رئيس التحرير
عصام كامل

بالأسماء.. المستفيدون من “دولارات التمويل الأجنبي” في 2019.. الأمريكان ينسحبون.. والاتحاد الأوروبي صاحب نصيب الأسد

وزارة التضامن
وزارة التضامن

لسنوات طويلة ظل «التمويل الأجنبى» الذي تتلقاه منظمات المجتمع المدنى، بمثابة اللغز المثير للجدل، فتارة تخرج أقاويل تتحدث عن أجندات خارجية يجرى تنفيذها في الداخل المصرى، مقابل الحصول عليه، وتارة أخرى تتصاعد حدة الأقاويل لتصل إلى اتهامات بـ«العمالة للخارج» و«الخيانة العظمى».

 

تراجع

غير أن السنوات التي تلت ثورة 25 يناير 2011، شهدت تراجعًا في معدلات التمويل الأجنبى القادم إلى المنظمات المصرية، وهو ما عزاه البعض إلى الأوضاع التي استجدت بعد الثورة، والحقائق التي جرى كشفها عما يحدث داخل «الوسط الحقوقى».

مليار و١٦ مليون جنيه، حجم التمويل الأجنبي الذي حصلت عليه الجمعيات الأهلية خلال عام ٢٠١٩، وفقًا لوزارة التضامن الاجتماعي، وهو رقم يقترب قليلًا عن العام الماضي، إذ أعلنت الدكتور غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي سابقًا، أن حجم التمويل الأجنبي لعام ٢٠١٨ بلغ مليار جنيه مصري.

وهو ما يكشف حرص أجهزة الدولة على ضبط وتقنين دخول التمويل من الجهات المانجة إلى الجمعيات والهدف من تمويلها ودراسة برامجها، بعد حالة السيولة التي شهدتها مصر بداية الألفية الثالثة وحتى ٢٠١٣ من تدفق المالي الأجنبي والقضايا التي استهدفتها، ولا سيما بعد اتهام القضاء لعدد من الجهات بنشر الفوضى في مصر.

الأسماء

في ظل ادعاءات عدد من المنظمات الحقوقية بهروب التمويل الأجنبي من مصر، لا يزال عدد آخر من هذه المنظمات ذات النشاط التنموي والحقوقي أيضًا، تعمل على الأرض، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول مصادر تمويل هذه المنظمات، وطبيعة الهيئات المانحة الموجودة في مصر، وحجم تمويلها، وهل تضاءل أم لا يزال بالحجم نفسه؟، بعد الرقابة الشديدة للجهات المعنية على حركة دخول الأموال، والتأكد من سلامة نواياها وقانونية نشاطها.

‎من جانبه كشف الدكتور ولاء جاد الكريم، رئيس مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، عن أسماء عدد من الهيئات الأجنبية المانحة، التي لا تزال تضخ تمويلًا لمنظمات المجتمع المدني العاملة في مصر، لا سيما في مجال التنمية التي لا تزال تستقبل تمويلًا خارجيًا تحت إشراف الحكومة، وإن كان بنسبة أقل من ٨ سنوات مضت، مشيرا إلى أن للاتحاد الأوروبي نصيب الأسد منها، الذي اتجه لتمويل المشروعات الاقتصادية والتنموية في السنوات الأخيرة.

وأوضح أن «السبب الرئيسي لتخفيض نشاط المنظمات الحقوقية في مصر، هو انسحاب المؤسسات الأمريكية المانحة، التي كانت تمول ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر بنسبة تزيد على 40%، وهو ما يفسر اختفاء عدد من المنظمات المصرية، وتجميد نشاطها بشكل ضمني حتى وإن لم يكن معلنًا، مشيرًا إلى أن أحد أسباب انسحاب التمويل الأمريكي، تورط بعض ممثليهم في قضية رقم ١٧٣ لسنة2011».

