أوغلو: "التعاون الإسلامي" تتطلع لنجاح اجتماع "جنيف 2"
أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، أن المنظمة تريد لاجتماع جنيف الثاني أن ينجح، مشيرا إلى أن ذلك يعتمد على توافق الدول الكبرى وتحديدًا الولايات المتحدة وروسيا مع الدول المعنية.
وشدد على أن الشرط الوحيد لنجاحه، ألا يكرر الخطأ الذي حدث في اجتماع جنيف الأول الذي انتهي بوثيقة اختلفت عليها الأطراف بعد الخروج من قاعة الاجتماع، وبدأ كل طرف يفسرها بطريقته رغم أن عناصرها كانت هامة وتؤدي إلى الحل إذا تم تطبيقها.
وأوضح أغلو، الذي يقوم بزيارة حاليا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، أن المطلوب من اجتماع جنيف المقبل أن ينتهي بتوافق دولي حول صيغة قرار يمكن تطبيقه على أرض الواقع ويقدم لمجلس الأمن في صورة مشروع قرار يضم عناصر تحقيق الحل السياسي، ويخرج في صورة قرار ملزم من المجلس لأنه الجهة الوحيدة التي لديها القدرة على تحقيق الالزام السياسي عن طريق افصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد على أن الحل العسكري لن يكون الحل الأمثل لنهاية الأزمة في سوريا، كما أن استمرار هذه الحرب في سوريا يكون له تداعيات كبيرة في المنطقة، ولذلك يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم اشعال الفتنة الطائفية، مشيرا إلى أن المذاهب حقائق واقعة منذ القرن الهجري الأول وحتى يومنا هذا، لأن اصحاب المذاهب المختلفة في هذه البلاد يعيشون منذ 14 قرنا جنبا إلى جنب بجوار أصحاب الأديان الأخرى، وتاريخ العالم الإسلامي مليء بهذه النماذج الجيدة.
وأعرب عن تطلعه إلى أن تنتهى هذه المشاكل التي دخلت إلى منطقة الشرق الأوسط بتغليب الحل السياسي على الحل العسكري، مشيرًا إلى أن ما يحدث في سوريا لا علاقة له في بدايته وطبيعته بأي صراع طائفي أو ديني أو مذهبي، مشيرا إلى أن التاريخ لم يشهد حربا سنية شيعية.
وقال إن الصراع في سوريا هو صراع بين نظام الحكم وبين مجموعات من المعارضة التي لجأت إلى السلاح لكي تحقق مطالبها المشروعة في الحرية والديمقراطية، مشيرا إلى أن الصراع بدأ بين قوات الحكومة وبين قوات المعارضة، ولم يبدأ من صراع طائفي أو مذهبي، وكلا الجانبين يضمان مختلف الطوائف المذهبية.
وشدد على ضرورة عدم إعطاء هذا الصراع أي بعد طائفي أو ديني، مشيرا إلى أنه يجب أن يبقى في المجال السياسي كما يجب العمل على انهائه سياسيا من خلال التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا يحقق مطالب الشعب السوري في الحرية والعدالة والديمقراطية وانتقالا سلميا للسلطة ويوقف الاقتتال.
وأكد أن منظمة التعاون الإسلامي تؤيد مساعي المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا الأخضر الإبراهيمي للتوصل إلى حل سلمي في سوريا، وفيما يتعلق بدور المنظمة في الصراعات التي تدور في المنطقة العربية، وقال أوغلوا إن المنطقة تمر بأدق مرحلة في تاريخها منذ قيام الحرب العالمية الأولى، ومنظمة التعاون الإسلامي كانت معنية بذلك منذ البداية، مشيرا إلى أنه من القلائل الذين توقعوا ما حدث وأشار إليه في كتابه بعنوان "العالم الإسلامي في القرن الجديد" الذي صدر أولا باللغة الانجليزية في عام 2009 ثم صدر باللغة العربية والتركية وتتم ترجمته حاليا إلى الروسية ولغات أخرى.
وأوضح أن الشعوب تتطلع إلى الحرية والكرامة والعيش الافضل حتى تخرج من حالة الكمون التي وضعتها خارج سياق التاريخ منذ عقود من الزمان وكي تعود للدخول في سياق التاريخ مرة أخرى مع شعوب العالم الأخرى التي انتفضت وخرجت من تسلط الحكم الاستبدادي سواء أكان شيوعيا أو عسكريا أو غيره، مما جعل بعض الشعوب العربية تبقي تئن تحت وطأة هذا الانعزال والعيش خارج سياق التاريخ.
وأوضح أن الخطة العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي التي تمت المصادقة عليها بالإجماع في ديسمبر 2005، شملت عدة برامج ومشاريع ومبادئ رسمت الخطة اللازمة لتحقيق الديمقراطية والحكم الرشيد ومكافحة الفساد وتحقيق المسائلة وتمكين المرأة والشباب، والكثير من هذه المشاريع والقيم والبرامج. ونوه بأن المنظمة كانت من أوائل المنظمات التي وقفت إلى جانب المطالب الديمقراطية للشعوب منذ أن حدثت أول انتفاضة في تونس وتلتها مصر وليبيا واليمن وسوريا.
وشدد على أنه من الخطأ وصف ما يحدث في المنطقة بـ"الربيع"، مشيرا إلى أن الوصف الصحيح هو "الخريف"، وهو خريف الطغاة الذين رحلوا، وأن الربيع سيأتي عندما تتمكن الدول التي عاشت هذه الثورات والانتفاضات من تحقيق حكم دستوري ديمقراطي مبني على أسس حديثة تمكن الشعوب من الوصول إلى ما تبتغيه من حريات ورفاهية وتداول السلطة بشكل ؟سلمي، وعندما تصل هذه الدول إلى هذه النقطة سيتحقق ما يسمى بالربيع العربي.
وفيما يتعلق بما إذا كان راض على أن تصبغ نظم الحكم في الدول العربية بصبغة إسلامية سياسية، أكد أوغلو على ضرورة أن تكون العلاقة بين الدين والسياسة واضحة، بمعنى أن لا يسيطر طرف على طرف وأن لا تسيطر السياسة على الدين كما كان الأمر في العهود السابقة التي كانت فيها المؤسسة الدينية تحت سيطرة المؤسسة السياسية وتأتمر بأوامرها، أو أن المؤسسة السياسية تكون تحت سيطرة المؤسسة الدينية وأن تتشكل السياسة حسب الآراء الدينية.
وأعرب عن رأيه بأن يكون هناك احترام متبادل بين الأمرين، وأن تكون هذه العلاقة واضحة ومؤكدة وأن لا يكون هناك تداخل بين الميدانين السياسي والديني، لأن هذا التداخل، كما سبق في التاريخ بموجب شواهد في عالمنا اليوم، لا تحق النتيجة الصحيحة.