مذكرة على مكتب الوزير تفضح المسكوت عنه في التموين.. إهدار 10 مليارات جنيه من أموال الدعم.. و89 مليار جنيه إجمالي المنظومة
"المال السايب يعلم السرقة".. مقولة تلخص ما يجري في ملف الدعم في مصر طيلة السنوات الأخيرة، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى توفير مليارات الجنيهات لدعم الأسر المصرية، لا تذهب تلك الأموال إلى مستحقيها، وتستولي عليها عصابات نهب الدعم.
من جانبه أعطى مجلس الوزراء الضوء الأخضر لوزير التموين لدراسة ملف تحويل الدعم العيني إلى النقدي المشروط، بالتنسيق مع عدد من الجهات للاتفاق على الآليات الخاصة بتنفيذ ذلك، وتوقيت التطبيق، وأيضا دراسة مميزات وسلبيات هذه الخطوة لتقييمها على النحو الأمثل، لعرض تقريرٍ وافٍ على رئيس الجمهورية لاعتمادها وتنفيذها، وتهدف الحكومة إلى التحول للدعم النقدي المشروط بهدف المساهمة في الحد من تسرب الدعم، ووصول الدعم إلى مستحقيه.
ورغم انخفاض أسعار بعض السلع التموينية، إلا أن السلع التموينية التي يتم صرفها على البطاقات التموينية لدى البقالين التموينيين وأصحاب مشروع جمعيتي أعلى من أسعار نظيرتها في السوق الحر، خاصة أن هناك تراجعا في أسعار تلك السلع عند تجار التجزئة في السوق الحر، وأهمها سلع السكر، الأرز، والزيت، الدقيق، ويستفيد من الدعم التمويني للسلع 64 مليون مستفيد، فضلا عن 73 مليون مستفيد من صرف الخبز المدعم، بإجمالي دعم مالي يقدر بـ89 مليار جنيه، ويكون دعم الخبز 53 مليار جنيه، بينما دعم السلع الغذائية 36 مليار جنيه.
إهدار 10 مليارات جنيه
كشفت دراسة أعدها المستشار الاقتصادي العربي أبو طالب الخبير في شئون الدعم، وتقدم بها إلى وزير التموين والتجارة الداخلية لاتخاذ اللازم بشأنها، عن إهدار 10 مليارات جنيه من قيمة دعم المواطن سنويا، واستندت الدراسة في ذلك إلى مساوئ الدعم المشروط، واستغلال الغالبية العظمي من البقالين التموينيين وأصحاب مشروع جمعيتي المواطن وإهدار الدعم المخصص له سنويا.
وقالت الدراسة إن الدولة تقوم بتوفير بعض السلع عن طريق البدالين التموينيين وكذلك مشروع جمعيتي وبعض المنافذ التابعة للشركة المصرية لتجارة الجملة وغيرها، فيقوم المواطن بالذهاب للبدال التمويني ببطاقة الدعم التموينية "بطاقة الأسرة الذكية"، لصرف مستحقاته وهي عبارة عن 50 جنيها دعما مشروطا، وتقوم الدولة بدعمه بها شهريا لاستخدامها لصرف سلع يقوم بصرفها، لمساعدته في ظل ارتفاع الأسعار، فيتوجه المواطن للبدال التمويني لصرف مستحقاته من الدعم النقدي المشروط على البطاقة فيطلب التاجر منه حق ضرب البطاقة "خمسة جنيهات" نقديا قبل ضرب البطاقة على الماكينة، ثم يضرب البطاقة بالماكينة المخصصة، ويجد المواطن أنه خصم "جنيه واحد" كخدمة إلكترونية، وبذلك يكون إجمالي المدفوع من المواطن "6 جنيهات".
السلع الإستراتيجية
وأكدت الدراسة أن السلع الإستراتيجية (سكر، زيت، أرز)، الموجودة في منطومة التموين لدى البقالين ومشروع جمعيتي تباع بأسعار أعلى من نيرتها في السوق الحر بفارق من 3 إلى 4 جنيهات.
ويتوجه المواطن بقيمة الدعم الـ"خمسين جنيها " لشراء كميات من السلع على النحو الآتي (2 كيلو سكر تمويني بسعر 17 جنيها، بينما يباع في السوق الحر بـ 14 جنيها، 2 كيس أرز بسعر 16 جنيها، بينما يباع في السوق الحر بـ12 جنيها، زجاجة زيت بسعر 17 جنيها، في حين أنها تباع بالسوق الحربـ 14 جنيها)، وبذلك يكون مقابل صرف مستحقات المواطن للدعم المشروط، وقدره 50 جنيها، مضاف إليها مبلغ الخصم "جنيه" و" خمس جنيهات، يكون إجمالي المدفوع " 56 جنيها، بينما يكون المدفوع مقابل السلع نفسها عند شرائها من السوق الحر 40 جنيها فقط.
