اشتباكات عنيفة في محيط مصرف لبنان المركزي.. واستمرار الاحتجاجات في البلاد
شهدت المنطقة المحيطة بمصرف لبنان المركزي، مساء اليوم، اشتباكات ومواجهات وأعمال شغب واسعة النطاق من قبل المتظاهرين، حيث حطم المحتجون واجهات المحال التجارية والبنوك في منطقة (الحمراء) التجارية وعدد من المناطق المحيطة بها، الأمر الذي استدعى تدخل قوات مكافحة الشغب والتي أطلقت كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع في محاولة لفض الشغب وحمل المتظاهرين على التفرق.
كانت مظاهرات واسعة النطاق قد اندلعت بزخم كبير منذ صباح اليوم في عموم لبنان في إطار الدعوة لـ "أسبوع الغضب" اعتراضا على ما اعتبره المتظاهرون "تعنت السلطة ومماطلتها" في تشكيل حكومة حيادية من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين على ما نحو ما طالبت به المظاهرات المستمرة منذ 3 أشهر، فضلا عن التدهور الحاد في الاقتصاد والوضع المالي للبلاد والانقطاع الكبير في التيار الكهربائي ونقص المحروقات والمستلزمات المعيشية الضرورية وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
روسيا ترفض تفعيل "الثلاثية الأوروبية" لحل النزاعات النووية مع إيران
ولم تشهد مناطق الاحتجاج الممتدة في عموم البلاد ثمة مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية والعسكرية على الرغم من قيام المحتجين بقطع الطرق باستخدام الإطارات المشتعلة والعوائق، وفي بعض الأحيان استُخدمت السيارات والشاحنات لقطع الطرق.
ونظم المتظاهرون مسيرات حاشدة في عموم البلاد، من بينها مسيرات احتجاجية على سياسات مصرف لبنان المركزي، معتبرين أنها من بين الأسباب الرئيسية في دخول البلاد مرحلة الانهيار المالي والاقتصادي وتدهور سعر صرف الليرة. وتحولت المظاهرات في محيط البنك المركزي مساء اليوم إلى أعمال شغب أخذت طابعا شديد العنف، حيث أخذ المحتجون ومعظمهم من الأشخاص الملثمين في تكسير الواجهات الزجاجية لفروع البنوك القريبة في شارع الحمراء وماكينات الصراف الآلي الملحقة بها بصورة ممنهجة، وكذلك تحطيم واجهات المحال التجارية في شارع الحمراء التجاري وإشارات السير الضوئية، وإضرام النيران في صناديق النفايات واستخدامها في غلق الطريق وإعاقة حركة السير. وسارعت تشكيلات وحدات فض الشغب إلى التدخل وإطلاق وابل كثيف من قنابل الغاز المسيل للدموع، وحدثت مواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين، أسفرت عن سقوط نحو 20 مصابا من عناصر القوى الأمنية والمحتجين، حيث قام المحتجون برشق القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات النارية.
وبينما ردد عدد من القائمين على أعمال الشغب والتحطيم لواجهات البنوك والمحال التجارية هتافات مؤيدة لحزب الله وحركة أمل من بينها "لبيك يا نصر الله" في إشارة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أصدر الحزب وكذلك حركة أمل بيانين أكدا فيهما عدم اشتراك أي من عناصرهما في أعمال الشغب التي يشهدها محيط مصرف لبنان. واتسع نطاق المواجهات وأعمال الشغب ليشمل محيط وزارات الداخلية والإعلام والسياحة وشارع الحمراء بالكامل ومناطق أخرى محيطة، وسط حالة من الكر والفر بين المحتجين والقوى الأمنية. من جهة أخرى، لم تشهد أي مناطق أخرى أعمال شغب على الرغم من اتساع رقعة الاحتجاجات في معظم أرجاء البلاد، حيث اقتصرت المظاهر الاحتجاجية على قطع الطرق وترديد الأناشيد الحماسية ورفع أعلام لبنان والتنديد بمحاولات السلطة والقوى والتيارات والأحزاب السياسية تشكيل حكومة تقوم على المحاصصة الوزارية والطائفة والمذهبية خلافا لمطالب المحتجين بتشكيل حكومة حيادية من التكنوقراط المستقلين سياسيا. وطغى الطابع السلمي على أجواء التظاهرات في مختلف أنحاء العاصمة بيروت – عدا مناطق الاشتباكات بالقرب من مصرف لبنان المركزي – ومحافظات الشمال والبقاع وجبل لبنان ومناطق الجنوب اللبناني، والتي لم تشهد أية أعمال عنف أو شغب، وهو الأمر الذي قوبل بخفض الانتشار الأمني والعسكري في تلك المناطق التي لا تشهد أي مواجهات أو شغب. وانتقد المتظاهرون بعنف شديد الأحزاب السياسية مُحملين إياها مسئولية التدهور الحاد الذي تشهده البلاد، مشيرين إلى وجود ما يشبه التوافق العام على إمهال رئيس الوزراء المكلف الدكتور حسان دياب 48 ساعة فقط لتشكيل حكومة تكنوقراط تضم وزراء مستقلين عن القوى السياسية. كما نظم المتظاهرون مساء اليوم أيضا تجمعا احتجاجيا حاشدا أمام منزل رئيس الوزراء المكلف بمنطقة (تلة الخياط) ببيروت، مرددين الهتافات ضده لقبوله – على حد وصفهم – بضغوط القوى السياسية والمحاصصة الوزارية في تشكيل الحكومة الجديدة. كما جابت مسيرات حاشدة شوارع العاصمة بيروت على وجه الخصوص، تردد الشعارات الرافضة لـ "الالتفاف على مطالب انتفاضة اللبنانيين منذ 17 أكتوبر الماضي" في ما أقامت تجمعات احتجاجية أخرى خيم اعتصام في ساحات ومناطق متعددة.