رئيس التحرير
عصام كامل

صورة على موبايل القتيل تكشف القاتل المأجور.. سهرة في كباريه ونقوط الراقصة وراء الجريمة.. وفتيات شارع الهرم يرشدن عن المتهم

فيتو

في صباح يوم الخميس الماضي كانت تسير سيارة ملاكي ماركة هيونداي فيرنا بطريق كورنيش النيل متجهة إلى منطقة السيدة زينب، يجلس فيها مصطفى الذي يبلغ من العمر 25 عاما، ويعمل بوظيفة مندوب مبيعات في إحدى شركات تجارة الأغذية، شاب في ريعان شبابه يعيش حياته بـ”الطول والعرض”، وخلف عجلة القيادة كان صديقه محمد الذي يعمل معه بنفس الشركة يتبادل معه أطراف الحديث، ويسمع منه آخر قصصه الغرامية ومغامراته الساخنة في ليلة رأس السنة والتي قضاها الشاب في إحدى صالات شارع الهرم، وأخذ مصطفى يحكي كل صغيرة وكبيرة عما فعله مع الراقصة اللولبية وكيف كان كل من في الصالة يهتز كلما اهتز وسطها "الزمبلك" إلى درجة أن أكواب البيرة وكاسات الخمر كانت تتمايل طربا مع جسد الراقصة الذي أشعل النار في قلوب الزبائن.

 

طلقات رصاص مرعبة

فجأة، وكأنه كابوس، تنطلق زخات من طلقات الرصاص صوب السيارة الملاكي، صوت زجاجها وهو يتهشم أشبه بقرع الطبول، أما الطلقات فكانت كصوت الرعد عندما ترتج السماء من الخوف، لم يفهم محمد ماذا يحدث بالضبط، كأن ما حدث هو فجوة في الزمن ابتعلته إلى ثقب أسود لمدة ثوان معدودة، ثم عاد إلى الحياة مرة أخرى ليجد الدماء بلونها الأحمر القاني قد لطخت كل جدران السيارة، فيما تجمع عشرات الأشخاص حوله، ودوى صريخ سيارات الشرطة التي اصطف رجالها لمحاصرة السيارة التي استقرت على الرصيف على بعد نحو 100 متر من مقر قسم شرطة مصر القديمة.

 

عندما عاد محمد إلى وعيه سمع الناس يقولون عبارات بدت غريبة على سمعه شخص يقول: "اطلب الإسعاف بسرعة" وآخر يرد: "ملهاش لازمة دة مات"، وثالث يتشهد بالله ورابع يقول بصوت حاسم وخشن، تبين بعد ذلك أنه أحد أفراد الشرطة، "مين اللي كان في العربية"، وهنا اتجهت الأصابع إلى محمد الذي لم يدرك أن صديقه مصطفى لقي مصرعه، إلا عندما شاهده يفترش الأرض وقد سالت الدماء من أنفه وفمه الذي ظل مفتوحا وكأنه كان يريد أن يستكمل على صديقه حكايته التي بدأها عن مغامرة ليلة رأس السنة.

 

تفاصيل الحادث أمام المباحث

أمام اللواء نبيل سليم، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وقف محمد يسرد تفاصيل الحادث الذي أودى بحياة صديقه، قال إنه أثناء سيره بسيارته على طريق الكورنيش بمنطقة مصر القديمة، وبصحبته صديقه المصاب في طريقهما إلى مقر عملهما، انحرفت تجاههما سيارة بيضاء اللون، لم يتمكن من التقاط أرقامها، وقام شخص يقودها بـ"الكسر" عليهما وردهما إلى ناحية الجزيرة التي تفصل حارتي الطريق، وفي لمح البصر صوب مسدسا ناحيتهما، فقام محمد بالانبطاح في أرضية السيارة على الفور، قبل أن يطلق هذا الشخص طلقات نارية ناحية صديقه مصطفى، اخترقت الباب الأيمن واستقرت أحدها في قلب المجني عليه، وما أن انتفض من أثر الطلقة، حتى جاءته الثانية لتستقر في ظهره، قبل أن يفر القاتل هاربا.