وعندما يتم ضرب هذه الفوارق كالتالي: عدد البطاقات التموينية 21 مليون تقريبا، في 6 جنيهات يصبح 126 مليون جنيه، وكذلك عدد الأفراد داخل البطاقات 71 مليون فرد بفارق سلع 10 جنيهات، فيصبح الإجمالي 710 ملايين جنيه وهو ما يتحمله المواطن على السلع، وعند حساب 700 مليون بالإضافة إلى 120 مليون في الشهر الواحد نجد أن المبلغ الإجمالي 836 مليون جنيه شهريا، ويبلغ قيمة الإهدار لدعم المواطن واستغلاله في العام مبلغ 10 مليارات و32 مليون جنيه سنويا.
وأكدت الدراسة أن المواطن يرغم على شراء سلع وأصناف بمواصفات وجودة محدودة، ويضطر إلى شراء تلك السلع من أماكن محددة لدى البقالين وجمعيتي فقط، وقد يكون في أماكن بعيدة عن مسكنه، فيتحمل عناء وتكلفة الانتقال لشراء سلع تموينية هي في الأصل تباع بأسعار أعلى من السوق الحر، أما مبلغ فارق نقاط الخبز الذي يوفره المواطن من الدعم المخصص له لشراء الخبز، ليستفيد بشراء بعض احتياجاته من السلع، فيحصل على تلك السلع أيضا من أماكن محددة، أي من البقالين وجمعيتي فقط وغير مسموح له بالشراء من أي سوبر ماركت خارج المنظومة، ويحصل أيضا على سلع مرتفعة السعر، ولا يستفيد من أية خصومات على السلع في السوق الحر.
وأوصت الدراسة أن يتم إلغاء صرف الدعم النقدي المشروط وتحويله إلى دعم نقدي غير مشروط يسمح للمواطنين بالشراء من أي سوبر أو هايبر ماركت "السوق الحر"، وذلك بعد السماح لتلك الأسواق بالتعاون مع البنوك باستلام ماكينة وفتح حساب مع البنك لصرف السلع الخاصة ببطاقات التموين.
ويقوم المواطن بشراء كافة احتياجاته من السلع من أي سوق حر، فيستفيد من قيمة الدعم كاملة "50 جنيها" بدون خصم "6 جنيهات"، والاستفادة أيصا من جودة عالية للسلع وأسعار مخفضة، والعروض التي يقوم بها السوق الحر على السلع، وبالتالي يحصل المواطن على سلع أكثر بقيمة الدعم المخصص له، فضلا عن أنه يخلق قوة تنافسية بين التجار والبقالين وجمعيتي، بما يصب في صالح المواطن.
التحول إلى الدعم النقدي
وقال مصدر بوزارة التموين إن الوزارة تعكف على دراسة التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي المشروط فيما يتعلق بمنظومة الخبز، تمهيدًا لتطبيقها بعد قرار مجلس الوزراء بدراسة التحول إلى الدعم النقدي المشروط، وأكد أن الوزارة تهدف إلى قيام المواطن بشراء احتياجاته فقط من الخبز وفقًا لعدد الأفراد في البطاقة التموينية، ثم خصم ذلك من الكارت، بنفس طريقة صرف السلع التموينية، وفي حالة توفير المواطنين من المبلغ المخصص للخبز، يمكن أن يضاف إلى بطاقة التموين بحيث يصرف به سلعًا تموينية.
وأضاف المصدر أنه من المتوقع حتى الآن أن يكون القيمة المالية ثابتة كل شهر للخبز 58 جنيها تقريبا لكل فرد، ويكون عدد الأرغفة لكل فرد 95 رغيف شهريا، أي بما يعادل 3 أرغفة تقريبا يوميا، وبالتالي يكون حساب رغيف الخبز 60 قرشا.
وتعتمد منظومة الخبز الجديدة في الدعم النقدي المشروط، أن تكون بطاقات التموين بدلًا من أن يكون مسجلا عليها عدد الأرغفة سيكون الكارت مشحونا بمبلغ مالي محدد، بقيمة عدد الأرغفة المستحقة لكل مواطن، من خلال تسليم المواطن كارتا أشبه بكارت الـATM.
نقلا عن العدد الورقي...