رئيس التحرير
عصام كامل

التفكير "منحة"


التفكير، هو المنحة الكبيرة التى أعطاها الله تعالى لعباده من إدراك مؤثرات خاجية وداخلية ثم التفسيرات التى تقوم بتحليل الأحداث والاستعانة بالخبرة والمواقف السابقة والعلم، لاتخاذ قرار يصنعه الفرد فى ظل القدرات المتاحة والفرص والتهديدات الخارجية والقوة والضعف الداخلى.

ولأننا مطالبون بالتفاعل دون الانعزال وتطوير النفس تبعا للتحديات المتغيرة حولنا باستمرار، لضمان الموائمة بين ما نريد وما يرده الآخرين فينا، نسعى دائما نحو التوافق المجتمعى خوفا من التقادم والنفور ولاشك أن القيمة الإنسانية تتحدد بقيمة ما يساهم به الإنسان فى مجتمعه من أعمال وليس العيش دون مساهمة، لأن ذلك يخرج الفرد منا من طبقة المؤثرين فى البيئة المحيطة إلى المتأثرين بهان وللاسف يصبح التأثر بالبيئة المحيطة عنصرا محبطا لكثير من الآمال والأحلام، إذ أنه إن لم نفعل شيئا سنكون نحن المتأثرين.
إن التفكير هو العمليات التى تجرى على المدخلات للإنسان وهى ما تمثل إدراكه وطرق معالجته لهذه البيانات والمعلومات ليفسر بها الأشياء ويقوم بتحليل محايد لا يتبعه الهوى من حب أو كره لمصدر تلك المعلومات.
وعملية التفكير طالما كانت من مقومات الإنسان لذا تأثرت بشكل أو بآخر من الحالة النفسية للإنسان وطبيعة المزاج، فكلما كان للفرد منا سلامة المزاج ازداد قدرته على تقبل المعلومات بطريقة واضحة والقدرة على عمل العمليات الداخلية المطلوبة للتفسير واستخدام الخبرات فى اتخاذ القرارات وتوقع النتائج.. وإذا كان المزاج متعكرا والنفس مثقلة بالهموم والقلق كان التفكير معطلا لانشغال البال واستنزاف الطاقة من أجل تجهيز الدفاعات وارتفاع درجة حرارة النفس فى مواجهة الآخرين، إلى أن يصبح هذا السلوك عادة تتوارث مع الأجيال ولهذا نجد البيئة الواحدة تتفاهم بنفس الطرق التى رسمها الوالدان والأقربون من فلسفة ومعاملات نتجت عن خبراتهم فى معاملات الناس وكلما كانوا منفتحين يتقبلون الآخرين ويستفيدون من الرأى الآخر وتفكير الآخر كلما كان الجيل صاعدا واعدا ينمى التفكير والاستكشاف لا الطاعة والانصياع الدائم الذى يلغى حدود الإنسان ويجعله مطمعا دائما للآخرين.. يطمعون فيه لأنه لا يرسم حدودا له ولا تكون هناك أية مقومات لشخصيته ولا يدلى بدلوه فى آبار العطاء للإنسانية .. إن هؤلاء لا يضيفون للبشرية أى بصمة تترك فيما بعدهم للآخرين ولا مفر من نسيانهم كالدواب وهذا ما لا نريده للإنسان.
أين أنت من بصمتك التى خلقك الله تعالى لتعمل فى الأرض وتفيد نفسك والناس ولو رأينا كيف وصل التردى إلى الناس لوجدنا التردى داخل أنفس الناس التى تواكلت وتكاسلت وفقدت عمرها وحياتها من أجل الدوران فى حلقات مفرغة لا من أجل تحقيق أهداف ذات تحد تصنع الحضارة وتثرى الإنسانية.
لابد أن يكون لنا أثر بكلمة أو بفعل أو بنجاح يثبته التاريخ الذى لا يكذب ولنكن من اليوم أن يصبح التفكير هو الوجهة الأساسية لنا لنقدم اختراعا أو ابتكارا تعترف به الأجيال القادمة أنها من صنع أبائهم وأجدادهم كما تفاخرنا وتباهينا نحن بما عمله الأجداد من قبل.

الجريدة الرسمية