمت فى اضطراب المصريين وتشتتهم.. فلم نعد نرى سوى شيوخ المصلحة يبثون أفكارهم لمصلحة ما.. واختفى الخطاب الدينى الوسطى الذى يعكس صحيح الإسلام وسماحته.
4- الإعلام الحر الحقيقي شبه اختفى من مصر فكل نافذة إعلامية سواء صحف أو فضائيات تعكس مصالح وأهداف ملاكها.. مما ساهم فى غياب الحقيقة عن المواطن المصري.. فبجولة سريعة فى القنوات المصرية ستجد أن مصر تتلاشى وراء المصالح والأجندات المختلفة.. وساهموا عبر ضيوفهم وبرامجهم فى انقسام المجتمع المصري وأصبحت الشائعات وتصفية الحسابات السلعة الرائجة فى وسائل الإعلام المصرية .
5- المنتقمون الجدد.. وهؤلاء بعض من خرجوا من تحت الأرض وكهوف السجون بحثا عن دور سياسي ويريدون أن ينتقموا من كل من سجنهم أو عذبهم سواء عن حق أو باطل.. وهم منتشرون الآن فى كل مكان بداية من الأحزاب مرورا بالإعلام وصولا للمساجد يريدون مصر بتفكيرهم الغريب عن المجتمع المصري .
6- العدالة الاجتماعية الغائبة فى مصر الثورة.. فالجميع كان ينتظر انتصار الثورة للفقراء ومعدومى الدخل.. ولكننا نعيش العكس الحكومة ترفع راتب الموظفين مثلما كان يفعل النظام السابق ويتركون طابور البطالة للضياع.. وكذلك عدم شعور نسبة كبيرة من المصريين بأن الحكومة الحالية قادرة على حل مشاكلهم وتوفير حياة كريمة لهم عبر خدمات حقيقية ومستقبل أفضل .
مصر تحتاج لمصالحة وطنية حقيقية بعيدآ عن حالة التطرف السياسي التى تعيشها وبدون ذلك سيدخل المصريون النفق المظلم ولن يكون هناك إستقرار وتنمية ورخاء .