رئيس التحرير
عصام كامل

ياسر رزق: لا تطلبوا منا الحياد أمام "الاستبداد" ولو رأينا إيجابيات سنكتب عنها

فيتو

"لا تطلبوا منا أن نكون محايدين بين استبداد النظام الحالي والحرية التي ننشدها".. بهذه العبارة دافع الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس تحرير جريدة "المصري اليوم"، عن الاتهامات التي توجه إلى تلك الصحافة الخاصة بأنها ترسم صورة قاتمة للبلاد وتحيد عن الموضوعية.


ورفض رزق في الوقت نفسه اتهام صحيفته (المصري اليوم) بعدم الحيادية، قائلاً: "لا توجد وسيلة إعلام في العالم محايدة".

وأبدى قلقه على مستقبل الصحافة القومية (المملوكة للدولة) التي اعتبرها عادت في ممارساتها إلى عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك كـ"داعم للنظام"، وذلك بعد أن حصلت على قدر من الحرية بعد ثورة 25 يناير 2011 وخاضت في مناطق كان من الصعب التطرق لها- على حد قوله.

ورفض رزق في السياق ذاته اتهام الأحزاب الإسلامية ومن بينها حزب الحرية والعدالة الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين الصحف الخاصة بالسعي نحو جعل الصورة في مصر قاتمة، قائلاً: "لو رأينا إيجابيات كنا سنكتب عنها.. لكن للأسف لا توجد إيجابيات"- على حد تعبيره.

وحول أهمية دور الإعلام في تقديم الحلول للمشاكل بدلاً من الاكتفاء بعرضها، أضاف: "صفحات الرأي في الجريدة تزخر بآراء عديدة، ولكن للأسف النظام لا يقرأ".

وإلى نص الحوار..

* بداية كيف ترى حال الإعلام في الوقت الراهن؟
** كما أن مصر تمر بمرحلة انتقالية في مجال السياسة، فإنها تمر – أيضًا - بمرحلة انتقالية في مجال الإعلام.. كنا نتمنى أن يشهد الإعلام المزيد من الانطلاق، ولكن التليفزيون الرسمي والصحافة القومية عادا إلى ما كانا عليه في عصر مبارك، من حيث تصدير أخبار الرئيس مهما كانت قيمتها.. أما الصحافة الخاصة فلم تشهد تغيرًا، كانت تعارض مبارك واليوم تعارض الإخوان، وكانت تتطرق لمناطق يصعب على الصحف القومية التطرق لها، واليوم تفعل نفس الشيء.
وللأسف كانت الصحف القومية قد بدأت تتطرق لمثل هذه المناطق بعد الثورة، ولكن عادت إلى ما كانت عليه.

*في مقال للكاتب الكبير فهمي هويدي بعنوان "مهنة في خطر" نقل الكاتب عن صحفيين شباب قولهم "إنهم يتعرضون لضغوط من جانب رؤسائهم في العمل لكتابة تقارير ضد الإخوان بغض النظر عن الحقيقة"؟
** قرأت هذا المقال وساءني ما كتب الأستاذ فهمي، وكنت أتوقع منه أن يتحلى بالشجاعة اللازمة ويقول من هم رؤساء التحرير الذين يفعلون ذلك، ولماذا لم ينصح هؤلاء الصحفيين الشباب إن كانت روايته صحيحة بالتوجه لنقابة الصحفيين وتقديم شكوى.

*عندما نطالع المصري اليوم وغيرها من الصحف الخاصة نشعر بقتامة الصورة، ألا توجد إيجابية واحدة لهذا النظام تذكرها الصحف؟
** أتمنى أن أجد إيجابية واحدة، فالرئيس محمد مرسي منذ أمسك بزمام الأمور وهو يعصف بالقضاء ويخرق الدستور ولا يفي بوعوده، ولا نسمع منه فكرة لإصلاح حال الفقراء والمعدومين.

*وما دور الإعلام.. أليس من واجبكم اقتراح حلول؟
** هل المطلوب منا أن نضع أفكارًا للرئيس ونتحدث عنها.. ومع ذلك فصفحات الرأي تعرض يوميًا للعديد من الأفكار، ولكن يبدو أنهم لا يقرأون.

*سأفترض أنكم لا تجدون إيجابية تكتبون عنها، ولكن بإمكانكم تجنب الصياغة المتحيزة للأخبار، يعني مثلاً هل يجوز أن تكتبوا عنوانًا عن زيارة الرئيس مرسي لباكستان تشيرون فيه إلى حدوث زلزال بالتزامن مع الزيارة؟
**كان بإمكاننا أن نكرر نفس الأمر في زيارة الرئيس لروسيا، ولكننا تجنبنا ذلك حتى لا يؤخذ هذا الانطباع.. وأنا شخصيًا أرى أن الرئيس مرسي طيب القلب ونواياه صادقة ويريد أن ينهض بمصر، ولكن مشكلته أن عصمة أمره ليست بيده.

*ولكن ألا ترى أن صياغتكم للعنوان بهذا الشكل تخلع عنكم صفة الحيادية؟
** لا يوجد في العالم إعلام محايد.. فمثلاً إذا قامت حرب بين مصر وإسرائيل هل تطلب من الصحف المصرية أن تكون محايدة.
وبنفس المنطق لا تطلبوا منا أن نكون محايدين، بين الحرية التي ننشدها واستبداد النظام الحالي، فأي جريدة لابد أن يكون لها موقف وإلا ستصبح بلا طعم، ولكن اللوم يوجه لنا لو كانت هناك أخطاء مهنية مثل تلوين الأخبار ووضع كلمات على لسان أشخاص لم يقولوها.

* أليست المبالغات خطأً مهنيًا؟ يعني مثلا مظاهرة يشارك بها العشرات تقولون الآلاف؟
** هناك أخطاء تحدث.. ولكن المشكلة ليست في العدد، فليس معنى خروج العشرات أنه لا توجد مشكلة، فخروج هؤلاء مشكلة يجب أن تهتم بها الدولة، كما تهتم بخروج الآلاف والمليونيات.
وإذا كنتم تلومون الصحف الخاصة، فانظروا إلى صحيفة حزب "الحرية والعدالة" التي لم تعد تختلف عن صحيفة "وطني" التي كان يصدرها الحزب الوطني الحاكم في عصر مبارك والذي تم حله عقب الثورة، ستجدون بها – أيضًا – أخطاء مهنية، حيث تكون الميادين ممتلئة في فعاليات احتجاجية ولا يذكر هذا الخبر وإن ذكر يكون في صفحات داخلية.

*هل ترى أن الممارسات الإعلامية تحتاج لضوابط تفرضها قوانين أم تترك لأهل المهنة لضبطها ذاتيًا؟
**مساءلة الصحفي على ممارساته تكون من خلال نقابة الصحفيين وليس غيرها.. فملاحقة الصحفي بالقوانين هو من خصائص النظم الفاشية والدكتاتورية، وإذا كان مبارك لم يستطع قمع حرية الصحافة، فلن يستطيع الرئيس مرسي ونظامه، لأنه ليس أقوى من مبارك.

*في النهاية.. ما هي رؤيتك لمستقبل الإعلام؟
**على قدر تشاؤمي بنظام الرئيس مرسي وسياساته، فأنا متفائل بمستقبل الإعلام.. وأثق في أن الصحف القومية قادرة على استعادة توازنها لأنها صحف كبيرة ولديها أصول ضخمة وصحفيون على قدر كبير من الكفاءة.
الجريدة الرسمية