رئيس التحرير
عصام كامل

ما بعد ثورة "فتح" الثانية


شكلت الهبة الجماهيرية غير المسبوقة التى شهدتها غزة ثورة ثانية لحركة فتح، وانطلاقة جديدة لأم الجماهير رغم سنوات الحصار والضغط واللعب على المتناقضات والانقسام لإضعاف الشعب الفلسطينى وقيادته.

بعد ثورة فتح الثانية لم يعد بمقدور أحد الضغط على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية والزعم أنه وحده فى الميدان، فى محاولة يائسة للحصول على مكاسب سياسية على حساب الحقوق الفلسطينية ودور منظمة التحرير الفلسطينية، واليمين الإسرائيلى المتطرف بزعامة "نتنياهو"، أكبر الخاسرين فى ثورة فتح الثانية، فهو كان يراهن على الزعم أن حركة فتح والسلطة فى طريقها للانهيار، فوجد عرشه يهتز أمام ثورة فتح الثانية التى فرضت علية إعادة حساباته خلال ساعات والاعتراف بقوة فتح وجماهيرها ووفائها.
جماهير غزة الوفية قالت كلمتها فى ساحة الشهيد ياسر عرفات وسط غزة، وأكدت للعالم أنها من تصنع المكان فأينما كانت فتح كان الفعل والمكان، فكما أحيت جماهير فتح ساحة الكتيبة أول مرة ها هى تعيد الحياة لغزة كلها، وأصبحت غزة كلها أرض للاحتفال على مدار الأيام الماضية، ففتح من اكتشف البندقية طريقا للتحرير، ورسمت بدماء الشهداء الطريق إلى القدس، فيما كانت بوصلة العرب منقسمة بين الشرق والغرب، والبعض كان يرى أن طريق القدس تبدأ من "كابول"، إلا أن فتح أعادت رسم الخارطة نحو فلسطين، وأقسمت أن الدم الفلسطينى لا يراق إلا من أجل فلسطين والقدس.
الجماهير الفلسطينية فى غزة أسقطت كل الحسابات التى كانت تعد الأيام للوصول إلى لحظة الإحباط والاستسلام تحت الضغوطات الأمريكية والحصار الإسرائيلى على دولة فلسطين الوليدة، والعجز العربى ولسان حالهم الذى لم يتغير "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون"، ولا قبل لنا "بأوباما" وجنوده، فيما كان عهد الجماهير الفلسطينية للرئيس عباس وللقيادة الفلسطينية فى الثورة الثانية لفتح "سر نحو الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وإنا معك صامدون.
جماهير فتح خرجت من وسط الركام والحطام، والأمعاء الخاوية، والرواتب المقطوعة، والأطفال المحاصرين الذين اشتروا من مصروفهم وادخارهم المتواضع الأعلام الفلسطينية ورايات حركة فتح الذهبية، ليسقطوا كل حسابات الاحتلال ومن ورائه ومن سار فى فلكه، فالجماهير الفلسطينية حققت الانتصار بكل مقوماته، وحملت الرئيس عباس فارس الدولة الفلسطينية نحو الانتصار، ومنحته القوة الدافعة الكافية للوصول إلى الهدف المحدد وإكمال المشوار على طريق الشهداء.
بعد ثورة فتح الثانية سقطت ورقة التوت عن مدعى الديمقراطية وحقوق الإنسان فى البيت الأسود، حامى الاستيطان ومشرعن الاحتلال، وبقى مع الاحتلال وحيدا معزولا، وأصبح عاريا أمام العالم، بعدما خلع كل قيم الإنسانية والحرية والعدالة، من أجل رضا غلاة المستوطنين.
أعادت الجماهير فى الراية مجددا إلى غزة، وسجلت ثورة حقيقية أعادت رسم المعادلة من جديد، ما يحتم على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية الاستجابة لهذا الزخم الفتحاوى، وإعادة تشكيله من جديد لخدمة القضية الفلسطينية وتحقيق المصالحة الوطنية على أسس وطنية واضحة، فلم يعد مقبولا أن تبقى هذه الطاقات أسيرة لبعض الأجندات والمصالح والأهواء الشخصية، فهذه الجماهير أعطت الرئيس شيكا على بياض لمواصلة المشوار بقوة فى مسيرته السياسية والمشروع الوطنى الفلسطينى، وفى المقابل على قيادات الحركة أن ترتقى إلى مستوى الزخم الجماهيرى والتلاحم مع حركة الجماهير، وتلبية تطلعاتها فى إعادة تنظيم هذه الطاقات الكامنة التى كشفت عن قوتها لتأخذ دورها الحقيقى فى مؤسسات الحركة، ويساهم كل فتحاوى فى بناء الوطن فى موقعة لتستمر الديمومة.
الجماهير سجلت فى غزة انطلاقة جديدة لحركة فتح، وقيادة الحركة تتحمل المسئولية الكاملة فى هذه اللحظة التاريخية لتحافظ على هذا الزخم الجماهيرى المتفجر، حفاظا على المشروع والإرث الوطنى الفلسطينى، وحمل أمانة الجماهير التواقة إلى النصر والحرية.
والله من وراء القصد.
الجريدة الرسمية