حفتر.. أعرض عن هذا الاتفاق
شهد العالم من الشرق إلى الغرب حراكا دبلوماسيا غير مسبوق، اليوم الإثنين، متعلقا بالأزمة الليبية فى محاولات هدفت إلى إنهاء القتال الدائر هناك وخلق مناخ ملائم للاستقرار السياسى.
البداية كانت من العاصمة الروسية "موسكو" التى شهدت اليوم مباحثات مغلقة بين الأطراف الليبية بعيدة عن وسائل الإعلام استمرت لنحو 6 ساعات، انتهت كما أعلن بدون اتفاق بين الأطراف، وحسب تصريحات وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف حدث ما اعتبره تقدما، بعدما وقع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج على وثيقة الهدنة المقترحة.
فى المقابل والكلام لوزير خارجية روسيا، طلب المشير خليفة حفتر، مهلة تنتهى الثلاثاء لدراسة نص الاتفاق ومن ثم التوقيع عليه أو رفضه، وقبل مضي ساعتين اثنتين من الحراك أجرى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، اتصالات هاتفيا بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للتباحث معها حول أزمات الشرق الأوسط، وملف ليبيا فى ظل استضافة بلادها لمؤتمر متعلق بالأزمة برلين.
وسط حراك روسيا الدبلوماسى، أعلنت ألمانيا تحديد موعد مؤتمر برلين لمناقشة الأزمة الليبية يوم 19 يناير الجارى، وتبعه تصريحات للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، متعلقة بإعلان حضوره مؤتمر برلين، فارضا نفسه على معادلة دولة عربية وجد لنفسه فيه موطئ قدم من خلال اتفاقه المريب مع السراج.
غلق أبواب غرف المباحثات ساهم بشكل كبير فى وضع ستار من السرية على مباحثات الخصوم مع الوسطاء، كشف بعضا منها حميد الصافى المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، مؤكدا تعثر مفاوضات الأطراف الليبية اليوم الإثنين، بمقر وزارة الخارجية الروسية فى موسكو، وقال لا أعتقد أن الأطراف الليبية ستعود مجددا لطاولة المفاوضات.
وأضاف حميد الصافى، فى تصريحات نقلتها قناة "ليبيا 218" أن مفاوضات الأطراف الليبية فى موسكو تعثرت اليوم والوفود غادرت مقر وزارة الخارجية الروسية.
وذكر أن رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج طلب خلال المفاوضات أن يعود الجيش الوطنى لمواقعه التى سبقت تاريخ 4 أبريل، وهو اليوم الذى بدأ فيه الجيش الوطنى عملياته العسكرية فى طرابلس.
ولفت إلى أن الجيش الوطنى رفض طلب السراج، فى حين ضغط الجانب الروسى بشكل كبير على الأطراف الليبية لتوقيع الاتفاق، لكن ذلك لم يحصل.
وأوضح حميد الصافى المطلع على اجتماعات الوفود، أن المفاوضات استغرقت ساعات طويلة، وتمت عبر اجتماعات منفصلة للأطراف الليبية، حيث جلس رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والقائد العام للجيش الوطنى المشير خليفة مع الجانب الروسى، بينما اجتمع رئيس المجلس الرئاسى فائز السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشرى مع الوفد التركى.
وأوضح أنه تم إحراز تقدم جيد فى بداية الاجتماعات لكن عند الوصول إلى النقاط المهمة حدث تعثر، مبينا أنه تم الاتفاق على تقديم مساعدات إنسانية للطرفين الليبيين. وهناك نقطة أضيفت من قبل البعثة الأممية وهى المتعلقة باللجنة العسكرية المعروفة بـ (5+5) ومن مهامها متابعة وقف إطلاق النار وتصنيف الجماعات الإرهابية والقضاء التام عليها.
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، أن عقيلة صالح والمشير حفتر تمسكا بالمبادئ الوطنية والثوابت المهمة ومنها أن الجيش الوطنى يقوم بعملية لتحرير طرابلس من "الإرهاب والميليشيات" التى تبتز القرار السياسى، فيما أكد عقيلة أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سياسى فإن تطبيقه غير ممكن بوجود الميليشيات، وطالب بتسليم سلاحها للجيش الوطنى.
ونقلت وكالة "إنترفكس" الروسية، عن مصادرها، أن المشير خليفة حفتر رفض الجلوس مع السراج خلال جلسات المباحثات التى استغرقت 360 دقيقة متواصلة.
