رئيس التحرير
عصام كامل

أيمن شبانة: لن نصل لتسوية مع إثيوبيا .. ومطلوب الضغط والاستعانة بحلفائنا في المنطقة العربية لإنهاء الأزمة | حوار

الدكتور أيمن شبانة
الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية مدير مركز الدراسات

 إذا أرسل أردوغان قوات لليبيا ستكون نهايته

يجب إجراء انتخابات المحليات لأنها ستعطى شكلا حضاريا وديموقراطيا

يجب على الأحزاب دعم الدولة في الاتجاه الإيجابي

بعد انتهاء عام 2019 ثمة ملفات شائكة وبعض التحديات يبدو أن مصر لا تزال في حاجة إلى حسمها وطي صفحاتها خلال العام الحالي 2020، بينها الملفات الخارجية المتعلقة بمسألة المياه وأزمة سد النهضة فى ضوء استنكار مصر لمغالطات البيان الإثيوبي الأخير بشأن الاجتماع الوزاري للسد النهضة الذي عُقد مؤخرا ، ورفض مصر نص البيان جملة وتفصيلًا ، وكذلك فى ضوء بيان الخارجية المصرية أمس، والذى كشف عن أن الاجتماعات الوزارية الأربع التي عقدت بين مصر وإثيوبيا والسودان، لم تفض إلى تحقيق تقدم ملموس بسبب تعنت إثيوبيا وتبنيها لمواقف مغالى فيها، بما يكشف عن نيتها في فرض الأمر الواقع وبسط سيطرتها على النيل الأزرق وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب، وبالأخص مصر، بوصفها دولة المصب الأخيرة، بما يخالف التزامات إثيوبيا القانونية وفق المعاهدات والأعراف الدولية.

أحد الملفات الشائكة أيضا خلال عام 2020 الصراع في ليبيا والتدخل العسكري التركي المحتمل خلال المرحلة القادمة، أيضا الملف السوداني ومساعدة السودان في مرحلتها الانتقالية الحالية ، وكذلك الملفات السياسية الداخلية خاصة وأن عام 2020 هو عام الاستحقاقات الدستورية والسياسية، مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب والشيوخ والمحليات.  

الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية، مدير مركز الدراسات الأفريقية، تحدث خلال حوار مع "فيتو" عن الملفات سالفة الذكر، وكيف يمكن لمصر أن تحسم كل ملف على حدة، وإلى نص الحوار:

*بداية.. كيف ترى خطوات مصر فيما يتعلق بتعاملها مع ملف «سد النهضة» الإثيوبي خصوصا بعد البيان المصرى شديد اللهجة والذى وصف التعنت الإثيوبى بـ "المنحى المؤسف"  ؟

البيان المصرى الذى أصدرته الخارجية المصرية أمس الجمعة جاء تعبيرا عن رفض مصر لعدم المصداقية الإثيوبية فى التعامل مع هذا الملف ، فبيان وزارة الخارجية الأثيوبية زعم وادعى أن مصر طلبت ملء سد النهضة في فترة تمتد من 12 إلى 21 سنة، وفعلا مصر لم تُحدد عدد من السنوات لملء سد النهضة، بل أن واقع الأمر – كما قال بيان الخارجية المصرية - هو أن الدول الثلاث اتفقت منذ أكثر من عام على ملء السد على مراحل تعتمد سرعة تنفيذها على الإيراد السنوي للنيل الأزرق، حيث أن الطرح المصري يقود إلى ملء سد النهضة في 6 أو 7 سنوات إذا كان إيراد النهر متوسط أو فوق المتوسط خلال فترة الملء.

أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الأثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة". ويعد هذا الملف تهديدا واضحا لمصر وأمنها القومي، حيث يؤثر على الكهرباء والمياه والمشروعات العمرانية وغير ذلك، لذلك مصر ستوليه أهمية قصوى خلال العام الحالي، فهي تحتاج إلى أن تصل فيه إلى اتفاق يحقق العدالة المائية بين مصر والسودان وإثيوبيا، ويضمن تدفق مياه النيل بشكل آمن ومنتظم لها طوال العام، وهذا سيحدث من خلال استمرار المفاوضات بين الثلاث دول.

 

ومصر بالفعل أكدت مصر، أنها ستشارك في الإجتماع المقرر أن يعقده وزير الخزانة الأمريكي مع وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان وأثيوبيا في واشنطن يومى 13 و14 يناير الجارى، من منطلق التزامها بالعمل الأمين من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وفى إطار سعيها للحفاظ على مصالح الشعب المصرى التى لا تقبل التهاون فيها. لكن لو لم ينجح المسار التفاوضي، وهذا ما أتوقعه، فعلى مصر أن تستعين بحلفائها في المنطقة العربية (السعودية والإمارات والكويت) فبإمكانهم دعم مبادرة عربية شاملة لتسوية هذه الأزمة لصالح الجميع، كما أننى لا أعتقد أننا سنصل مع إثيوبيا إلى تسوية، فلابد من الضغط عليها والضغط هنا ليس شرطا أن يكون باستخدام السلاح أو الحروب أو تهديد وفرض عقاب عليها، فيمكن أن يكون  إيجابيا أو حافزا. 

*من إثيوبيا إلى السودان.. ماذا على مصر أن تفعله تجاه الملف السوداني والعملية الانتقالية داخل الدولة التي تشكل الأمن المصري الجنوبي؟  

لابد من دعم العملية الانتقالية في السودان حتى تصل إلى نظام مدني منتخب، لأن استقرار السودان يعني استقرار مصر، فقوة السودان تعني أن مصر ستكون قوية، أما إذا كان هناك على الحدود الجنوبية للبلاد منطقة ملتهبة، فهذا يعني تدفق اللاجئين وغياب التجارة والاستثمار وغياب الموقف الداعم لمصر في ملف سد النهضة، لذلك فانكفاء السودان على ذاته داخليا ليس في صالح مصر بأي حال من الأحوال.

