رئيس التحرير
عصام كامل

أفيقوا يرحمكم الله


في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد منذ إصدار الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي، وما ترتب عليه من شرخ كبير في علاقة المعارضة بالنظام، شاهدنا قيام المعارضة، على اختلاف أشكالها، باستخدام وسائل عدة للتعبير عن رفضها للنظام الحالي وأسلوب إدارته للدولة، تراوحت ما بين تنظيم مظاهرات احتجاجية للضغط من أجل تنفيذ مطالبها، وتشكيل قوى وجبهات لطرح سيناريوهات ورؤى للخروج من الأزمة، وأخيرًا جمع التوقيعات لسحب الثقة من الرئيس.


والحقيقة أن هذه الوسائل التي استخدمتها المعارضة، وبغض النظر عن بعض التحفظات، تبدو وسائل طبيعية، ومعتادة سبق وأن شاهدناها كثيرًا داخل مصر وخارجها، للتعبير عن رفض النظام، ولكن ما هو غير طبيعي وغير معتاد، ولم نشهده من قبل، هو أن يكون رد فعل النظام ومؤيديه هو استخدام نفس الوسائل التي تستخدمها المعارضة، مع اختلاف الهدف من النقد إلى التأييد.

نعم .. فبدلاً من أن يقوم النظام بتهدئة الشارع الغاضب، أثناء أزمة الإعلان الدستوري، أصدر مكتب الإرشاد الذي أكد مستشارو الرئيس أنه له تأثير على صناعة القرار داخل مؤسسة الرئاسة، أوامره لمؤيديه بالنزول في مظاهرات تأييدية لهذا الإعلان، قبل حتى إصداره، في مشهد يبدو فريدًا من نوعه، فمن المتعارف عليه - وفقًا للخبرات التاريخية- أن أي مظاهرات يكون الهدف الأساسي منها هو المعارضة أو الاحتجاج على أوضاع معينة، لكن ما هي الحاجة إلى مظاهرات تأييدية تزيد من حدة الاستقطاب في الشارع، وعادة ما تنتهي بوقوع اشتباكات وعنف.

وبدلاً من أن تقوم الأحزاب الإسلامية المؤيدة للرئيس بالتشاور والتنسيق مع جبهة الإنقاذ، وبحث مطالبها، لجأت إلى تكوين جبهة مماثلة، ليس لها دور سوى تبرير السياسات الخاطئة للنظام، وإدانة المعارضة.

وبدلاً من أن ينظر مؤيدو النظام، سواء على مستوى النخب أو على المستوى الشعبي، بعين الاعتبار للحراك الذي أحدثته حركة تمرد في الشارع المصري، وأعداد التوقيعات الضخمة التي جمعتها، ليراجع موقفه، لجأ مؤيدوه أيضًا إلى تشكيل حملة مماثلة لتجديد الثقة، على الرغم من أنهم أكدوا على عدم اعترافهم بحملة تمرد، لكونها لا تمتلك أي سند قانوني، فلماذا إذن تشكلون حملة مماثلة لها؟!

يظن النظام الحالي أن هذه الممارسات التأييدية سوف تزيد من شعبيته، وتغطي على فشله، وتمنع غضب معارضيه، لكن هيهات، فإذا كان هناك قطاع من الشعب يبرر فشله، ويؤيد قراراته قبل إصدارها، ويطلق حملات لإعادة ثقة إليه لم يمتلكها من الأساس، فإن هناك قطاعًا أكبر لا يعنيه سوى مصلحة الوطن وتقدمه فقط، ومستعد أن يثور مرة أخرى على أي نظام لا يراعي هذه المصلحة.

فعلى هؤلاء المؤيدين للنظام الحالي أن يفيقوا قبل فوات الأوان، وأن يقفوا ضد ظلم وفشل وجرائم النظام الحالي، أو أي نظام آخر، وأن يدركوا جيدًا أن تأييدهم للنظام لن ينفعهم، بل سينقلب عليهم، لأنه تأييد باطل.
nour_rashwan@hotmail.com

الجريدة الرسمية