سيناء تستغيث.. أين الرئيس؟!
تكشف الهجمات المتتالية التى تتعرض لها سيناء، وكميات الأسلحة المهربة، والهجوم المتعمد على بعض وحدات الشرطة والجيش، عن خلل شديد فى إدارة الحكومة المصرية ورؤيتها للملف السيناوى بتعقيداته وتشبكاته المختلفة، ولم يحدث شيء بعد الثورة نفس السياسات الأمنية فى معالجة المشكلات المتراكمة، ونفس القرارات إقالة مدير أمن أو تغيير محافظ وتستمر نفس المنظومة كما هى.
والمؤلم فى القضية أننا لم نتعلم الدرس ولا نعلم قيمة سيناء لمصر ومن الواضح أن الحكومة لا تقدر الأخطار الداخلية والخارجية التى تتربص بسيناء، فسياسة المسكنات مستمرة، وكأننا نعيش فى اللادولة فما ينشر فى الإعلام لا وجود له على أرض الواقع من يعيش فى سيناء يشعر أنه ليس مصريا يعامل معاملة فيها خوف وحذر وشك، ولا بد من حلول جذرية لمشكلات سيناء وأعتقد أن الحكومة الحالية لا تملك القدرة على ذلك فى غياب الرؤية الكاملة لسيناء وأهميتها وترك سيناء للحلول الأمنية العقيمة التى تزيد الأمور اشتعالا من الممكن أن تؤدى لانفجار سيناء ونسقط جميعا فى بئر العنف والمؤسف أن أهالى سيناء وقبائلها ضحية للحكومة المصرية وأقدم رؤيتى كشاهد عيان لما يحدث فى سيناء كحلول مقترحة للخروج من الأزمات المتتالية نحو نهضة سيناء والحفاظ عليها:
1- تعانى سيناء من إدارة غير واقعية لظروفها البيئية والاجتماعية وأقصد هنا طريقة اختيار المحافظين ورؤساء المدن والقرى والإدارات المختلفة، فعبر سنوات طويلة وحتى الآن تأتى مجموعة من قيادات الجيش والشرطة السابقين كمحافظين ورؤساء للمدن وهذه سياسة خاطئة جدا، فسيناء قبائل وعوائل منتشرة فى كل مكان وهم صمام الأمان الحقيقى فلابد من إشراكهم فى إدارة سيناء عن طريق الانتخاب، ويتكون مجلس أعلى من القبائل لإدارة سيناء تحت رعاية الحكومة وينتخبون من داخلهم المحافظين ورؤساء المدن والقرى وبالتالى يصبحون هم الحكام الحقيقيون بدلا من التعامل الأمنى وزيارات قيادات الأجهزة الأمنية لهم تطالبهم بمساعدة المحافظين.
2- تعانى سيناء من غياب السياسة الأمنية الواقعية، فانتشار الأكمنة والشرطة فى الشارع داخل المدن ليس هو الحل بل يجب إشراك أهالى سيناء فى حماية بلدهم وإدخالهم للمنظومة الأمنية بكل قوة، فهم العارفون بسيناء وطرقها وجبالها وهنا يأتى التعاون بين وزارة الداخلية فى توظيف عدد كبير من أهالى سيناء داخل جهاز الشرطة وتدريبهم تدريجيا بدلا من تهميشهم كما يحدث حاليا.
3- تعانى سيناء من غياب الأمن المجتمعى بشكل كبير، فليس تواجدا شرطيا بقدر ما هو شعور المواطنين بالأمن، والأهم هو تغيير الصورة السلبية لدى المواطن السيناوى من الشرطة وعمل عدة حوارات مجتمعية عن طريق القبائل ومنظمات المجتمع المدنى فى محاولة لنشر الأمن المجتمعى فى سيناء.
