رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وطننا جميعا


بالأمس الاثنين ٧ يناير، كان احتفال إخواننا المسيحيين بعيدهم، عيد ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام، ومن ثم لا يفوتنا أن نوجه إليهم تهانينا فى صدر هذا المقال.. وهى تهنئة أراها واجبة فى حق شركاء الوطن والقرار والمصير، الذين يمثلون جزءا من نسيج هذا المجتمع المصرى الكريم.. أنا شخصيا لى أصدقاء كثيرون من المسيحيين، الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، وأحرص على الاتصال بهم فى أعيادهم ومناسباتهم الاجتماعية، وهم كذلك يبادلوننى حرصا بحرص واتصالا باتصال، وأعتقد أن هذا مما يعمق أواصر الارتباط بيننا جميعا، وهو أمر له ضرورته وحيويته بل وحتميته.. لقد جمعتنا زمالة العمل، والسكن، والنشاط السياسى والاجتماعى بإخوة كثيرين على مدى عقود طويلة، ورأيت منهم كل ود وتقدير وحرص وإخلاص على الارتقاء بهذا الوطن.. وليس هذا بعجيب، فهو وطن الجميع، على اختلاف عقائدهم ومللهم ونحلهم، والعمل على رفعة شأنه واعلاء كلمته لا تتعلق بفئة دون فئة، أو شريحة دون شريحة.

 لا أتصور أن تكون هناك نهضة أو تقدم أو رقى لمصرنا الحبيبة، ما لم تكن هناك مشاركة حقيقية بين كل أطياف المجتمع "مسلمين ومسيحيين"، بل أقول إن هذه النهضة مرهونة قولا وفعلا، حلما وأملا، خيالا وواقعا، بتكاتف كل الجهود وتضافر كل القوى على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية.. إن ما يجمعنا كثير.. يكفى أننا فى سفينة واحدة، ومن العقل والحكمة والرشد والمصلحة العليا أن تظل هذه السفينة طافية على سطح الماء، وأن تمضى فى رحلة الحياة بكل عزم وقوة وإصرار وثبات، لا تعوقها عواصف ولا تعبث بها أنواء، إلى أن تصل يوما إلى بر الأمان.. نعم هناك نقاط نختلف فيها بين بعضنا، لكنها الاختلافات التى تعمق الوحدة وتزيد الترابط وترقى بمجتمعنا إلى المكانة اللائقة به، هذا إذا استطعنا أن نوجد لها آلياتها، وأعتقد أن ذلك ليس صعبا إذا صفت النفوس وخلت النيات من النظرات الضيقة.

إن التحديات التى تواجهنا، على المستويين الداخلى والخارجى، تحديات كبيرة ولن يستطيع فصيل سياسى بمفرده - مهما كان حجمه أو وزنه - أن يقوم بها أو يحمل أعباءها.. وبالتالى، لابد من التلاقى والتفاهم على القواسم المشتركة بين الجميع.. إن إصرار فصيل بعينه على إقصاء الآخرين، واحتلال صدارة المشهد، وفرض إرادته على الباقين هو نوع من الانتحار السياسى، فضلا عن أنه يؤدى إلى إغراق سفينة الوطن بكل من فيها.

 على العقلاء من أبناء الوطن أن يتنادوا ويتداعوا للجلوس معا، فمازالت هناك فرص كثيرة سانحة.. هى بالطبع مسئولية كل الأطراف، لكنها مسئولية رئيس الدولة ومن بيده السلطة بدرجة أكبر.. وأعتقد أن الجميع يعلم يقينا أن تقدم الدول العربية والإسلامية مرهون إلى حد كبير بتقدم مصر ورقيها.. هناك مواد مختلف عليها فى الدستور، يمكن التحاور بشأنها والوصول فيها إلى حلول مرضية لكل الأطراف، وبما يحقق الصالح العام.. هناك أيضاً مشروعات قوانين، كمشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومشروع قانون انتخابات مجلس الشعب القادم، ومشروع قانون التظاهر، هذه سوف تطرح على مجلس الشورى فى الأيام المقبلة، وتحتاج بالفعل إلى آراء كل ألوان الطيف السياسى.. أنصح المعارضة بأن تأخذ بزمام المبادرة وتفرض نفسها على الحوار، وإن لم تكن هناك فائدة سوى إحراج من بيده السلطة، فنعم الفائدة.. فى ظنى أن مقاطعة هذه الحوارات لن تحقق الثمار المرجوة التى تبتغيها المعارضة، وعليها أن تفكر كثيرا وجديا فى موقفها.

الجريدة الرسمية