*خلال الفترة الحالية أصبحت ليبيا التحدي الأكبر بالنسبة لمصر، فبعد موافقة البرلمان التركي على دخول قوات تركية إلى ليبيا لمعاونة حكومة الوفاق الليبي بقيادة فائز السراج.. ما الدور المنتظر لمصر حيال هذا الأمر؟

  هذا الأمر لا شك أنه يضرب الأمن القومي العربي والمصري على وجه التحديد في مقتل، فكيف يتم وضع قوات عسكرية على الحدود الغربية للدولة، كما أنها ليست قوات عادية بل ميليشيات إخوانية ومتطرفة يطعمها السراج وأردوغان والجميع يعلم ذلك، فبالأساس حكومة الوفاق ليست حكومة شرعية، لأن مجلس النواب الليبي لم يعترف بها حتى هذه اللحظة ومنذ تشكيلها، بل ولم يأذن بوجود قوات خارجية على حدود دولة مستقلة ذات سيادة، فهذا انتهاك داخلي وخارجي تام ويصطدم بقرارات الأمم المتحدة التي تحظر دخول السلاح إلى ليبيا. 

*إذن.. هل يمكن لمصر أن تدخل في حرب ضد تركيا على الأراضي الليبية؟

  في تقديري أنه إذا أرسل أردوغان قوات إلى ليبيا فستكون هذه نهايته، لأن القبائل رافضة هذا التدخل والبرلمان الليبي لديه الموقف ذاته، ومصر حينها لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ذلك، فمن حقها استخدام كل الوسائل لحماية أمنها القومي والأمن القومي العربي كله، كما أتوقع أن مصر لا يمكن أن تكون بمعزل عما يحدث في ليبيا، سواء بتدخل مباشر أو غير مباشر، وهذا قرار القيادة السياسية ومجلس النواب المصري، كما أن مصر من حقها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، استعمال حق الدفاع الشرعي عن الذات في حالة وجود تهديد داخلي. 

*وماذا عن التحديات التي توليها اهتماما تجاه القارة الأفريقية؟ 

التحديات والملفات التي أرى أنه على مصر أن تحسمها في القارة الأفريقية هذا العام، تتمثل في دعم التجارة مع الدول الأفريقية، وإنقاذ منطقة التجارة الحرة، وتطبيق مبادرة إسكات البنادق التي تندرج ضمن تطبيق مبادرة أفريقيا لعام 2063 هذا يعد أهم التحديات التي تواجه مصر كل عام باعتبارها الدولة الرائدة والقائدة في القارة السمراء. 

*إذا تطرقنا إلى الوضع الداخلي والتحديات التي على مصر أن تحسم ملفاتها خلال العام الجديد 2020، وخاصة أن هذا العام يمكننا أن نصفه بعام الحياة السياسية الجديدة في مصر، ونحن على أعتاب انتخابات محليات وانتخابات برلمانية ومجلس الشيوخ، كيف ترى المشهد إذن؟

  إجراء انتخابات المحليات أعده مسألة هامة جدا، ستريح الدولة كثيرا وسيخفف عنها الأعباء، وسيجعل أصحاب المصلحة الأساسية متفاعلين مع الدولة ويسيرون في إطار خطتها، وسيعطي شكل حضاري وديموقراطي للدولة. 

*إذن كيف ترى الدور الغائب لتلك القوى؟ 

هذا من شأنه أن يكمل استحقاقات الدستور المصري، وسيوسع نطاق الإدارة المحلية والمشاركة السياسية التي ستتسع دائرتها، وسيخفف الضغط عن كاهل الحكومة، وتحقيق نوع من التواصل بين المواطنين والحكومة، فهي قناة اتصال بين الدولة والحكومة. لأن البرلمان وحده أو الحكومة لا يمكنهما أن يقوما بكل شيء، ولابد من وجود من يساعد الحكومة. 

*وماذا عن الحياة الحزبية في مصر في 2020، ما الدور الذي على الدولة أن تقوم به تجاه ملف الأحزاب السياسية؟

  الأحزاب لا تنشأ كغاية في حد ذاتها، فلكل حزب برنامج سياسي يهدف إلى الوصول للسلطة أو الاحتفاظ بالسلطة إذا كان بها، لكن لا يمكن أن تكون المعارضة أن انتقد كل شيء وانصهر في صراعات داخلية، لذلك في رأيي أنه حينما تمارس الدولة تضييقا ما على حزب معين هذا لا يعني أن اللوم كله يقع على الدولة، فهي مشكلة أحزاب أيضا، فلا بد أن تفسح الدولة المجال، لكن على الأحزاب تحدد أهدافها فيما بينها ولا تتصارع داخليا قياداتها فيما بينهم فتغيب أهدافهم وخططهم السياسية، لذلك على الدولة أن تدعم وجود معارضة قوية، ولكن شرط أن تكون بناءة ومستنيرة، أو ما يمكن أن نسميها معارضة المسار الآخر، بمعنى أن تبحث الأحزاب المعارضة طوال الوقت عن تحقيق المنفعة للدولة والمواطنين، من خلال طرح بدائل مختلفة تدعم وتعزز المسار الحكومي، فهناك واجب حكومي تجاه إتاحة الفرصة الكاملة للمشاركة السياسية، وعلى الأحزاب دعم الدولة في الاتجاه الإيجابي.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"    

الجريدة الرسمية