رئيس التحرير
عصام كامل

مهام الدكتور قنديل


اسمحوا لي بهذا الاعتراف الحميم: أنا أقرأ بعض صحف مصر، بقلبي.. وهذه عادة قديمة عمرها نصف قرن.. هكذا أيضا أقرأ بعض صحف لبنان، والبعض الآخر أقرأه كأنني في هونولولو أو في هونولولا.. وعندما أقرأ صحف مصر، أعلو وأهبط، أرضى وأحزن.. وقد سمعت السيد إسماعيل هنية (وليس قرأت) يخاطب رئيس مصر مطالبا بإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد وفي الوضع في سيناء وفي سياسته الفلسطينية والغذائية وفي منسوب مياه النيل قبل بناء سد النهضة، ثم يختم ببلاغة ما بعدها بليغ: لا أريد التدخل في شئون مصر الداخلية.. أي فقط في شئونها الخارجية.



أكره عندما أبدو مقحما نفسي في بعض شئون مصر، ولو أن الصحفي من حيث المبدأ يكتب عن زحل والمريخ وعطارد.. لكنني «أغير» على مصر، كما «تغير» أم كلثوم.. شاهدت في صحيفة مصرية تاريخية صورة للرئيس محمد مرسي مستقبلا رئيس حكومته الدكتور هشام قنديل كالعادة: السيد الرئيس خلف مكتبه الرئاسي وقنديل في حضرته.

لعله تقليد ثوري جديد فات جميع من قبل.. وما دام السيد الرئيس مرتاحا (كما يبدو من ابتسامته) والدكتور قنديل لا مانع لديه، فما دخلنا في الأمر؟ لكن هذه المرة في أعلى الصورة، العنوان التالي: الرئيس يكلف رئيس الحكومة معالجة قضايا المياه والكهرباء والسولار!

لا أعرف معنى «السولار»، وهذا ليس مهما.. لكن هل حقا يكلف السيد الرئيس رئيس حكومته بالاهتمام بقضايا المياه والكهرباء؟ ألم ينتبه الدكتور قنديل إلى أن قيظ القاهرة بلا كهرباء وأن درة النيل بلا مياه؟ بماذا شعر المصري الذي قرأ أنه لا بد من تكليف رئاسي لكي يهتم رئيس وزرائه بأمور رهيبة كالنور والشرب؟

قرأنا عن استقالة أو (إقالة) عدد كبير من مستشاري الرئيس مرسي، بينهم أصدقاء وإعلاميون محترمون.. لو كان هؤلاء لا يزالون قرب السيد الرئيس لأبلغوه بأن دائرة المراسم في رئاسة الجمهورية لا تجيز طريقة استقبال كهذه.

ولكان أحدهم ذكره بحكاية عمرو بن العاص عندما قام ليصلح ثوب أحد جلسائه، فاستهول جليس آخر الأمر، فرد عليه صاحب مصر: "وماذا حدث؟ لقد قمت كعمرو بن العاص وعدت كعمرو بن العاص".

عزيزي الدكتور قنديل: شكرا أنك سوف تهتم بالمياه والكهرباء والسولار.. كنا نعتقد أن مهامك تنحصر في الإعداد للحرب العالمية الثالثة. 
نقلًا عن الشرق الأوسط

الجريدة الرسمية