١٥ قرار للجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط
عقدت اللّجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، اجتماعها الدّوري في لارنكا – قبرص، وقد توافد أعضاء اللجنة التنفيذية من قبرص، مصر، سوريا، لبنان، العراق، الأردن وفلسطين.
وعقد الاجتماع برئاسة صاحب الغبطة يوحنّا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية، صاحب القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، وصاحب الغبطة الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل على الكلدان، ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الكاثوليكية، وصاحب السيادة القسّ الدكتور حبيب بدر، رئيس الإتّحاد الإنجيلي الوطني في لبنان، ورئيس المجلس عن عائلة الكنائس الإنجيليّة.
بعد الصّلاة الافتتاحيّة، واستعراض جدول الأعمال والموافقة على محضر اجتماع اللّجنة التنفيذيّة الّذي عُقد في مقرّ بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس (العطشانة/ بكفيا - لبنان/ 22-23 يناير 2019)، إنطلقت النقاشات في اليوم الأول في محاور التجدُّد الرّوحي، والتحدّيات المسكونيّة والجيوبوليتيكيّة وحوار الأديان، بالإضافة إلى آفاق التطوير المؤسّساتي للمجلس وإعادة تمكينه بعد الأزمة التي مرّ بها، بما يعزّز توجّهاته الاستراتيجيّة إعدادًا للجمعيّة العامّة الثانية عشرة.
وخصّص اليوم الثاني لمناقشة تقرير الأمينة العامّة د.ثريا بشعلاني الذي يتضمّن الإنجازات التي حققها المجلس عام 2019 والآفاق المستقبلية، واستعراض تقارير الدوائر السنويّة بالاضافة الى التّقرير المالي.
وبالاستناد إلى ما تمّ تداوله، وخصوصًا على مستوى التحدّيات الّتي يواجهها المسيحيّون في الشرق الأوسط وشركاؤهم في الوطن، أكّد المجتمعون على ما يلي:
تعزيز التعاون المسكونيّ في ما بين كنائس الشرق الأوسط في المجالات اللاهوتيّة والخدمة الاجتماعية والاعلاميّة بما يثبّت خيارها في الوحدة للشهادة ليسوع المسيح القائم من بين الأموات.
رفع الصلاة من أجل كشف مصير صاحبي السيادة والنيافة المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، المخطوفين منذ أبريل 2013، مناشدين الضمير العالمي العمل لعودتهما سالمين ليتابعا رسالتهما من أجل بناء السلام وكرامة الانسان. تصاعد التوتّرات في الشرق الأوسط والعالم العربي، يستدعي الصّلاة والعمل من أجل السّلام وبناء مبادرات تهدف الى مواجهة موجات التطرُّف، بما يحمي سلام المجتمع وكرامة الإنسان، ويؤمّن مسالك حكيمة وحواريّة لحلّ النزاعات في رفض للعنف والحرب. ما يَشهدُهُ العراق من تحرّك شعبيّ، يستدعي المساهمة الحثيثة في تحقيق العدالة الإجتماعية، والنزاهة الإقتصاديّة، والحوكمة السليمة والسيادة الوطنيّة، وتمتين مبادئ المحاسبة والمساءلة ومكافحة الفساد من خلال قضاء نزيه. معاناة الشعب السوري المتفاقمة تستدعي بذل كلّ الجهود وفي كل المجالات، لرفع الحصار عنه ودعم مسار استتباب الأمن وبنيان السلام، كما العمل الجاد لتوفير مقومات عودة المهجرين واللاجئين الى أرضهم. تثمين جهود المملكة الأردنية الهاشمية، بما أؤتمنت عليه من رعاية على المقدّسات المسيحية والإسلامية في القدس الشريف، في تدعيم صون الوجود المسيحي بالتعاون مع الكنائس، كما تثمير الحوار المسيحي – الاسلامي والعيش معًا بالمواطنة. يواكب المجتمعون بالصلاة حراك الشعب اللبناني السلميّ المحقّ لاستعادة عيشه الكريم من