د. أماني فوزي تكتب: الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية
في ظل ما يحققه الاقتصاد المصري في مجال الاندماج بالاقتصاد الرقمي وتطبيقاته، كان لابد من إلقاء الضوء على مفهوم الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية وأهم مزايا هذا النمط من التجارة، خاصةً في ظل التغيرات والتطورات التي أفرزتها معطيات التطور التكنولوجي، وتسارع وتيرة الابتكارات والتقنيات التكنولوجية، وظهور العديد من التطبيقات والأنشطة الحديثة والتي تعتبر المعرفة أهم عوامل نجاحها، حيــث أن كــل تلــك التغــيرات والتطــورات تعتــبر مــن سمــات الاقتصــاد الرقمــي أو الاقتصــاد الجديــد القــائم علــى الإنترنت، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تعتـبر القـوة الحاليـة والقادمـة لجميـع الـدول، فقد ساهم ذلـك في توسـيع دائـرة حجـم التبـادل التجـاري بـين دول العـالم، وأضـحى العـالم في سـوق إلكترونيـة تنافسـية واسـعة لمختلـف السلع والخدمات، وأصبحت مجالًا خصبًا أمام الدول للاستفادة منها كوسيلة حديثة لزيـادة حجـم تجارتهـا الخارجيـة وتحقيق معدلات نمو أعلى في اقتصادياتها.
ففي هذا العصر الرقمي الذي تنتشر فيه الإنترنت انتشارًا هائلًا شاع مفهوم التجارة الإلكترونية التي تتيح العديـد من المزايا، والتي جعلت هذا العالم مجرد قرية صغيرة وسوقًا واحدًا تتعادل فيـه الفـرص الممنوحـة لكـل الشـركات علـى خلاف حجمها لاقتحام الأسواق العالمية والترويج للبضائع والسلع بكل سهولة ويسر.
وبرغم وجود بعض الدول العربية التي تنبهت مؤخرًا إلى ضرورة الدخول في عالم الاقتصاد الرقمي، وبدأت بوضع ورصد الإمكانات والسياسات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، إلا أنه توجد دول عربية أخرى حققت تطورات إيجابية في إمكانية الحصول على نتائج وإنجازات من الممكن أن تساهم في نقل هذه الاقتصادات العربية إلى عصر الاقتصاد المعلوماتي الرقمي، خاصةً فيما يتعلق بمعدلات التجارة الإلكترونية والتي تعتبر تطور رقمي للتجارة التقليدية باستخدام وسائط تكنولوجية متطورة، وتتفق القواعد والأطر القانونية الخاصة بالتجارة الإلكترونية مع معظم تلك الخاصة بالتجارة التقليدية في إطار منظمة التجارة العالمية على وجه الخصوص في تجارة السلع، وحماية الملكية الفكرية.
هذا ويرجع الفضل في تسهيل المبادلات التجاريـة الدوليـة - فـي السنوات الأخيرة- إلي تطور أدوات الاتصال الإلكترونية بصورة كبيرة. وتحتل التجارة الإلكترونية على المستوى الدولي أهمية كبيرة، لأن الكثير من الخدمات التي تتم علـي المسـتوى الدولي أصبح من السهل أن تتم من خلال التجارة الإلكترونية. وتيسرت التجارة عبر الدول بصـورة كبيرة وذلـك بفضل توفر وسائل متعددة أمام التجارة الإلكترونية لاسيما أجهزة الإرسال الإلكتروني والإنترنت وغيرها.
كما توفر التجارة الإلكترونية مجموعة من الآثار الاقتصادية على مستوى المؤسسات والشركات التجارية، منها على سبيل المثال: توسيع نطاق السوق، تفعيل مفهوم المنافسة الكاملة في السوق، انخفاض تكاليف العمليات التجارية، تحكم أفضل في إدارة المخزون.
وفيما يتعلق بحجم التجارة الإلكترونية على مستوى العالم، يكشف مؤشر التجارة الإلكترونية من الشركة للمستهلك لعام 2017 والصادر عن الأونكتاد، وجود فجوة كبيرة في التجارة الإلكترونية بين الدول؛ فنسبة المتسوقين على الإنترنت في سكان معظم أقل الدول نموًا تبلغ 2% أو أقل، بينما تتراوح تلك النسبة في العديد من البلدان المتقدمة بين 60% و80%.
وتـعـد الصيـن هـي الرائـدة على مستوى العـالم في التجارة الإلكترونية من حيث الإيرادات، ويتضح من الإحصاءات أن ما يقرب من نصف مليار مستهلك يفضلون التسوق عبر الإنترنت.
وفيما يتعلق بحجم معاملات التجارة الإلكترونية في الدول العربية، يُعد مؤشر " عدد مستخدمى الإنترنت" أحد أهم مؤشرات قياس الوصول لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويعكس واقع وآفاق التجارة الإلكترونية، وبالنظر لوضع الدول العربية إلكترونيًا وفقًا لهذا المؤشر، فإن أحدث إحصاءات البنك الدولى تشير إلى أن 42 % من إجمالى عدد سكان الوطن العربى ( والذى يقارب 400 مليون) يستخدمون الإنترنت عام 2016، في حين أن هذه النسبة لم تتجاوز 3,5% من إجمالى عدد السكان عام 2003. وتعد نسبة الزيادة في استخدام الأفراد للإنترنت في الوطن العربى أعلى النسب في العالم. وبالأخذ في الاعتبار التفاوتات بين عدد سكان الدول العربية، فإن استخدام مؤشر عدد الأفراد المستخدمين للإنترنت كنسبة من إجمالى عدد سكان الدولة يعتبر مناسبًا للدلالة على مستوى التقدم التكنولوجي المدعم بالبنية التحتية الملائمة، وذلك حتى يمكن تحديد الدول التي تتميز بالميزة النسبية بين باقى الدول العربية للتوسع في مجال التجارة الإلكترونية بها.
--------------------------------------------------------------------------------------------------
خبير اقتصادي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية