برلين.. توقف القتال واستمرت المؤامرة!
ردود الأفعال عقب مؤتمر برلين -التي صدرت حتى كتابة هذه السطور- تقربنا من الصورة الحقيقية.. ميركل تشيد بنجاح المؤتمر وهذا طبيعي.. أما الموقف الروسي غير المرتاح فيما يبدو والذي عبر عنه سيرجي لافروف وزير الخارجية الذي قال حرفيا "مؤتمر برلين خطوة صغيرة والحوار لا يزال مستحيلا في ليبيا"!!
بينما قال الأشقاء بالإمارات على لسان وزير خارجيتها عبدالله بن زايد إنها "تدعم تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا وتشكر جهود ميركل في مؤتمر برلين"، وبالطبع العالم كله يشكر ميركل على مؤتمر برلين لكن يعنينا أكثر المؤتمر ذاته!
بينما أكد وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش أن "الإمارات تدعم جهود مؤتمر برلين لإقرار حل سلمي في ليبيا" والعالم كله أيضا يرحب بالحلول السلمية في اي مكان بالعالم، لكن يعنينا أكثر قدرة مؤتمر برلين على ذلك، وهو ما لم يقله لا عبدالله بن زايد ولا قرقاش!
اقرأ أيضا: احذر يا حفتر!
على كل حال ندخل في كارثية قرارات المؤتمر ونقول إن المؤتمر يدعو إلى تشكيل حكومة منتخبة من البرلمان، أو تحظى بموافقته دون شرح السبيل لذلك في ظل الظروف الحالية شديدة التعقيد، ودون وضع سقف زمني لذلك، بل ومع الدعوة لانتخابات برلمانية ورئاسية!
رغم أن لدينا برلمانا منتخبا في انتخابات لم يعترض عليها أحد وقبل الجميع نتائجها!! ولا نعرف هل موافقة البرلمان على الحكومة تعني البرلمان الحالي أم الجديد؟!
كما يدعو المؤتمر إلى حل المليشيات المسلحة من دون أي حديث عن مصير المطلوبين من الإرهابيين.. وهذا جيد.. ولكنه يدعو إلى اندماج هذه القوات في الأجهزة التابعة للحكومة المدنية! أي إنها والجيش الليبي سواء بسواء عليهم التبعية للحكومة المركزية التي لا نعرف عن آلية تشكيلها شيئا!
والأخطر هو سعي المؤتمر لتشديد الرقابة علي التسليح! وبدأت إيطاليا عرضها لإرسال مراقبين لتنفيذ ذلك لنبدأ خطة المزيد من تدويل الأزمة والذي سيتحول إلى إرسال قوات أجنبية! وقوات أجنبية أي تراجع فرص الحل العسكري! أي تحييد فرص حفتر في حسم الصراع!
اقرأ أيضا: إعادة إنتاج وائل غنيم!
وستكون بالضرورة هذه القوات في غير صالح حفتر، بل وينبغي أن تكون منسجمة مع قرارات الأمم المتحدة التي تعتمد السراج حتى اللحظة رئيسا للحكومة الشرعية!
توقعنا فشل أي جهود حتي اجتماع موسكو رغم ثقتنا في جهود روسيا أكثر من أي طرف.. وقلنا إن خطة تقسيم ليبيا موجودة وتنفذها أطراف خفية لا تظهر على المشهد، وقلنا سيحولون دون سقوط طرابلس بكل الوسائل! ولكن كان تغيب مصر عن المؤتمر صعب وخروجها عن "الإجماع العالمي" اصعب، ودعوتها علنا للحل العسكري لتحرير ليبيا هو المستحيل بعينه، لذلك ـ وحتى يطمئن المصريون ـ ستمر الأيام ولن يلزم المؤتمر مصر بشيء ضد مصالحها القومية..
شريطة ألا تتحول توصيات برلين إلى قرارات دولية من الأمم المتحدة، ومن هنا ولأسباب أخرى كنا من دعاة استمرار التحالف المصري الروسي في الأزمة الليبية ودعونا إلى عدم الهجوم على روسيا التي هي الطرف الوحيد الفاعل في الأزمة، التي تمتلك ثقلا حاسما وفيتو في مجلس الأمن قد نحتاج إليه!
برلين.. المؤتمر الوحيد الذي تغيب عنه أطرافه الأصليين المعنيين به، والمخاطبين بتوصياته.. وقد يكون ذلك مفيدا مستقبلا!