‎وأوضح «جاد الكريم» أن الوجود الأمريكي كممول للعمل الأهلي لا يزال قائمًا، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلا أن تمويلها تضاءل جدًا، بالإضافة إلى وجود المؤسسة السويسرية للسلام (سويس بيس) وكذلك الوكالة الهولندية، والعدالة الدولية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وجميعها جهات تمول الملف الحقوقي والمنظمات العاملة به.

30 يونيو

، وعقب 30 يونيو انخفض حجم التمويل الأجنبي لملف حقوق الإنسان إلى 25%، وتعاظم تمويل المشروعات والخطط التنموية، الأمر الذي أرجعه لأسباب سياسية فضلًا عن تغيير أجندة المانحين، لا سيما أنهم يستهدفون مناطق وليس مؤسسات أو دولة، ويسعون إلى إيجاد المنطقة المناسبة لهم وفقًا للظروف والمعطيات لتنفيذ برامجهم، في ظل انحسار بل غياب التمويل المحلي الذي يعتمد التبرعات.

فيما كشف مصدر حقوقي عن أسماء عدد من المؤسسات الممولة للملف الحقوقي، وعلى رأسها الوقفية الأمريكية، والسفارة الدنماركية، وأوبن سوسايتي (جورج سورس)، وفى نفس السياق أوضح سعيد عبدالحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أن «جانبا كبيرا من المنح والتمويلات التي تضخها أغلب المنظمات الدولية، لا يكون خالصًا لوجه حقوق الإنسان وتحديث حياته ورفاهيته كما تدعي، لكنها ترتبط بأبعاد سياسية ومصالح دول وجهات»، مشيرًا إلى أن أغلب الجهات المانحة عزفت عن تمويل المنظمات الحقوقية عقب قيام ثورة 30 يونيو 2013 لأسباب سياسية، وأن هذه الجهات اقتصر تمويلها على مندوبيها ورجالها من الحقوقيين.

وأضاف «عبد الحافظ» أن عزوف الجهات المانحة، لا يعني أن التمويل انقطع بصورة نهائية، لكنه تضاءل إلى القدر الذي أدى إلى توقف أنشطة معظم الجمعيات، بحجة الاعتراض على قانون الجمعيات الأهلية 70 لسنة 2017، وكانت الذريعة الأخيرة لهذه الجهات المانحة عقب صدور قانون الجمعيات الأهلية الذي عدل الآن بشكل يرضي الجميع، مؤكدًا ضرورة إلزام كل المؤسسات الحقوقية بالخضوع للقانون عقب تعديله.

ومن جهته كشف الدكتور طلعت عبدالقوي رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، تفاصيل ما أثير مؤخرا بشأن إجمالي المنح الأجنبية التي دخلت للجمعيات الأهلية في 2019 والتي تبلغ قيمتها مليارا و16 مليون جنيه، وقال «عبدالقوي»: هذا الرقم ليس كبيرا وإنما هذا المتوسط، والقانون القديم كان يصرح بدخول المنح للجمعيات الأهلية، والقانون الجديد يصرح بها لكن الآلية اختلفت، فخلال 60 يوما تأخذ الجمعية الموافقة أو الرفض من الجهة الإدارية، وفي حالة عدم الرد في المدة السابقة يكون بمثابة موافقة بالحصول على المنحة”.

وتابع: «نعمل حتى الآن بالقانون 84 لسنة 2002 مع المنح الأجنبية لأن اللائحة الخاصة بالقانون الجديد لم تخرج بعد»، مشيرا إلى وجود آلية لحصول الجمعيات الأهلية على منحة أجنبية وهي التقدم بطلب منحة للجهة الإدارية"، كما أكد أنه تجرى مراجعة نهائية لمواد القانون لإرسالها إلى مجلس الوزراء وإصدارها في موعد غايته 20 فبراير، لأن القانون صُدق عليه في ١٩ أغسطس 2019، وقال مجلس الوزراء إ:ن اللائحة سيتم إصدارها خلال 6 أشهر، وهو ما يعني بدء العمل باللائحة في 20 من فبراير الجاري.

الجريدة الرسمية