رئيس التحرير
عصام كامل

تهريج سياسي!


ما حدث في قصر الاتحادية خلال اجتماع الرئيس مرسي مع ممثلي عدد من الأحزاب والقوى السياسية هو تهريج سياسي.. وهذا أقل وصف مهذب نتيجة إذاعة هذا اللقاء على الهواء مباشرة، وإعلان خطتنا لحماية أنفسنا وبلدنا من أخطار "سد النهضة" الإثيوبي على الملأ للجميع وليس للإثيوبيين فقط!

وهكذا سمح الإثيوبيون، نتيجة موقفهم من مصر، لمن يطالب بضرورة التدخل في شئونهم الداخلية، وآخر يطالب بالحرب عليهم، وثالث يقترح عملا مخابراتيا لضرب إنشاءات وأعمال "سد النهضة" ورابع يرى الاكتفاء بتحريض الجهات الدولية المساهمة في تمويل مشروعهم، وخامس يرى الحل في تأليب السودان والصومال وإريتريا عليهم، وسادس يرى ضرورة استثمار الوضع الإثيوبي الداخلي لممارسة الضغوط على حكومة أديس أبابا، لوقف إنشاء السد أو إقامته بعد الأخذ بكل ملاحظاتنا الفنية وتحت إشرافنا!

هل هذا معقول أم أنه نوع من الجنون السياسي الذي لا يقبله عقل أي شخص ولو كان هكذا؟!

كيف يمكن أن تحدث هذه المهزلة السياسية المثيرة للاستفزاز بهذا الشكل؟!.. والغريب أنه بعدما علم الحاضرون لقاء الرئيس أن الاجتماع مذاع على الهواء مباشرة، لم يستنكروا ذلك ولم يغضبوا، ولم ينسحب منهم أحد اعتراضا على ما حدث.. بل العكس ضحكوا وشاركهم في الضحك رئيس الجمهورية، وكأن ما حدث هو عرض ساخر على المسرح، يجلب الضحك أو نكتة طريفة.

إن ما حدث فعلا كان نكتة، لكنها سخيفة جدا ولا تدعونا للاطمئنان على أي شيء من أمور حياتنا.. بل على العكس تدعونا للانزعاج، والانزعاج الشديد جدا.. فإذا كانت مسألة أمن قومي بل مسألة حياة ومصير يتم التعامل فيها بهذا القدر من التهريج السياسي وبلا أي قدر من المسئولية فكيف نطمئن على حياتنا؟!

الذين يستطيعون الاطمئنان فقط هم الإثيوبيون، الذين من المؤكد أنهم اطمأنوا على إتمام بناء سدهم مهما علت وارتفعت صرخاتنا اعتراضا.
الجريدة الرسمية