رئيس التحرير
عصام كامل

بركاتك يا شيخ جورج


حركة تمرد مدد من الله.. هكذا وصف جورج إسحق حركة تمرد التى اجتذبت اهتمام الجميع، حكامًا ومعارضين والأهم المواطنين العاديين، الذين راعهم زيادة سوء أحوالهم وتدهورها المستمر!

فقد رأى جورج إسحق الذى سبق أن أسس قبل عدة سنوات حركة كفاية فى حركة تمرد قارب النجاة من حكم أغرق البلاد فى استبداد سياسى وظلم اجتماعى واضطراب أمنى.
كلام جورج إسحق الذى ليس له فى الدبلوماسية ولا يزوق كلامه هو اعتراف من واحد من ألمع النشطاء السياسيين بإخفاق النخبة السياسية التى تصدت للدفاع عن مدنية الدولة وعن حق المصريين فى دولة ديمقراطية عصرية، ولعل هذا يفسر تحذيره أيضا لجبهة الإنقاذ بأن تهجر السياسة وتنهج أسلوب الثورة.
هذا اعتراف مهم حتى وإن جاء متأخرا، أو كما يقال بعد خراب مالطة، أى بعد تمكين الإخوان من حكم البلاد بسبب أخطاء حسابات نخبتنا السياسية، التى خاضت المعارك الخطأ فى الوقت الخطأ، بينما تركت الإخوان يمضون بسهولة وبدون مقاومة للسيطرة على البلاد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بل أيضا ثقافيا!
لكن مع الأهمية الكبيرة لهذا الاعتراف السياسى الكاشف للناشط السياسى البارز، فإنه وحده لا يكفى للاطمئنان على المستقبل السياسى للبلاد، حتى وإن استجابت حركة الإنقاذ لدعوة جورج إسحق وهجرت السياسة وانتهجت الثورة، وانضمت إلى تمرد ٣٠ يونيو، الذى يتم الدعوة له الآن لإجبار الرئيس مرسى على ترك الحكم وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد ستة أشهر تتولى فيها المحكمة الدستورية مهمة إدارة شـئون البلاد وتنظيم هذه الانتخابات.
فلا يوجد ضمان حتى الآن يحمينا من تكرار ذات الأخطاء التى ارتكبتها النخبة السياسية منذ ١١ فبراير ٢٠١١ حينما تنحى مبارك عن الحكم وحتى بعد نجاح د. محمد مرسى فى الوصول إلى القصر الرئاسى، وما يؤكد ذلك أنه لا أحد بين هذه النخبة يملك تصورا سياسيا لمواجهة الاحتمالات المتوقع حدوثها.
لا أحد يعرف ماذا سيفعل إذا ما قرر الإخوان مواجهة المتظاهرين بالعنف، ولا أحد يعرف ماذا سيفعل إذا لم يستجب الرئيس مرسى لطلب المتظاهرين وبقى فى الحكم، ولا أحد أيضا يعرف ماذا سيفعل إذا ما استجاب الرئيس مرسى وترك الحكم وقبل الإخوان بانتخابات رئاسية مبكرة وأعادوا ترشيح مرسى أو أحد غيره.
إن كل ما تعرفه النخبة هو التمرد فقط، وهذا أحد أخطاء هذه النخبة المسئولة عن تشويش عقول شباب كثيرين.
وبركاتك يا شيخ جورج فى انتظار المدد الإلهى الثانى.
الجريدة الرسمية