رئيس "الضرائب" باتحاد الصناعات: نفقد 1.2 تريليون جنيه بسبب الاقتصاد الموازي.. و1200 سوق لا تستخدم فواتير (حوار)
حجم أموال التهرب الضريبى يغني مصر عن الاقتراض الداخلى والخارجى
هناك علاقة قوية بين ارتفاع فاتورة الاقتصاد غير الرسمى والتهرب الضريبى
ماكينة عد النقدية التي تحتوى على قرص مدمج ومرتبطة بمصلحة الضرائب هى الحل
القضاء على التهرب الضريبى فى مصر لن يتم إلا من خلال ميكنة التعاملات والرقابة عن بُعد، من خلال (ماكينة عد النقدية) والتي تحتوى على قرص مدمج وبه كل المعلومات عن تعاملات العميل ولا تفتح إلا من خلال مأمور الضرائب، أو من خلال الربط الإلكترونى بمصلحة الضرائب
هكذا يضع محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات روشتة الإصلاح الضريبى فى مصر، ويرى أن هناك فارقًا بين قضايا التهرب والتهرب الضريبى، موضحًا فى حوار لـ"فيتو" أن الشق الأول يعنى حالات ثبت تورطها، بينما حالات التهرب الضريبي لم يتم إثباتها وضبطها.
وأشار «البهى» إلى أن «التهرب الضريبى أمر شائع في كل دول العالم، لكن بنسب متفاوتة، ولا توجد دولة لا تعانى من تلك الظاهرة، وقد يكون الوضع في مصر أكبر، وطبقا لأحدث البيانات سجلت حصيلة قضايا التهرب الضريبى والأموال العامة 9 مليارات و409 ملايين و834 ألفًا و689 جنيهًا.. وإلى نص الحوار:
*بداية.. من واقع متابعتك للظاهرة عن قرب.. ما تقييمك لـ«التهرب الضريبي»؟
«التهرب الضريبى» ظاهرة شائعة في كل دول، لكن بنسب متفاوتة، فلا توجد دولة لا تعانى من الظاهرة، وقد يكون الوضع في مصر أكبر، مع الأخذ في الاعتبار أن التهرب يعد جريمة مخلة بالشرف، وتعمل الحكومة حاليا على إعداد قانون للضرائب، وأعتقد أنه سوف يحاصر عملية التهرب الضريبى، ولهذا فإن ميكنة المعاملات المالية لدى تجار التجزئة سوف تساهم في حصر كل المجتمع ضريبيا ، وتستطيع الإدارات الضريبية التعرف على حجم أي ممول بشكل غير مباشر سواء من خلال تعاملاته أو تعاملات الآخرين معه، حيث إن «الميكنة» آلية جيدة لتحقيق المصلحة والمنفعة المشتركة بين مصلحة الضرائب وبين الممولين.
كما أن وزارة المالية تعمل حاليا على دمج الاقتصاد الموازى (غير الرسمى) مع الاقتصاد الرسمى من خلال حصر جميع التعاملات عن طريق الميكنة التي تحقق المصلحة للجميع، بداية من الممول، لأنها توفر الوقت والجهد، وتقلل التلامس البشرى، وتقلل الأخطاء المالية، كما أنها تحقق المصلحة للدولة، عن طريق تحصيل مستحقات الدولة بشكل سريع وعادل في فترة وجيزة.
*بشكل عام.. ما أسباب التهرب الضريبى؟
الاقتصاد غير الرسمى، يعنى الأنشطة التي تتم بدون إصدار أي فواتير، والتي تعد أحد الأسباب المهمة للتهرب، فعلى سبيل المثال هناك من يستورد بضاعة ويقدم فاتورة بأقل من قيمتها بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 20%، ويسدد الضرائب طبقا لهذه القيمة غير الحقيقية، ثم يستعين بالاقتصاد الخفى (الأسواق العشوائية) لبيع هذه البضاعة بدون فواتير، وبالطبع بدون القيمة الحقيقية للسلعة، وبالتالى الفارق بين السعر المصطنع والحقيقى يعنى قيمة التهرب.
*وكيف يواجه قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي تعده الحكومة ظاهرة التهرب الضريبى؟
الحكومة انتهت من صياغة مشروع قانون ينظم عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر بشكل يضمن ضم الاقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الاقتصادية الرسمية، فهذا القانون يرسخ لفلسفة التعامل مع الضرائب، فحتى وإن كانت وزارة المالية لا تنظر إلى حصيلة الضرائب المتوقعة منه في الوقت الحالى، فهى تستهدف أن يعتاد المستثمر الصغير على دفع الضريبية بشكل رسمى، ومن المتوقع أن يحقق هذا القانون نتيجة جيدة بعد إقراره وتطبيقه خلال الفترة المقبلة.
*هل يمكن القول إن هناك علاقة موازية بين الاقتصاد الخفى (غير الرسمى) وارتفاع حجم التهرب الضريبى؟
بالطبع.. جميع أشكال الاقتصاد غير الرسمى تعد تهربا بشكل كامل من الضرائب.