 

رجال مباحث القاهرة في حيرة، القتيل ليس له عداوة مع أحد، والجريمة لم ترتكب بدافع السرقة، وإنما بدافع الانتقام كما هو واضح، ويبقى السؤال محيرا لرجال اللواء نبيل سليم. من قتل هذا الشاب ولماذا قتله؟ لم يعد أمام المقدم اسلام عبد العال رئيس مباحث قسم مصر القديمة رجال المباحث سوى إجراء التحريات التي كشفت عن العلاقات المتشعبة للمجني عليه والذي كان معروفا عنه حب السهر في الكباريهات وصالات الديسكو ومطاردة الراقصات، وعثرت المباحث في "موبايل" القتيل على عشرات الصور التي تجمعه بعدد كبير من راقصات شارع الهرم، ولفت نظرهم حداثة توقيت إحدى هذه الصور والتي تشير إلى ليلة رأس السنة، والتي التقطت للقتيل مع إحداهن.

 

كبارية الهرم أول الخيط

بدأت خطة البحث من شارع الهرم تحت اشراف العميد عبد الفتاح القصاص ، رئيس مباحث قطاع الجنوب وبعرض صورة المجني عليه على "السُياس" وأصحاب الأكشاك ومسئولي "الباركينج" تعرفوا عليه وأرشدوا المباحث إلى "الكباريه" الذي كان يسهر به في تلك الليلة، وأسفر سؤال الجرسونات والفتيات العاملات هناك، عن مفاجأة كبيرة خطط فيها لجريمة قتل منظمة عن طريق الاستعانة بقاتل مأجور.

 

قالت إحدى الفتيات العاملات بالكباريه أنها تعرف القتيل، نظرا لاعتياده السهر في المحل، وفي ليلة راس السنة، وبينما كان المجني عليه على عاداته يغازل إحدى الراقصات، حدثت مشادة بينه وبين أحد التجار على "الكيت" والمقصود به "النقوط" التي يقوم الزبون بإلقائها على الراقصة لتحيتها، عندما أخذ الشاب القتيل في منافسة التاجر والمزايدة عليه في "النقوط" "وضرب السلام"، ما أثار غضب التاجر الذي شعر بأن هيبته في خطر واهتزت مكانته بين فتيات الصالة، فتوعد المجني عليه بأن يؤدبه على ما صدر منه، وأن يلقنه درسا لن ينساه أبدا، وبسؤال الفتيات عن هوية هذا التاجر، قالوا إنهن يعرفنه جيدا، لأنه زبون دائم.

 

القبض على القاتل

خيوط الجريمة بدأت تنحل خيطا تلو الآخرى أمام العميد ايمن وحيد، وبالاستعانة بإحدى الفتيات لإبلاغ المباحث فور ظهور هذا التاجر، تمكنت قوة من مديرية أمن الجيزة من القبض عليه وتسليمه إلى مديرية أمن القاهرة، وتبين أنه استعان بمسجل خطر اسمه (عبد الرحمن.ع) 25 سنة، عاطل، واتفق معه على إعطائه مبلغ 10 آلاف جنيه مقابل التخلص من المجني عليه، وأخبره بخط سيره وبمحل إقامته والأماكن التي يعتاد التردد عليها.

 

اقرأ ايضا: 

التفاصيل الكاملة لمصرع فتاة على يد والدها بالغربية

 

وبالقبض على منفذ الجريمة اعترف أنه قام بمراقبة المجني عليه يوم الحادث منذ خروجه صباحا من منزله وتتبعه بسيارة قام باستئجارها، حتى تخطى القتيل قسم مصر القديمة، فقرر القاتل مهاجمته وحدد ساعة الصفر لتنفيذ حكم الإعدام فيه، وقبل أن تصل السيارة إلى منطقة فم الخليج، زاد القاتل من سرعة سيارته حتى أصبح بينها وبين سيارة المجني عليه بضع أمتار، وهنا قام بـ"الكسر" عليها من ناحية اليسار ليضطره إلى مقابلة الجزيرة الفاصلة بين حارتي الطريق، حتى لا يتمكن من الهرب، وأخرج طبنجة ماركة CZ عيار 9 مللي، ٦ طلقات أسفرت عن مصرع المجنى عليه، بعد أن اخترقت ظهره رصاصتان ادتا إلى تهتك الفقرات العنقية ونفذتا إلى قلبه.

الجريدة الرسمية