أب ونجله الوحيد ضمن الأربعة .. «فيتو» تقتفي أثر «البحارة المفقودين» في البحر الأحمر
يوم الأحد قبل الماضي بالتحديد يوم الخامس من الشهر الجاري، اجتمع الحاج ناجي صاحب الـ 63 عاما مع أسرته المكونة من 3 بنات وولد هو الأصغر بينهم، في منزله الكائن بمنطقة السقالة بالغردقة، تناول وجبة الإفطار، وهمّ بالتحرك بصحبة نجله (26 عاما) في طريقه نحو الميناء، ليستقل مركبة الصيد التي يمتلكها في رحلة بحث عن الرزق في أعماق البحر الأحمر.
إلى جانب نجله اصطحب الحاج ناجي شقيق زوجته وصيادا آخر ، وعلى باب منزله ودّع زوجته وبناته، وفي جعبته زاد يكفيه لما يقرب من 4 أيام ، وصل إلى الميناء واستخرج تصريح صيد لمدة يومين، هي الفترة التي اعتاد أن يقضيها في عرض البحر.
يعيش الحاج ناجي مع أسرته في منطقة السقالة في مدينة الغردقة بين أبناء عمومته، لذا لا يعتريه الخوف على عائلته التي تركها خلفه باحثا عن رزقه، لم يخالج الزوجة أي خوف أو قلق جراء تركهم وحيدين، فهي اعتادت على غياب الحاج ناجي لثلاثة وأربعة أيام قبل أن يعود إليها مجددا.
سارت الأمور كما هو معتاد، وفي اليوم التالي لخروجه من البيت تلقت عبير الابنة الكبرى اتصالا هاتفيا من والدها سمعت صوته يحدث ابنه، ولكن لسوء شبكة الاتصالات انقطع الاتصال وبعدها أغلق الهاتف ولم يفتح مرة أخرى.
مرّ اليوم الأول ثم الثاني والثالث حتى جاء اليوم الرابع ولم يعد أبو أحمد إلى بيته، وقتها بدأت الزوجة في إبلاغ أبناء العمومة عن غياب زوجها، لتبدأ عمليات البحث في الأماكن التي اعتاد الحاج ناجي للذهاب إليها للصيد.
عبير الأبنة الكبرى للحاج ناجي تحكي ما جرى قائلة: "فور إبلاغ الأهل بغياب والدي وجدنا دعما من البعيد قبل القريب، الجميع يقف متضامنا معنا، وخرجت مراكب الصيد في الغردقة تبحث عن والدي شرقا وغربا، لم يتقاعس أحد عن المساعدة والدعم، تحول منزلنا بين ليلة وضحاها إلى ما يشبه دوار العمدة، كل أهل المنطقة والمدينة متواجدون بداخله ويقفون أمامه".
حتى كتابة هذه الكلمات وبالرغم من مرور نحو 11 يوما على الغياب إلا أن أسرة الحاج ناجي لم تفقد الأمل في عودته هو ونجله ورفاقه: "اعتدنا على مثل هذه الأمور، يتغيب الصيادون بالعشرين يوما ويعودون مرة أخرى إلى عائلاتهم، ليس هناك أمر غريب لكن بالطبع ستكون أياما صعبة عليهم وهم في عرض البحر إلا أننا لم نفقد الأمل أبدا ولن نفقده".
حسب حسن عبدالمالك، نجل شقيق الحاج ناجي، فإن الأخير اعتاد أن يذهب إلى جنوب شرق جزيرة رمادا للصيد، مستقلا مركب صيد متوسطة الحجم بصحبة نجله وآخرين.
يقول حسن: "اعتاد عمي أن يذهب للصيد في منطقة بعيدة عن وجود مراكب صيد ليبحث عن رزقه، فور علمنا بطول مدة غيابه التف حولنا الأهالي والأقارب والجيران، الكل تبرع بوقته وجهده ومراكبه للبحث عنه، وصل الأمر للبحث من الغردقة وصولا إلى مرسى علم وهي مسافة تقترب من 300 كيلومتر.
تواصلت الأسرة مع الأجهزة المعنية (القوات الجوية والبحرية والمحافظة)، ووجدوا منهم كل دعم وعون، حيث تم إرسال طائرة لمسح المنطقة في اتجاه المملكة العربية السعودية ومرسى علم إلا أنها لم تجد ضالتها في البحر الواسع.
شبكات الاتصال في هذه المنطقة ليست على ما يرام، فتارة تعمل بكل قوتها وتارة أخرى تسقط ويصعب التواصل بين البحارة والصيادين، تقول عبير:” كل تلك التحركات كانت يوم الخميس بعد غيابهم لمدة أربعة أيام ومثل يوم الجمعة ذروة البحث عن أبي وأخي وخالى ورفيقهم الرابع، مراكز الغطس والصيد قدمت يد العون، تبرعت بالمعدات الأكثر احترافية للمساعدة في رحلة البحث، تحركنا للجهات الرسمية والتي بدورها بدأت في التحرك من خلال عمليات مسح لمئات الأميال لكن دون أية نتيجة حتى هذه اللحظة".
رغم مرور 11 يوما على اختفائه لم يفقد أهالي الحاج ناجي الأمل في عودته: "أملنا في الله كبير، فهو رجل البيت وبركته، نعيش على سيرته الحسنة بين الأهالي والأصدقاء والجيران، أثق بأن الله سيعيده لنا مرة أخرى، أتمنى من الجميع أن يقف إلى جانبنا وأن يتم خروج طائرة بحث مرة ثانية لمعرفة ماذا حدث لوالدي، وأن يتم تكثيف عمليات البحث أكثر وأكثر".