4- التنمية الغائبة هى السرطان الذى ينهش فى سيناء، برغم ثرواتها الفريدة فى كل المجالات بداية من السياحة التى تحتاج لرؤية واقعية لاستغلال ثرواتها وتوظيفها، فسيناء اختزلت فى منطقة شرم الشيخ فقط وتم تجاهل كل المدن بداية من العريش حتى طابا لماذا والتجاهل المتعمد لثرواتها الاقتصادية بالرغم من احتواء سيناء على كنوز اقتصادية وهنا نعود لعدم وجود رؤية داخل الحكومة لتقسيم سيناء كمناطق اقتصادية واستثمارها، ما يحقق الهدف الأعظم وهو تنميتها وتطورها.
5- المواطن السيناوى يعانى من ظلم شديد، فمحافظة شمال سيناء تحديدا بلا مياه طبيعية للشرب، وأتساءل أين دور الدولة فى تحلية المياه وكيف ستكون مقصدا للسياح والمواطنين والعمال دون مياه شرب طبيعية، فأزمة المياه طاردة لكل تنمية وازدهار لسيناء ولا بد من إيجاد حلول سريعة لها ونعود هنا لرؤية الحكومة الغائبة فى تنمية سيناء .
6- مواطن بلا خدمات حقيقية يساوى عدم انتماء وعدم قدرة على الحياة والهروب نحو الدلتا، فالزائر لشمال سيناء للمرة الأولى يشعر أنه فى مكان بلا خدمات من مواصلات وأماكن معيشة وأماكن للمأكولات والترفيه تجعلك تشعر للوهلة الأولى أنك ستعانى فى هذا المكان وهناك دليل آخر هو منذ عبورك كوبرى السلام حتى مدينة العريش بطول 160 كيلومترا لا توجد خدمات على الطريق ولا نعلم لماذا ويجب على الحكومة النزول للمواطن السيناوى وإشراكه فى تنمية مجتمعه وتحفيزه على ذلك.
7- من لا يملك أرضه لا يملك مستقبلا، فكيف تفكر الحكومة فى تنمية وتطوير وهى لا تمنح أهالى سيناء الحق فى تملك أرضهم وشرائها وبيعها، ما يجعل المواطن قبل الوافد يشعر أنه بلا مستقبل ولا استقرار فعلى حكومتنا الرشيدة السرعة فى إقرار قانون لتملك الأراضى وفق ضوابط حقيقية تحمى سيناء من شراء اليهود والأجانب لأراضينا.
8- لا أعلم كيف لا يتم استثمار المناخ المجتمعى الرائع فى سيناء فلهم خصوصية ثقافية وتراثية غير طبيعية تحتاج فقط لوزارة ثقافة تحترم هذا التراث الكبير العظيم وتجعل من سيناء عاصمة دائمة للثقافة العربية عبر فعاليات كثيرة مثل مؤتمرات وندوات ومهرجانات تبرز وتعرض قيمة سيناء.
9- سيناء حتى الآن لا توجد بها جامعة حكومية واحدة سوى فرع يحتوى على ثلاث كليات تابعة لجامعة قناة السويس ولا أعلم لماذا هذا التجاهل وغياب الإرادة فمن يريد تنمية ينشر العلم والجامعات ستنشئ مجتمعات جديدة وتساعد فى التوطين ولهم فى تجربة جامعة سيناء القدوة فقد استطاعت جذب آلاف الطلاب لها من مختلف أنحاء مصر.
10- الخطاب الدينى فى سيناء يحتاج لإعادة نظر من قبل الجماعات الإسلامية ووزارة الأوقاف، عبر نشر دعاة مؤهلين وتعاون بين كل القوى من أجل نشر قيم المحبة والسلام بدلا من ترك الساحة للجماعات المتشددة للانتشار واستغلال غياب الفكر الإسلامى الوسطى.
سيناء مصرية وستظل حصن مصر وخط دفاعها الأمن ضد كل الغزاة وتنميتها واجب وطنى كبير ولا بد للحكومة أن تستفيق من غيبوبتها وتعمل على أرض الواقع وكفانا حلولا أمنية فالحوار المجتمعى والمصالحة والتعاون هم قاطرة العبور نحو المستقبل.
dreemstars@gmail.com