مجلس الشيوخ الأمريكى يبدأ النقاش في إجراءات عزل ترامب
بدأ مجلس الشيوخ الأمريكى، جلسة الاطلاع على الوثائق المتعلقة بعزل الرئيس دونالد ترامب، بعد أن افتتحت رسميًا الخطوات الإجرائية فى الغرفة العليا للكونجرس يوم الخميس الماضى، حيث أدى أعضاء المجلس اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا القاضى جون روبرتس.
ما هو إجراء العزل؟
إجراء العزل هو اتهام مجلس النواب رئيسَ الولايات المتحدة بارتكاب جرائم كبرى وجنح تستدعى العزل، وهو الخطوة الأولى على طريق التجريد المحتمل للرئيس من منصبه.
فى حالة ترامب هذه، صوت مجلس النواب على مادتين، الأولى تتعلق باستغلال ترامب لسلطاته وتخص الثانية عرقلة عمل الكونجرس. خطير ونادر تاريخيًا أن يعلن مجلس النواب عن اعتقاده أن الرئيس أساء استخدام منصبه.
وعلى الرغم من أن لعملية العزل صبغة سياسية وليست قانونية، إلا أنها تشبه قرار "توجيه الاتهام" إلى الرئيس، وتحويل القضية إلى مجلس الشيوخ، الذى يقرر لاحقًا من خلال محاكمة يجريها أن كان سيبعد الرئيس من منصبه أم لا.
نقطة الانطلاق
وقد أتت هذه الخطوة بعد أن قام مجلس النواب الذى تسيطر عليه أغلبية ديمقراطية بالتصويت فى 18 ديسمبر لصالح بدء إجراءات عزل ترامب، بعد أشهر من التحقيقات وجلسات الاستماع.
"بإذن مجلس النواب، سأقرأ الآن مواد العزل، قرار مجلس النواب 755. قرار مجلس النواب رقم 755: بدء إجراءات عزل دونالد جون ترامب، رئيس الولايات المتحدة على خلفية "جنح وجرائم كبرى".
بهذه الكلمات التى تلاها رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب آدم شيف، أصبح دونالد ترامب ثالث رئيس للولايات المتحدة يواجه العزل، حيث استحضرت السلطة التشريعية صلاحيات استثنائية لتواجه بها رئيس الدولة.
الاتهامات
يتهم ترامب بممارسة ضغوط على الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى، ليقوم الأخير بتقديم معلومات حساسة بشأن خصم ترامب السناتور الديمقراطى جو بايدن والضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق يمس السناتور ونجله.
كما يتهم ترامب بإساءة استخدام سلطاته واستغلالها، وكذلك عرقلة عمل الكونجرس.
العزل فى الدستور الأمريكي
ذكر العزل فى الدستور من قبل الآباء المؤسسين للولايات المتحدة لتمكين الكونجرس من توجيه الاتهام للرئيس بارتكاب جريمة ما.
ويوفر الدستور والتفصيل الخاص بالعزل إطارا قانونيًا للإجراءات النيابية للمحاكمة، والقوة اللازمة لتجريد الرئيس من منصبه إذا تبين أنه مذنب.
وبالتحديد هناك تهمتان محددتان مذكورتان فى الدستور تستوجبان العزل، الخيانة والرشوة.
أيضًا يتضمن الدستور اتهاما ثالثًا بـ"الجرائم الكبرى والجنح التى تستدعى العزل"، لكنه لا يحدد بوضوح ماهية هذه الجرائم.
تحت هذه الفئة الثالثة بالتحديد، بدء عزل ترامب باتهامات استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس.
الآلية
بعد التحقيقات وجلسات الاستماع، تبدأ العملية من مجلس النواب، حيث يصوت أعضاؤه على إرسال مواد الاتهام إلى مجلس الشيوخ وإطلاق عملية العزل.
بعد إرسال المواد إلى مجلس الشيوخ، تلقى الكرة فى ملعب الغرفة العليا للكونجرس.
لكن يجب الحصول على أصوات ثلثى الأغلبية على الأقل لتتم إزاحة الرئيس وتعويضه من قبل نائب الرئيس.
وإذا لم تتحقق هذه النسبة، يحظى الرئيس بالبراءة ويبقى فى السلطة.
وهو السيناريو المرجح حصوله فى حالة ترامب حيث تسيطر على مجلس الشيوخ أغلبية جمهورية.
تفاصيل المحاكمة
يقوم مجلس الشيوخ بإجراء محاكمة لتقييم التهم التى وجهها مجلس النواب بهدف اتخاذ القرار بشأن إزالة الرئيس أو بقائه فى السلطة.
وفى المحاكمة يقوم مجلس النواب بدور المدعى العام ويختار بعض الأعضاء "مديرى العزل" لمناقشة القضية فى مجلس الشيوخ.
يترأس فريق الإدعاء النيابى فى هذه المحاكمة رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب، النائب عن كاليفورنيا آدم شيف، والذى أشرف على جلسات الاستماع والشهادات فى التحقيق حول العزل.
فى حين يتألف فريق الدفاع من محامى الرئيس.
لا يتوجب على الرئيس حضور المحاكمة شخصيًا ولم يتم تسجيل أي حضور لرئيس فى الحالات المشابهة السابقة.
يتولى رئيس المحكمة العليا رئاسة المحكمة وهو المسئول عن إصدار الأحكام الإجرائية أثناء المحاكمة، لكن يمكن لمجلس الشيوخ التصويت لإلغاء قراراته.
بالرغم من أن هذا الإجراء يطلق عليه لقب "محاكمة " إلا أنه إجراء سياسى بالدرجة الأولى وليس إجراء قانونيًا، وبالتالى لا يتوجب فيه اتباع القواعد العادية والممارسات الخاصة بمحاكمات الجرائم.
ويعود لأعضاء مجلس الشيوخ اتخاذ قرار كيفية هيكلة المحاكمة، إذ يمكن لهم مثلا أن يستدعوا شهودًا لإعطاء شهادات حية، أو يقرروا عدم الاستدعاء.
ويقرر فى النهاية الأعضاء بخصوص مادتى العزل، إما الإدانة أو البراءة.
إذا أدين الرئيس على خلفية واحدة فقط من أصل المادتين، يتم استبعاده من منصبه ومكتبه.
فى هذا الصدد، قال زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أنه يرغب فى أن تكون الإجراءات قصيرة وسريعة، ولم يبد رغبة باستدعاء أي شهود.
حوادث سابقة
عام 1868 عزل أندرو جونسون على خلفية طرده أحد وزراء إدارته فى انتهاك لقانون أقره الكونجرس، وكذلك لإهانته هذه الهيئة التشريعية.
عام 1974 كاد ريتشارد نيكسون أن يُعزل بتهمة عرقلة العدالة وإساءة استخدام السلطة على خلفية فضيحة ووترغيت، لكنه اضطر للاستقالة قبل ذلك.
عام 1998 تم البدء بإجراءات عزل بيل كلينتون بتهمة الحنث باليمين وعرقلة العدالة بسبب علاقته مع المتدربة مونيكا لوينسكى وتستره عليها والظروف التى أحاطت بها.
إذا جرد ترامب من منصبه، أو استقال كما فعل نيكسون، فسيخلفه نائبه مايك بنس بشكل تلقائى.
وتأتي رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى الثالثة فى الترتيب. رابعًا يأتى رئيس مجلس الشيوخ ثم خامسًا وزير الخارجية ثم أخيرا وزير الخزانة.