59 سنة على رحيل شاعر العامية بيرم التونسي
المسلمون كلهم قاموا للصلاة لله.. وصاموا رمضان فى الصيف لله وساروا من طنجة حتى الحجاز لله.. وبالرضا للفقير دفعوا الزكاة لله عجبى على مسلمين اتسموا بالإخوان.. وأسسوا دار عليها العنوان كلاب مناصب باسم الدين والإيمان.. ويوزعوا المنشورات من القرآن.. عجبى على جلف جاهل ذقنه تتدلى.. ويسمى روحه حارس على الله صبر لغاية ما جيش الإنجليز ولى.. وقام يجاهد علشان يحكم ويتولى قالوا على كل شيخ فى الحكم له طريقة.. إذا قتلتم جمال واتفكت الضيقة.
هذه كلمات الشاعر الزجال فنان الشعب محمود بيرم التونسى الذى رحل فى مثل هذا اليوم 5 يناير 1961، يهاجم جماعة الإخوان المسلمين بعد محاولتهم اغتيال عبد الناصر فى قصيدة بعنوان "لله".
بيرم التونسى مصرى من أصل تونسى (مواليد الإسكندرية عام 1893) من أشهر شعراء العامية والزجل، نشر أول قصائده فى جريدة الأهالى السكندرية وهى قصائد ساخطة على الأوضاع السياسية التى صنعها الاستعمار فكانت أول قصائده "المجلس البلدى" يقول فيها : قد أوقع القلب فى الأشجان والكمد.. هوى حبيب يسمى المجلس البلدى إذا الرغيف أتى فالنصف آكله.. والنصفأاتركه للمجلس البلدى، يا بايع الفجل بالمليم واحدة.. كم للعيال وكم للمجلس البلدى كأن أمى بلل الله تربتها.. أوصت فقالت أخوك المجلس البلدى.
أصدر بيرم عدة مجلات منها "المسلة "واتخذ صورة المسلة رمزا للمجد المصرى القديم ونشر فيها زجلا بعنوان (البامية الملوكى والقرع السلطانى)، وكانت تمثل سبا وتعريضا للملك فؤاد فصادر المجلة وتم نفى بيرم الى فرنسا.
عشق الطبقات الكادحة وكان التصوف مذهبه فى الحياة والفن، وكان كثير الجلوس على المقاهى الشعبية فهو ابن البلد خفيف الدم وابن نكتة وشجاعا نادى فى أشعاره بإحياء العقل الشرقى والمصرى فيقول: يا شرق فيك جو منور والفكر ضلام.. وفيه حرارة يا خسارة وبرود أجسام لا بالمسيح عرفوا مقامهم ولا بالإسلام.. هى الشموس بتخلى كده العقل بدنجان.
كتب لكثير من المطربين الأغانى وحازت أم كلثوم على أكثرها وأغلبها تلحين زكريا أحمد، ومن شدة حبه لأم كلثوم كان يقال عنه تباع أم كلثوم فكتب فى هذا يقول: يا مرفهة على جميع الناس وتعبانى.. وفى حارة السد والسيدة فضحانى.
علمت أم كلثوم بخبر وفاته وهى تغنى أغنية (هو صحيح الهوى غلاب) التى كتبها لها فبكت على المسرح، أما زكريا أحمد فمن شدة حزنه عليه مات بعده بأربعين يوما.
حكايات بيرم التونسي بدار الأوبرا فى الإسكندرية
قال عنه أحمد شوقى (لا أخشى على الفصحى إلا من عاقبة بيرم)، رثاه الشاعر صلاح جاهين بقوله: مين اللى قال مات يا شباب يابو دموع . مات زى ما كتف الجبل يتهد.. مات باقتدار وفخار ماقالش لحد، وقال عنه عباس العقاد: كان ينبوعا فياضا من ينابيع الفنون الشعبية نظما وتمثيلا وغناء بل وتصويرا بالقلم، يعطينا من صور الحياة العصرية ما تعجز عنه ريشة الفنان، فهو بارع فى الحديث بالعديد من اللهجات المختلفة فى آن واحد وينتقل من جِد إلى فكاهة.