أنا وفرج فودة و" الملعوب " !
كانت المناظرة الشهيرة بين فودة من ناحية وكل من الشيخ الغزالي وآخرين قد انتهت على التو.. كان رجال الحركات الإسلامية يملأون القاعة ومحيطها بالكامل.. يصفقون خلف ومع كل كلمة يقولها ممثلو الدولة الدينية والعكس تمامًا مع ممثل الدولة المدنية.. كان فودة في المناظرة رائعًا كعادته.. كان لا يخجل من إعلان علمانيته وهو ما كنا نختلف معه فيه.. ليس خوفًا أو خجلاً من شىء وإنما لأن تعريفًا واحدًا ومحددًا للعلمانية لم يتم الاستقرار عليه.. فعدم حكم رجال الدين وسيطرتهم على مفاصل الدولة وتشريعاتها أحد التعريفات.. والأغلبية علمانية به.. وفصل الدين عن الدولة أحد التعريفات والأغلبية ترفضه.. وهكذا.
المهم.. نعود للمناظرة التاريخية.. التي ما أن انتهت حتي خرج فودة إلى سيارته وكانت بها نسخًا عديدة من كتابه الجديد " الملعوب " قد جاءت توًا من المطبعة.. وقفنا ومعنا جمع من الناس قرروا تحيته ودعمه وتشجيعه.. كانت ابنته تلازمه وكانت صغيرة في السن ربما لم تصل إلى المرحلة الإعدادية.. تحاورنا وسألني عن ظروف عملنا كطلبة في أسيوط في ظل هيمنة الجماعات الإسلامية والمتطرفين عليها ثم كتب إهداءً لي على الكتاب الذي استعاره زميل الدراسة والصحافة الرائع العزيز الأستاذ أشرف أنور مساعد رئيس تحرير الأسبوع حاليًا ولم يعد حتى الآن!!
ما يعنينا هو مرور ذكرى كاتب مهم.. آثر مبكرًا جدًا أن يواجه ولو منفردًا أفكارًا مظلمة متخلفة.. وواجه بكتاباته وإصداراته جيوشًا من الإرهابيين تحرشوا به وهددوه عشرات المرات.. وفي ظل نظام خائب مرتعش جاهل.. قاتل فودة الإرهاب وحيدًا حتي طالته رصاصاته دافعًا ثمن مبادئه وقناعاته في تحدٍ لا مثيل له وكانت المناظرة المذكورة سببًا مباشرًا في ذلك وبعدها بأسابيع بعد أن عجزت الكلمة والمناظرة في الرد عليه وهزيمته!
اليوم.. وفي الذكرى العشرين لرحيله.. أدعو كل الأصدقاء إلى قراءة كتب فودة.. التي شوهها المتطرفون.. اقرأوا " قبل السقوط" و" الحقيقة الغائبة " و" الإرهاب " و" الملعوب " و" زواج المتعة " وغيرها بالاشتراك مع آخرين.. ستدركون على الفور.. سبب ما نحن فيه من كارثة !!