*تحديدًا.. ما أبرز أساليب التهرب الضريبى؟
عدم إصدار فواتير أو اصطناع فواتير، وأيضا تحديد قيمة للسلع بقيمة متدنية في عمليات الاستيراد أو التجارة، هذا إضافة إلى «التجنب الضريبيى» الذي تمارسه بعض الشركات التي لها فروع أو متعددة الجنسيات، و«التجنب الضريبى» يعنى عدم دفع الضريبة دون مخالفة ظاهرة واضحة فلا نستطيع معرفتها، ولهذا تم الاقتراح في القانون الجديد للضرائب بأن يتم إلزام سداد الضريبة في مكان واقعة البيع، أي إن كانت هناك معاملة بيع تمت في مصر فيتم سداد الضريبية في مصر حتى لا تكون بوابة للتهرب.
*وماذا عن ميكنة المعاملات المالية لدى تجار التجزئة؟
ميكنة التعامل والربط الإلكتروني والميكنة بين مصلحة الضرائب وبين ماكينات عد النقدية في محال التجزئة تساهم في مواجهة التهرب الضريبى، وبالتالى محاصرة ظاهرة التهرب الضريبى لأن كل التعاملات ستكون موثقة، والماكينة أشبه بـ«ماكينة الكاشير» وهى تصنع خصيصا بقرص مدمج مثل (الذاكرة) تحتوى على كل التعاملات، وعندما يتم استخراج أي (بُون) من الماكينة فإنه يسجل ويكون مرتبطا بمصلحة الضرائب، وهذا الفكر موجود في العالم كله، وقتها لن يكون هناك داعٍ للنظر في دفاتر ورقية، بل يتم الفحص آليا.
*ما تقييمك لحجم قضايا التهرب والبالغ قيمتها 9 مليارات جنيه.. وكم يمثل الاقتصاد غير الرسمى في حجم هذه التعاملات؟
التهرب الضريبى ظاهرة عالمية، وقد يكون حجمها أكبر بكثير من الـ9 مليارات جنيه، بسبب تزايد مسببات الظاهرة، أما الاقتصاد الرسمى فإنه يمثل 60% من حجم التعاملات، فنجد أن متوسط تحصيل الضرائب من 12، 5% إلى 13%، بينما نجد دول أخرى مشابهة تصل إلى 25%، وللاقتصاد غير الرسمى أشكال متنوعة مثل مصانع بير السلم والتجارة العشوائية والباعة الجائلين يبيعون بدون فواتير، كما أن هناك 1200 سوق في مصر لا تستخدم أي فواتير على الإطلاق.
*بشكل قاطع ونهائى.. كيف يمكن معالجة تلك الظاهرة؟
من خلال ميكنة التعاملات والرقابة عن بُعد، والتي أرى أنها لا بد وأن تكتمل على الحلقة الأخيرة للبيع وهى التجزئة وهذا لن يتم إلا من خلال (ماكينة عد النقدية) والتي تحتوى على قرص مدمج وبه كل المعلومات عن تعاملات العميل ولا تفتح إلا من خلال مأمور الضرائب، أو من خلال الربط الإلكترونى بمصلحة الضرائب، وهذا الأمر مهم لأنها الحلقة التي تضبط كل الحلقات السابقة.
*هل هناك رقم محدد يوضح حجم الخسائر التي تتكبدها مصر من التهرب الضريبى؟
إذا أردنا حساب حجم التهرب الضريبى بالقيمة، فهذا يمكن احتسابه من خلال نسبة الـ60% مقارنة بدخل الضرائب، فالدولة تحصل ما يقرب من 800 مليار جنيه (حصيلة ضرائب)، وإذا تم حساب نسبة الـ60% يعنى تريليون و200 مليار جنيه هدر من موارد الدولة نتيجة انتشار الاقتصاد الموازى في السوق المصرى وهذا الرقم يغنى الدولة عن الاقتراض الداخلى والخارجى.
*إلى أي مدى يمكن أن يساهم مقترح تحويل مصلحة الضرائب إلى هيئة مستقلة في مواجهة التهرب الضريبى؟
طالبت بأن تكون مصلحة الضرائب هيئة مستقلة، ويكون لها مجلس إدارة وسياسات خاصة لمحاصرة الاقتصاد السرى، فمنذ صدور القانون 91 لسنة 2005، في عهد وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى، والذي نص على إنشاء مجلس أعلى الضرائب، يشكل من الخبراء في مجال الضرائب، والذى لم ينفذ، طالبت وقتها بفكرة تحويلها إلى هيئة مستقلة عندما أثيرت مشكلة (الكادر الوظيفى) وتدنى دخل مأمور الضرائب، حيث إن مأمور الضرائب ما هو إلا قاضى يحكم في المال العام بين الممول والدولة، وحتى يكون المأمور شخصا مميزا وحتى يخرج من الكادر الوظيفى طالبت بأن تتحول الضرائب إلى هيئة عامة، ويكون رئيسها بدرجة وزير.