"الإفتاء": التهرب من الضرائب جريمة ومن يساعدون عليها "آثمون"..والاستعانة بشركات متخصصة لتزوير الدخل "حرام"
حثت الشريعة أتباعها على تحري الحلال والحرام في كافة تعاملاتهم والالتزام بنصوص الشرع عند التربح من أي عمل، كما تركت الشريعة تنظيم بعض المسائل التي تخص شئون الدنيا ومستجدات العصر إلى العلماء وأهل العلم لتحديد رأي الشرع بها.
الضرائب
ومن المسائل التي تثار بين الحين والآخر هي حكم الشرع في الضرائب التي تفرضها الدولة على المواطنين وهل يجوز التهرب منها وحكم بعض المكاتب التي تقوم بتسهيل عملية التهرب من الضرائب؟
من جانبها أوضحت دار الإفتاء أن التهرب من دفع الضرائب والجمارك ودفع الرشوة لإنقاصهما غير جائز شرعًا، ذلك أن هذه الالتزامات المالية عبارة عن مقدار محدد تفرضه الدولة في أموال المواطنين نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع ولخلق نوع من التوازن في المجتمع بين فئاته المختلفة، فكان فرض مثل هذه الالتزامات للمصلحة العامة الواجب مراعاتها.
مشيرًة إلى أنه وقد أقرت جماعة من فقهاء المذاهب المتبوعة الضرائب، لكنهم أسموها بـ"الخراج"، وأسماها بعضهم بـ"النوائب" جمع نائبة، وهي اسم لما ينوب الفرد من جهة السلطان؛ إعمالًا لما تقرر في الشريعة الإسلامية أن في المال حقًّا سوى الزكاة؛ فقال تعالى: "وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ" موضحًة أنه جمع في الآية بين إيتاء المال على حبه وبين إيتاء الزكاة، مما يدل على أن في المال حقًّا سوَى الزكاة، منوهًا إلى قول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم -مؤكدًا هذا المعنى حين سئل عن الزكاة"إِنَّ فِي المَالِ لحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ".
التزوير
وأكدت الدار أنه لا يجوز شرعًا للمسلم أن يكذب ويدلي بمعلومات خاطئة عن راتبه ودخله الحقيقي بغية التهرب من الضرائب، لأن الكذب من كبائر الذنوب، وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا" ولما في ذلك من إلحاق الضرر بالدولة وعجزها وتقصيرها في كل ما هي منوطة بالعمل به.
من جانبه أوضح الدكتور مبروك عطية عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر سابقًا، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سئل أفي المال حق غير الزكاة فقال "نعم" وأن هناك لدى علماء المسلمين بأن من يحكم المسلمين من حقه أن يفرض على الأغنياء أمولًا غير الزكاة ليصلح شأن البلاد.
وتتمثل هذه الأموال في الضرائب أو اسم آخر فالعبرة ليست بالأسماء وإنما العبرة في الدين تكون بالمقاصد، مشيرًا إلى أن من يربح من أي عمل ويؤدى لوطنه حقه من الضرائب وغيرها فهو المسلم السليم المبتغى لفضل الله تعالى، لأنه يعلم أن هذه الضراب تفيد الناس وتنفعهم وتصلح من أحوالهم، والذين يتهربون منها إنما يتهربون من واجب.
وأضاف "عطية" أنه في حالة ثبوت وجود شركات تسهل على البعض التهرب من الضرائب من خلال التزوير في البيانات أو الأوراق المطلوبة، فإنه لاشك أن المال الذي يحصل عليه المسلم من حرام فإنه يكون حراما أيضًا، موضحًا أنه في حالة ثبوت هذا التزوير لدى بعض الشركات فإن هذا لا يقل عن شهادة الزور وهى والتي انتفض من أجلها النبي –صلى الله عليه- وكرر فيها قوله "ألا وشهادة الزور" حتى قال الصحابة "يا ليته سكت" من إشفاقهم عليه ورحمتهم به، فكل زور حتى القول في الظهار كقول الرجل لامراته أنت عليا كظهر أمي قال الله فيه" إن أمهاتهم إلا اللاء ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور" وأن القول المنكر والزور من الآثام الكبار لو يعلم الناس.
وتابع: "أي إنسان يحصل على ثمن تزوير هذا سحت ليس فيه من رائحة البركة شيء وإن تنامى بين يديه، وأما إذا كانت هذه الشركات تعمل بمقتضى الحسابات الدقيقة الأمينة والتي توفر على صاحب الشركة أو المصنع أو من وجبت فيه حقه الضرائب بحيث تكفيه وتوفر له وقته كي يعمل وتقوم هي بالحسابات الدقيقية التي يرقبها الله قبل الناس فهؤلا أجرهم حلال لا شك فيه".
نقلًا عن العدد الورقي...،