رئيس التحرير
عصام كامل

عيوب التقفيل السياسى للمواطن المصرى


يوجد عيوب جمة، بالمواطن المصرى حينما نتحدث عن فهمه للشأن السياسى. والغريب أن يعض تلك العيوب تتماشى كلياً مع ما كان يعترض عليه فى الماضى من أمور، فمن الواضح أن الثوار كانوا يرغبون فى إسقاط فرد، متمثل فى مبارك، ليأتوا بفرد بديل، هو إما مرسى (ومن ورائه الإخوان) أو شفيق أو موسى أو البرادعى أو حمدين، ولذا، ترى كل "مُعسكر" شديد الدفاع عن "الفرد الرمز" الذى يتبعه بغض النظر عن أخطائه، تماماً مثلما كان أعضاء الحزب الوطنى يدافعون عن مبارك، وكأن أمراً لم يتغير!!

ويحكُم المواطن على الأمور بعواطفه أكثر مما يحكم عليها بعقله، ولا يوجد فى هذا العالم احترافية فى أى مهنة، تقوم على أساس العاطفة، فما بالنا بالسياسة، حيث يستوجب أن يكون العقل هو الحاكم قبل العوطف، لأن القرار السياسى ينظر إلى المصلحة وليس إلى ما إن كان الفرد يحب أو يكره (فيما عدا ما يقوم به مرسى تجاه التخديم على جماعته بالطبع). وبالتالى، يجب وأن ينظر المواطن إلى قرارات مؤسسات الدولة الراسخة وفى ذهنه الواقعية السياسية وليس العواطف!!
والمواطن المصرى أيضاً شديد الشك، فى كل أمر يُحيط به ودائم الحاجة إلى الإطمئنان، رغم أن الأخبار المُطمئنة محيطة به، وبالطبع يستغل الإخوان هذا الشك، فيزيدونه، وعلى سبيل المثال، فان الإخوان يزيدون شك الناس حول مدى "أخونتهم" لمؤسسات الدولة المهمة، وهذا يتأتى عن طريق الأخبار التى ينشرونها بأنهم تغلغلوا فى تلك المؤسسات بحيث يجعلون المواطنين يشعرون بأنهم يسيطرون عليها، فيصدق المُتشككين، رغم أن الرسائل المختلفة وفقا للأحداث أو الإشارات المباشرة، تؤكد عكس ذلك!!
ولدى المواطن المصرى إشكالية أساسية، فيما يتعلق بتصديق المعلومات غير الموثقة، وعلى سبيل المثال، تناقلت مواقع الـ"فيس بوك"، معلومة مكذوبة، بأن وزير الداخلية الجديد، كان مأموراً لسجن وادى النطرون حينما هرب منه مرسى فكافأه، بينما سيرته المنشورة تؤكد أنه كان نائباً لمديرية أمن أسيوط حتى 2011 ورُقى فى 2011 ليصبح مديراً لأمن أسيوط!! فهل العامين الماضيين لم تُعلم المصريين كيفية البحث الصحيح عن المعلومة؟!!
وينسى المواطن المصرى سريعاً الأحداث القريبة، ويتحول تحليله السياسى بالتالى إلى تربيط للشائعات الكثيرة، ليخرج بأمور أبعد ما تكون عن الواقع. وبالتالى، أشك فى أغلب ما يقوله أغلب المصريين فيما يتعلق بالمعلومات البعيدة المتعلقة بعصر الرئيس السابق، وليس فقط ما يقوله الكثير منهم فيما يحدث اليوم!!
ويتملك الخوف الشديد، المواطنين مما يحيوه اليوم، فى ظل حكم الإخوان، خاصةً أن الإخوان يقومون باتخاذ قرارات استباقية، لسرعة "التكويش" على الدولة (وبالطبع كل تلك القرارات، باطلة، لأنها تعتدى على الشعب، وتفرض عليه واقع جديد، دون رضاه). وتلك الحالة تجعل أغلب المواطنين يُعانون "ثباتاً إنفعالياً" ضعيفاً، مما يحول دون قدرتهم على التحليل الصحيح والفهم الحقيقى لما يدور حولهم!!
تلك هى بعض من عيوب "التقفيل السياسى للمواطن المصرى"، والتوعية السياسية من خلال الإعلام، هى القادرة على القضاء على تلك العيوب، كما أن كثرة القراءة ستمنح الخبرة مع الزمن، لتقضى على تلك العيوب، ليتحول الكثير من المصريين إلى فهم أعمق بما يحيط بهم فى الشأن السياسي، رغم أننى أتصور أن الأغلبية القصوى من المصريين ستُفضل البعد عن السياسة تماماً حينما تزول الغُمة التى نحياها اليوم بمشيئة الله!!
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية
الجريدة الرسمية