وتعزز هذه الرواية ما تسرب حول جلوس وفد طبرق مع الجانب الروسى، ووفد طرابلس مع الأتراك.
وجاء فى مسودة الاتفاق الذى تم التباحث حولها فى موسكو للتوقيع عليها أن الاطراف الليبية التى تمثلها.
- فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى - قائد عام الجيش خليفة حفتر. - رئيس مجلس النواب عقيله صالح. - رئيس مجلس الدولة خالد المشرى. - رئيس مجلس النواب مجموعة طرابلس الصادق الكحيلى. - برعاية روسيا وتركيا ومبادرتهما لوقف دائم لإطلاق النار.
* بعد التأكيد على وحدة ليبيا وأنه لا يوجد حل عسكرى للآزمة الليبية والتأكيد على مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر، اتفقت الأطراف على ما يلى:
1- التأكيد على وقف إطلاق النار الذى بدأ الساعة صفر من يوم الأحد 12 يناير.
2- تحديد نقاط التماس بين القوات المتحاربة التى من شأنها استدامة وقف إطلاق النار مدعومة بالإجراءات اللازمة لاستقرار الوضع على الأرض وعودة الحياة الطبيعية لطرابلس والمدن الأخرى وإنهاء الاعتداءات والتهدئة المتسقة على طول خطوط المواجهة.
3- ضمان وصول كل المساعدات الإنسانية وتوزيعها على المحتاجين.
4- اختيار (5 + 5) كلجنة عسكرية من الطرفين كما جاء فى مقترح بعثة الدعم الأممية.
- للعمل على:
- تحديد خطوط التماس بين قوات الطرفين. - مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. - ضمان استدامة وقف إطلاق النار.
5-اختيار ممثلين للمشاركة فى الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية والحوار السياسى وفق ما جاء فى برنامج بعثة الأمم المتحدة للدعم.
6-تشكيل لجنة مهمتها وضع تصور للحوار الليبى الليبى من خلال التفاوض كذلك أساليب عمل التسوية السياسية، والحلول للمشاكل الانسانية، وإعادة الانتعاش للاقتصاد الليبى.
7-. تعقد المجموعات أول اجتماعاتها فى موسكو.
وبعد انتهاء اليوم العاصف دون نتائج فى ظل تعنت حكومة السراج، وحرصها على نقل صوت تركية على ورق الاتفاق، أكد مصدر عسكرى ليبى أنه لا نية لسحب أي قوات إلى ما قبل حراك 4 يناير العسكرى والبقاء على تخوم طرابلس. أكد وزير الخارجية فى الحكومة الليبية، عبد الهادى الحويج، أن الجيش الليبى لن ينسحب من ضواحى طرابلس واتفاق الهدنة لا يعنى التوصل إلى السلام.
وقال الحويج، فى مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، الاثنين: نؤيد وندعم الأصدقاء والحلفاء الروس، ونؤيد المبادرة الروسية.
وتابع الحويج: نرفض أن تكون تركيا جزءًا من مبادرة وقف إطلاق النار فى ليبيا لأنها طرف فى الصراع، وتدعم المليشيات الإرهابية، وترغب فى نهب ثروات البلاد.
وتابع وزير الخارجية: المشاركة التركية يسأل عنها الجانب الروسى، وليس ليبيا، ولم نرحب بوجود الجانب التركى ولا ندعوه لحضور توقيع الاتفاقية.
وشدد على أن، الأزمة الحالية فى ليبيا هى أزمة أمنية وليست سياسية، لافتًا إلى أن ما تم التوصل إليه هو اتفاق لوقف إطلاق النار وليس اتفاق سلام.
وأكد الحويج أن الجيش الليبى لن ينسحب من تخوم العاصمة الليبية طرابلس حتى إذا تم التوقيع على مبادرة وقف إطلاق النار. وحسب توقعات مراقبون للأزمة، أنه على المشير حفتر تجنب التوقيع على هذا الاتفاق لما يحمله من مخاطر متعلقة بشرعنة الميلشيات الإرهابية، وتعد اعترافا ضمنيا بالمحتل التركى طرفا فى المعادلة المعقدة.
وقال حمد إبراهيم المالكى، الخبير فى الشأن الليبى، فى سياق تعليقه على جمود اليوم الأولى من المحادثات، أن شروط القيادة -فى إشارة لشروط حفتر- التى وضعتها على الطاولة لا يستطيع رفضها إلا إرهاربى أو مجرم أو عميل وهنا يكمن الفرق بين مشروع الدولة ومشروع اللادولة.