حكم الشرع فى زواج المرأة بدون ولي
اهتم الإسلام بالأسرة والمجتمع كما اهتم بالمرأة تحديدا ووضع لها أحكاما تخص حقوقها فى الزواج لتؤدى رسالتها السامية فى الحياة، فهل من حق المرأة ان تزوج نفسها؟ وما حكم الشرع فى المرأة التى تزوج نفسها بدون إذن وليها؟
يجيب عن هذا السؤال الدكتور محمد الخشت فى كتابه "فقه النساء فى ضوء المذاهب الأربعة والاجتهادات الفقهية المعاصرة" فيقول: الولى شرط من شروط صحة الزواج عند الجمهور غير الحنفية، مستدلين فى ذلك بقول الرسول: "لا نكاح إلا بولى" رواه احمد وأصحاب السنن، وأعلنه ابن حمدان بإرساله ، اما الاحناف فلا يشترطون الولى، ويعتبرون الولاية مستحبة فقط، واستدلوا على ذلك بأدلة متعددة .
والراجح أن للمرأة العاقلة البالغة أهلية فى تزويج نفسها، وجعل الإسلام حق الاعتراض أو حق المنع للأولياء متى ظهر لهم سوء اختيار المرأة لزوج غير كفء لها، وذلك لان عقد الزواج له اتصال بالاسرة، فيجب أن يكون للولى حق التدخل بالاعتراض او المنع فيما يخص اسرته.
اقرأ ايضا : حكم الشرع فى الزوجة الناشز
ولكن اذا كان الزوج كفء لها فى المكانة الاجتماعية والنسب والاخلاق والثقافة فليس للأولياء أن يمنعوها التزوج به. والدليل على ذلك ان القرآن قد أسند الزواج الى المرأة نفسها وحذر الرجال بصريح العبارة ان يمنعوا المرأة من هذا الحق. قال تعالى" فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ" وقوله: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" وفى قوله تعالى: " فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" فهذه الايات صريحة فى ان زواج المرأة يصدر عنها.
وجاءت السنة النبوية الصحيحة فأكدت هذا المعنى، حيث أعطت للمرأة مطلق الحرية فى رفض من لا ترتضيه زوجا، وبينت ان ليس للأب او الولى ان يجبرها على من ترفضه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، والايم هى الثيب التى طلقها زوجها او مات عنها، والإستئمار هو طلب الأمر، فلابد من أخذ الأمر منها..
واقرأ ايضا: ما هو تحنيك المولود؟ وما حكمه؟
وأخرج النسائى واحمد وابن ماجه : أن فتاة جاءت الى النبى فقالت: إن أبى زوجنى ابن اخيه ليرفع بى خسيسته .. فجعل الامر إليها، اى اخبرها ان امرها بيدها إن شاءت اقرت ما صنع ابوها وإن شاءت أبطلته، فقالت: قد أجزت ما صنع أبى، ولكن أردت ان اعلم النساء أن ليس للاباء من الأمر شيئ"