رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تصبح نجمًا لامعًا


حب الظهور إذا لم تحكمه قواعد أخلاقية ويكون على أسس ودعائم من الخبرات والموهبة، سيكون مرادفا للكذب الأشر ويختلط على الناس التفريق بين ما هو حقيقى وما هو كاذب.

الظهور من أجل الظهور أو من أجل النفوذ والسلطة أو من أجل أي شىء غير حقيقى هي جريمة يقترفها الإنسان في حق مجتمعه..

منذ انتشار الفضائيات وكثرة برامج التوك شو وأصبحنا نعيش داخل مَكلمة تُحركنا أينما تشاء، وتحتاج البرامج إلى توابلها الخاصة الشاذة لنجاحها.. فظهور أشخاص لهم آراء وأفعال صادمة إعلاميا يثير ضجة وجلب إعلانات، وبذلك تتحقق فائدة مزدوجة ترويج إعلامى لشخص تتلقفهه البرامج بمقابل مادى مرتفع ونجاح للبرنامج من خلال الإعلانات المدفوعة مقدمًا بسبب البروموهات المذاعة والمعلنة والمنوه عنها مسبقًا.

إذا كنت تمتلك المال فيمكنك أن تصبح نجمًا في أي مجال تريده، في الفن أي كان نوعه تمثيل أو غناء لا يهم أو تنافس على كرسى الرياسة وتصبح زعيما أو تكون رجلا سياسيا أو ناشطا سياسيا أو أي مسمى، لم تكن تلك هي المشكلة المهم أن تجد الشخص المحترف الذي يتبنى فكرتك أو إذ لم يكن لديك فكر على الإطلاق، من الممكن شراء وإخراج فكرة يجعلك تتبناها ويُظهرك أمام الناس بطريقة تجعلك مع الوقت نجمًا لامعًا واسمًا ذا صيت يمكن استثماره جيدًا ستجنى من ورائه أرباحا كثيرة تتزايد مع الوقت أيضًا.

ولكن ليس هذا هو المهم، فهناك أشخاص مع الوقت صدقوا ما يفعلونه وشرعوا في التعلم لملء كيانهم وعقولهم وضمائرهم بما زعموا كذبًا، فأصبح الكذب حقيقة ومنهم من دفع ثمنا باهظًا من حياته ومن أمواله لهذه الحقيقة التي كانت في الأصل كذبة وذلك لأنه صدق ما يفعله.

وغيرهم ظلوا طيلة حياتهم يتنقلون من كذبة إلى أخرى ويتلونون طبقًا للحالة العامة.
وبين هذا وذاك يدفع الجنود الحقيقيون في المعارك حياتهم ثمنًا ويكونون شهداء مجهولين لا يعرفهم أحد ولا حتى زويهم.

والجماهير اختلط عليها الأمر، فقد أصبح الكذب يقترب من الحقيقة وأصبحوا لا يستطيعون التفرقة بين الذهب الخالص وبين الصفيح المطلى بماء الذهب.

لم نعد في زمن الزعيم الذي تصنعه الشعوب أو النجم الذي تُنَجِمُه الجماهير، فإن لم يكن لديك تاريخ يتكلم عنك وليس لك رصيد حقيقى تجاه قضايا حاربت من أجلها لتصل بها إلى تلك النجومية فليس هذا مهم، فيمكن كتابة هذا التاريخ ونأتى بمن يهللون لك ويرفعونك على أكتافهم ويمكن تصوير هذا من خلال تأجير ساعات من قنوات خاصة يعرفُك الناس من خلالها ثم ستتهافت عليك القنوات بعد ذلك.

أو يمكنك أن تحشر نفسك في مؤتمرات وأحزاب مشهورة وبحكم نفوذك المادى سيكون لك دور قيادى وتدعو الإعلام الذي سيأتى سعيدًا لتصوير الحدث ويفوز بحوار معك.

نلاحظ أن أصحاب المقامات الرفيعة وأصحاب الفكر الحقيقيين مقلين في الظهور الإعلامى، هذا لأنهم دائما مشغلون بقضاياهم الحقيقية ولكن ما تراهم مثل السيل دائمًا على الشاشات هم أناس وهبوا أنفسهم للكلام فقط والظهور يتكلمون كثيرًا وهم عُميان لا يرون ما يتكلمون عنه ولكن يسمعون ويرددون ما تحب الجماهير أن تسمعه سواء سلبًا أو إيجابا.

نحن في مجتمع تحركه قشور الرأى، نحن في مجتمع لا يقرأ ولكنه يسمع ويرى بلا تفكير.

عقول كالقوالب تُملأ بأفكار النجوم ساسة كانوا أو إعلاميين أو نجوم فن، المهم أن تكون نجما ًوسيكون لك جمهور مؤيد وجمهور معارض.

ومن هنا ومن الطبيعى أن تجد من يقول لك إذا رحل مرسى من سيأتى بعده، فأجيبه وأقول ومن كان يَعرف مرسى قبل الانتخابات الرئاسية.
كل ما نحتاجه هو إعداد القادة والنجوم الحقيقيين حتى ننجو من شراك الكذب والخداع.

الجريدة الرسمية