رئيس التحرير
عصام كامل

الأطفال ورياضة العنف


تغيرت دوافع الأطفال تماشيا مع الظروف التى يعيشونها الآن والتى من مظاهرها الخوف وعدم الأمان الذى جعل الأطفال يتجهون إلى ممارسة الرياضات العنيفة مثل الكونغ فو والمصارعة؛ لتصبح من أولويات حياتهم التى يريدونها.

إنهم يريدون حفظ أمنهم وسلامتهم بأنفسهم بعد أن تخلت الدولة عن حمايتهم، ولكن من يضمن حسن السلوك فى المستقبل؟ حين يتم تنفيس الطاقات السلبية ليتم تفريغها فى الآخرين وبدلا من الدفاع المشروع عن النفس تتحول هذه الطاقات إلى الهجوم والعدوان على الآخرين.

إننا أمام طفولة غير عادية ساهمت الظروف الحالية فى النيل من صفائها ونقائها وتعكر التفكير بالخوف من الآخرين والحذر منهم وتوقع العدوان وترقب الأسوأ دائما، بدلا من الثقة والتفاؤل والأمل، فالخوف تَوَلَّد لديهم مما يرونه من انفلات أمنى حقيقى وخوف وترقب من الأهل والذى يقلده الأبناء دون طلب تفسيرات، إن عدوى الخوف تنتقل إلى الأبناء تلقائيا دون أى تفكير أو حتى تفسير.

أصبحت لديهم قصصهم المتبادلة عن كيفية مواجهة البلطجية وماذا سيفعلون وكيف يؤمنون أنفسهم من المخاطر لتصل هذه القصص فى مخيلتهم إلى القتل أحيانا وبعد الحديث ترى فى أعينهم ذهاب الرحمة التى استبدلت مكانها إحساس القوة المفرطة والقسوة، وكم أفكر كيف يمكن لنا أن يكون هذا الجيل أساس التنمية والحضارة بعد أن حطمنا طفولتهم ولم يعيشوا طفولتهم ليكبروا دون أن يسمح لهم الزمان بذلك.

ستتلاشى الآن القدرات التفاوضية والمهارات اللغوية والقدرة على الإقناع التى يبذل الأهل الجهد فى تدريبهم وتعليمهم إياها لتستبدل بها القوة الجسدية التى تستطيع أن تضع حلا سريعا دون انتظار وتكون فى النهاية اشتباكات وصراعات نتائجها فى الغالب قتلى وجرحى.

ما هو المتوقع من هؤلاء؟ ماذا سيقدمون للوطن الذى تخلى عنهم يوما من الأيام؟ ما هى نظرتهم تجاه المحيطين بهم؟ كيف يمكن إقناعهم أن تحديات العصر الحالى هى السبب فى تشويه طفولتهم؟ وكيف للأسرة أن تمنع عنهم كم المعلومات السلبية التى يستقبلونها يوميا من وسائل الإعلام دون رحمة حتى لا نفاجأ بمستقبل يميل إلى الأنانية والقسوة بدلا من الرحمة وإلى الشر بدلا من الخير.
الجريدة الرسمية