مصطفى أمين يكتب: عمل الصحفى تضحية وليس رفاهية
فى كتابه (أفكار ممنوعة) الذى يضم مجموعة مقالات كتبها الكاتب الصحفى مصطفى امين ورفضتها الرقابة على النشر كتب منها مقالا قال فيه: آمنت طول حياتى ان للصحافة شمائل يجب ان يكون عليها الصحفى المحترم، منها الصدق والفروسية والشهامة ونصرة الضعيف والرأى الجرئ والبعد عن الانتقام او الشماتة .
ذات يوم اتصل بى المهندس عثمان احمد عثمان وقال انه يرغب ان يزورنى فى بيتى، وعندما زارنى قال لى: ان الرئيس السادات معجب كل الاعجاب بما أكتب وانه يعتبرنى احسن كاتب فى مصر وانه سيستقبلنى قريبا . قلت له : انه ليس لدى ما اريد ان اقوله للرئيس ، قال انه فقط يريد ان يستشيرك فى بعض الامور .
بعد يومين أبلغنى موسى صبرى أن السادات يريد أن أكتب سلسلة مقالات أهاجم فيها الوفد وفؤاد سراج الدين لأننى خير من يعرف خبايا السياسة . قلت لموسى اننى فى طول حياتى الصحفية لم أتلق أمرا من قبل بأن أكتب مقالات ، وكان الرئيس عبد الناصر مثلا يشرحلى بعض احداث السياسة ثم يقول اذا احببت ان تكتب فى هذا الموضوع فاكتب . لم يحدث مرة واحدة أن أمرنى ملك أو رئيس جمهورية ان اكتب مقالا ، ثم أننى اعتفد ان الصحافة بطولة وفروسية ..لا أهاجم أحدا الا وهو فوق حصان ، فإذا سقط على الارض توقفت عن مبارزته .
وقد هاجمت الوفد وهو فى الحكم وهاجمته وهو يملك عشر صحف ومجلات يمكن ان يرد على فيها كما يشاء ،لكنى لا أستطيع اليوم ان أهاجمه وهو أعزل من السلاح . وعندما علم السادات بإجابتى غضب وثار وأمر جريدة الاخبار ان تكتب بروازا فى صدر الصفحة الاولى يقول "ان مصطفى أمين سيكتب ابتداء من غد سلسلة مقالات فى الاخبار يهاجم فيها الوفد . قلت للمسئول الذى طلب البرواز :إنه حر فى ان ينشر البرواز لكنى لن اكتب شيئا .
جاءنى رد السادات انه سيرفتنى اذا لم اكتب . حدثت أزمة عنيفة وقلت :ان من سخرية القدر انه عندما يقرر القذافى قتل الصحفيين المصريين الذين بؤيدون السادات يضعنى على رأس القائمة . وعندما تقرر جماعة التكفير والهجرة قتل الصحفيين المصريين اضعنى اول القائمة ، ثم يجئ السادات ويرفتنى . اننى لا أعتبر عمل الصحفى رفاهية وانما اعتبره تضحية وليس رفاهية ،اننى اضع رأسى على كفى لإيمانى ببلادى وليس لخدمة حاكم ، اننى لا أريد شيئا سوى ان ارضى ضميرى ولا استطيع ان اهاجم بالامر أو أؤيد بالامر ، وكنت اتصور ان يستدعينى السادات ليستشيرنى كخبير فى الاعلام عن رأيى فى مهاجمة الوفد وفؤاد سراج الدين.
مصطفى أمين يكتب: كل سنة وانت طيب
كنت سأقول له ان الهجوم لن يهدم الوفد بل سيقويه ، وان اى حزب سياسى تهاجمه الحكومة يزداد قباتا وقوة ، القمع يفيده ولا يضره .الحزب السياسى كالمسمار كلما ضربته على رأسه زاد ثباتا وصمودا ، وعندما ابلغ موسى صبرى السادات برأيى ،قال السادات :هذه وجهة نظر لها احترامها ..لكن يظهر ان احترام وجهة نظرى لم يدم طويلا.فبعدها مباشرة دب العداء بينى وبينه .