رئيس التحرير
عصام كامل

السلطان


للتذكرة.. فقد أوقفنا هذه المقالات لطرح نتائج نظرية "فرق المنطق التفاضلى" للباحث المهندس أحمد الشافعى، ولقد توقفنا في المقال السابق عند قول الله تعالى في سورة الرحمن الآية (33) [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لاتَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ) هذه الأية تؤكد إمكانية النفاذ إلى السماء، ولكنها تشترط أن هذا النفاذ مقيد بأن يكون من خلال سلطان، فما هذا السلطان؟.. وبيان هذا السلطان في المقال التالى..
تقول الدراسة حين أنزل القرآن لم يكن يخطر ببال البشر حلم الارتقاء في السماء وكان أقصى طموح أمامهم صعود نخلة أو جبل لكن بعد أن تحقق ارتقاؤهم في السماء تبين معنى الصياغة في قوله تعالى (فَانفُذُوا لا تَنفُذُون إِلاَّ بِسُلْطَانٍ)
فرغم أن عدم النفاذ يبين.ظــــاهريـــا أنه "شريعة السماوات الهندسية" إلا أنه محقق الحدوث لأن الصياغة لم تكن بــلن التي تفيد الاستحالة، ولكن الصياغة شملت إلا التي تفيد الاستثناء فتحقق نفاذ الإنسان وتبين أن " سلطان الإنسان" هو "العــــلـم" وقد تناولت الآيات القرآنية في أكثر من موضع أنواع " السلطان " ولأكثرها قوة أشار إلى "العلم" وحين يتصاعد سلطان العلم يصبح " قدرة " يؤكد ذلك قول الله تعالى على لسان سليمان في (سورة النمل) حينما تفقد الطير ولم يجد الهدهد قال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَأنَ مِنْ الْغَائِبِينَ ".."لأعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ" فأخبر الهدهد سليمان بسلطان ما لم يكن يعلمه. 
وفى سورة يونس ارتباط صريح بين السلطان والعلم، قَالُوا "اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ "إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" يقول الباحث "ومن خلال قياس فرق المنطق القرآنى على مخلوقات الله ومنهم الملائكة تبين الآيات أن نفاذ الجان محدود لأنه باللمس فقط، يؤكد ذلك قوله تعالى في سورة الجن الأية رقم 8[ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا] 
هنا يطرح تساؤل مفاده أن الملائكة متواجدون أساسا في السماوات فكيف يتحقق نفاذهم من سماء إلى أخرى ؟ وتجيب الدراسة أن سورة فصلت ضمت الآية 12 التي تقول{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُــلّ سَمَاءٍ أَمْـــرَهَا.)}
فكلمة كُــلِّ هنا تعني الـ "حد الذي يفصل" بين أمر كل سماء وأمر السماء التي تليها تعني بأن هناك أوامر تصدر في كل سماء، ومن هذه الأوامر ما يختص بالسماح بالنفاذ يعضد ذلك قوله تعالى في سورة الطلاق الآية 12 (يَتَنَزَّلُ الأَمْــــــر ُبَيْنَهُنَّ )هذه الأوامر تصدر، وكأنها من مسؤولين يتبادلون الأوامر الصادرة إليهم من "سماء إلى سماء" ووجود سُلْطَانٍ يسمح أو لا يسمح يتوقف على مقاليد التحكم في السماوات، مرجعية هذه المقاليد تعود إلى الله تعالى.
هذه الأمور من الناحية الهندسية تشير إلى حاجة الملائكة لسرعة معينة حتى يتحقق اعراجها، هذه المسافة هي التي تمكنها من قطع مسافات محيط السماوات والتي تحسب بالسنين الضوئية، والسنة الضوئية تعني المسافة التي يقطعها الضوء في سنة بسرعة لـ(300،000 كيلومتر في الثانية ) فلكى يتحقق الإعراج بالسرعة التي تتوافق مع الأوامر المعطاة إذا لابد أن تقطع الملائكة هذه المسافات في " لا زمــن" وهو ما يستدعى "سرعات" تتوافق مع قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد عودته من المعراج "إن فراشه كان ما زال دافئا "هذا القول لا يشير إلى سرعة معينة ولكنه يؤكد أنه لا قياس بين سرعة الملائكة وسرعة الضوء وإن سرعة الضوء = صفرا قياسا بسرعة الملائكة.
يقول الشافعي الاعتماد على قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الإثبات مخالف لأحد الأسس الثلاثة التي فرضناها للنظرية، لذلك سنعتبر قول الرسول بمثابة " العامل المساعد " في التحليل حتى يتحقق إثبات قوله صلوات الله وسلامه عليه، لقد تحقق الشرط الأول كاملا وتطابقت مواصفات السماوات هندسيا وبما يزيد عن المواصفات الهندسية في الحلقة الحديدية التي تدور داخلها دراجة نارية رأسيا وأفقيا ولا تسقط، هذا التشابه والتطابق يؤكد حتمية إعراج الملائكة، يقول الله تعالي في سورة مريم الآية 93[إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْــدًا] فإذا كان كل من خلقه الرَّحْمَنِ عَبْــدًا فأول سؤال يطرح نفسه علينا ما هي القوانين الفيزيائية التي يندرج عليها كل صنف من خلق الله وهو الواحد ؟ وهل يفترض أن القوانين لا تتغير وتظل واحدة، مع كل مخلوقات الله ؟
التوصل إلى هذه القاعدة يبدأ بتحليل موضوعية وجود أجنحة للملائكة وهل يمكننا إثبات قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) إن جبريـل له ثلاثمائة جناح يتساقط منها الدر والياقوت؟ وهل بعد كل زيارة من جبريل إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت مكة أو المدينة تمتلئ بالدر والياقوت؟ هذا ما نقدمه في المقال القادم.

الجريدة الرسمية