رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: أين الإخلاص والحب فى حياتنا

أنيس منصور
أنيس منصور

فى كتابه (معنى الكلام ) كتب الكاتب الصحفى أنيس منصور تحت عنوان "أين الحب والإخلاص فى عهد الجحود والنكران " يقول:

هل اختفى الحب العظيم ؟هل تلاشى الإخلاص حتى الموت ؟هل الحياة أقوى من الموت ، والحرص على الحياة أقوى من ذكريات الموتى؟ ألم يعد هناك شيء يساوى أن يتعذب الإنسان من أجل إنسان آخر أحبه ومات ؟ 

هل ضعفت ذاكرة الناس أو تصلبت قلوبهم، هل من السهل على أى إنسان أن ينسى لحظات عميقة فى حياته أو سنوات غالية فى عمره ..هى حياته وهى عمره؟

إن الكثير من القصص ومن المسرحيات والافلام التى نراها تؤكد لنا لأن الحياة قطار أو طائرة أو سيارة، وأننا نلتقى بعض الوقت ونسعد بعض الوقت، ونفترق لأى سبب .. ولكن علينا أن نكمل الرحلة وحدنا أو مع آخرين، فكل إنسان قد أخذ نصيبه من الحياة ..وليس من العقل أن يبيع الإنسان عمره على أناس انتهت اعمارهم ..فلا شيء يساوى هذا العذاب وهذا الألم .

معنى هذا أن العلاقات الإنسانية هينة ورخيصة وعابرة ، وأن الإنسان يجب ألا يفرح بشيء لأنه سيفقده، ويجب الا يبكى على شيء لأنه لا أمل من وراء البكاء ..فما راح راح، وماجاء سوف يروح، ومادامت الدنيا كلها إلى نهاية ..فلماذا نتعجل هذه النهاية ؟ ولماذا نعيشها قبل الأوان، لكن يبدو أن تيارا عكسيا بدأ يظهر على الشاشة يرد إلى الإنسان أصله فى الحياة وتمسكه بالقيم الإنسانية ومقاومته للموت والفناء ..فالذكريات والحياة على الذكريات معناها: أن الذى مات لم يمت ، بل من الممكن أن يكون الأموات أقوى من الأحياء.

بل فى استطاعة الموتى الأعزاء أن يستولوا على حياتنا ..ونحن سعداء بهذه التضحية . ولا أنسى الفيلم الذى ظهرت فيه صوفيا لورين واسمه "عباد الشمس " هو البداية الحقيقية للحب الكبير العميق، فهى تقوم بدور زوجة مات زوجها فى الحرب العالمية الثانية تحت الجليد فى روسيا، ولكنها لا تستطيع ان تصدق ذلك فذهبت الى روسيا تبحث عن الزوج ..لإن شيئا فى داخلها وفى قلبها وأحلامها يؤكد لها إن زوجها لم يمت وإنه حزين عليها، وإنه فى حاجة إليها.

كما أنها فى حاجة إليه . وتنتقل صوفيا بين مقابر الشهداء، وتتمشى بين الموتى بين قصص تحولت إلى تراب ..بين أحلام تكسرت وآمال تهشمت . وسجلت بداية إنسانية ، أو بداية لتصحيح الضياع الإنسانى أو الضياع العاطفى .

أنيس منصور يكتب: رجال الغد

ومعنى ذلك أن الإنسان بعد أن يموت يمكن أن يعيش فى قلوب الذين يحبهم ..إنه بعد موته لا يدرى بشيء ، ولكن الأحياء يعيدون إليه حياته مع مزيد من الامتنان . إن الجديد هو شعور الإنسان بالامتنان فى عصر من اهم معالمه الجحود والنكران والكفران أيضا .

الجريدة الرسمية