خلال محاربة الفساد والمطالبة بإدارة سليمة لمقدّراته، بما يعيد الى وطن الرسالة دوره الحضاري نموذجًا في التلاقي على الخير العام، ومثالًا في الحرية المسؤولة. دعم كل الجهود الآيلة لإعادة الوحدة الى جزيرة قبرص بما يلّم شمل الشعب القبرصي، ويعزّز السلام الإقليمي والدولّي وينهي الاحتلال الذي أدّى الى تقسيم الجزيرة. الإستمرار بدعم الكنائس في فلسطين، وتثمين صمود الشعب على الرغم من معاناته في ظلّ الإحتلال وسياسة الفصل العنصري والإستيطان، مع الدعوة الى احترام حرّية ممارسة الشعائر الدينيّة لجميع الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين، واحترام الوضع القانوني والتاريخي القائم ( ستاتيكو ) من منطلق أن القدس الشرقيّة هي عاصمة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة والقابلة للحياة. لطالما تطلّع الشعب المصري الى ترسيخ مسار المواطنة بمنأى عن التطرّف والانعزال، وهو يعايش في هذه المرحلة تمتينًا للعيش معًا بما يدفع باتجاه التأكيد على الوعي الجماعي لما تختزنه مصر من ذاكرة مليئة باشراقات العيش معًا. إنّ مناداة شعوب المنطقة بالمواطنة الكاملة، المتكافلة بالحقوق والواجبات والحاضنة للتنوّع، يستدعي إعادة النظر بالنظُم والقوانين، وهذا يُثبِت أنّ الحاجة ملحّة لصوغ مسار يُشدّد على فهم الوحدة في التنوّع، باعتبار التنوّع غنى، بعيدًا من الإستنفارات الطائفيّة والفئويّة وأنواع العصبيّات كافة. إنّ معاينة حال الفقر والتهميش الّذي تعيشه بعض شرائح شعوب المنطقة، يستدعي انكباب مؤسّسات الدّولة وهيئات الكنيسة، على بلورة سياسات تنمويّة تحفظ للفرد حياةً لائقة وتُسانده في المساهمة في بناء العدالة الإجتماعيّة والازدهار الإقتصادي. يدعو المجلس المسيحيين في هذا المشرق المبارك الى التشبّث بأرضهم وتراثهم وهويتهم بإيمان ورجاء، وتعزيز دورهم في ترسيخ العيش المشترك والاحترام المتبادل والتكافل الاجتماعي.
إنّ استمرار حالات اللّجوء والنزوح يتطلّب تضافرًا للجهود مع المجتمع الدوليّ وعلى رأسها الأمم المتّحدة كما الهيئات الدينيّة للعمل الجاد لعودة اللّاجئين والنازحين إلى أرضهم ومساعدتهم في بلدانهم ليتأمّن لهم العيش الكريمبما يحمي هويّتهم وحضارتهم. كما يتطلّب استمرار دعم المجتمعات المضيفة، وتوفير مقوّمات الصّمود والحماية للّاجئين والنازحين حتّى عودتهم. تفعيل التنسيق والتواصل تحضيرًا للجمعيّة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط المقرّر انعقادها بين 16 و 19 سبتمبر 2020 في لبنان، تحت عنوان "أنا هو، لا تخافوا" (متى 14: 27) ، بضيافة كريمة من غبطة بطريرك الكنيسة المارونية الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي.
في الختام شكر المجتمعون صاحب الغبطة خريسوستوموس الثاني والكنيسة الأرثوذكسيّة في قبرص على الاستضافة الكريمة، شاكرين إلى الرب يسوع، الذي يجمع كنيسته بالوحدة في المحبّة، واثقين أن كنائس الشرق لم ولن تكون وحيدة في شهادتها مجدّدين إيمانهم بوعد الرب "ها أنا معكم كلّ الأيام الى إنقضاء الدهر " (متى 28: 20)، وأن المسار نحو الجمعيّة العامة الثانية عشرة سيجسّد شهادة الكنائس المشتركة ويسعى للاضاءة الواقعيّة والنبويّة على دور المسيحيين في هذا الشرق الجريح لا سيما في النضال من أجل كرامة الإنسان، وهذا يقتضي تعاونًا بين المسؤولين لتأمين مستقبل يليق بحضارة هذا الشرق وقيَمه، حيث يشكّل التنوّع نموذجًا في العيش معًا.