رئيس التحرير
عصام كامل

"معهد تدريب الأطباء بالعباسية".. ضحية صراع وزراء الصحة.. الإهمال حوّله إلى مقر بلا استغلال.. و"زايد" ألغت هويته بقرار أثار الجدل

المعهد القومي للتدريب
المعهد القومي للتدريب بالعباسية

المعهد القومي للتدريب بالعباسية أحد الجهات التابعة لوزارة الصحة والسكان، تم تأسيسه منذ ما يقرب من 25 عاما لكي يكون منارة العلم لدى الفريق الطبي بجميع فئاته، سواء الأطباء البشريين أو الصيادلة أو التمريض أو أطباء الأسنان أو الفنيين، وأيضا الإداريين، وتقديم كافة برامج التدريب.

 يوجد المعهد بمنطقة العباسية ويضم 3 أبنية ضخمة، يتميز باللون الأبيض ووجود ثلاث قباب بيضاء تشبه قبة جامعة القاهرة ومجلس الشعب أعلى كل مبنى.

 أسس المعهد القومي للتدريب في عهد الدكتور إسماعيل سلام، وزير الصحة الأسبق، وافتتح في عهد الدكتور محمد عوض تاج الدين، ومنذ ذلك الحين ينظم المعهد الدورات التدريبية في كل التخصصات الطبية ويوفر للأطباء التدريب الذي يؤهلهم للعمل، خاصة وأن عضو الفريق الطبي يحتاج إلى دورات تدريب مستمرة مدى الحياة.

وخلال السنوات الأخيرة أصبح المعهد حقل تجارب من قبل وزراء الصحة، حيث خصص الوزراء مكتبا لهم داخل المعهد، بخلاف مكتب الوزير في ديوان الوزارة بشارع مجلس الشعب، كمقر ثانٍ يمكنهم من عقد اجتماعاتهم اليومية، وذلك في عهد الدكتور عادل العدوي، وزير الصحة الأسبق، في حين أن الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة الأسبق، أسس ما يسمى بهيئة التدريب الإلزامي، وصدر لها قرار من مجلس الوزراء لكي تكون هيئة تابعة له مختصة بتدريب الأطباء، وتم ابتكار ما يسمى بشهادة البورد المصري على غرار البورد العربي والإنجليزي، وهي شهادة مهنية يحصل عليها الطبيب بعد التخرج تعادل شهادات الماجستير، وجعل من معهد التدريب بالعباسية مقرا لها وحجز لها دورا كاملا بالمعهد، كما تم تصميم "لافتة" كبرى على المبنى من الخارج، وظل الأمر كذلك لأكثر من عام.

واقترح الدكتور أحمد عماد، في عهده، أن يكون المعهد القومي لتدريب الأطباء بالعباسية أول مركز تدريب عربي، وتقدم بمقترح إلى مجلس وزراء الصحة العرب لاعتماد المعهد القومي للتدريب التابع لوزارة الصحة ليكون هو المركز المعتمد عربيًا في مصر، إلا أنه مع خروج الدكتور أحمد عماد من الوزارة لم يتم تنفيذ المقترح. 

جاءت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد في يونيو 2018، وفي عهد الوزيرة الحالية هالة زايد أصدرت قرارا بإلغاء ما يسمى بشهادة البورد المصري، ومنذ ذلك الوقت لا يوجد أي نشاط أو وجود لهيئة التدريب الإلزامي، وأعادت برامج الزمالة المصرية، وهي برامج تدريب توفرها وزارة الصحة للخريجين لمن لم يجدوا فرص الحصول على شهادة الماجستير، كما قامت بتغيير اسم المعهد القومي للتدريب إلى أكاديمية الأميرة فاطمة للتعليم الطبي والمهني، وقوبل القرار بانقسام بين الوسط الطبي، البعض قال إنه لا داعي لتغيير اسم المعهد، خاصة أنه عرف منذ أكثر من 20 عاما بالمعهد القومي للتدريب، ومنهم من رأى أن وزارة التعليم العالي هي الأَولى بإطلاق اسم الأميرة فاطمة على أحد أبنيتها لما لها من دور في إنشاء جامعة القاهرة.

بدوره قال الدكتور عبد العال البهنسي، مؤسس المبادرة المصرية الوطنية لإصلاح القطاع الصحي: "المعهد القومي للتدريب من الأماكن المنيرة داخل وزارة الصحة، والتي نفخر بها جميعا؛ نظرا لأهمية وعظم الدور التدريبي والتعليمي الذي يقوم به المعهد منذ أن تم إنشاؤه في عهد الوزير الأسبق الدكتور إسماعيل سلام، الذي كان يتمتع برؤية ثاقبة، ولولاه ما كان اليوم هناك قطاع صحي من الأساس". 

وأضاف: "ترجع فكرة إنشاء المعهد إلى أن الدكتور إسماعيل سلام شاهد نموذج المعهد القومي للتدريب في إحدى الدول الأجنبية، وأعجب كثيرا برسالة المعهد هناك ودوره المهم في التعليم الطبي المستمر، فقرر أن ينقل التجربة نفسها إلى مصر، وكان المعهد القومي للتدريب بالعباسية بهيئته الحالية وبالقبة البيضاء التي تعلو المبنى صورة طبق الأصل لما شاهده الوزير خارج مصر". 

وتابع: "قام وزير الصحة السابق بعمل تعديلات إنشائية داخل المعهد من أجل تأسيس مكتب له بعيدا عن صخب مبنى ديوان وزارة الصحة، ثم جعل المعهد مقرا رئيسيا لهيئة التدريب الإلزامي، والتي لم نرَ لها أي أثر حتى الآن؛ نظرا لتهميشها وتحجيمها بعد إلغاء شهادة البورد المصري". 

وأضاف أنه تم نقل مقر الزمالة المصرية إلى المعهد؛ تصحيحا لأوضاع الزمالة غير المناسبة بمقرها القديم، وإسناد مهمة الإشراف التدريبية للهيئة العامة للمستشفيات التعليمية تعظيما لدورها المحوري في التدريب والتعليم التي أنشئت من أجله هيئة المستشفيات، ولكن لم يدم الأمر طويلا كالعادة، وتم إطلاق اسم أكاديمية الأميرة فاطمة على المعهد وإلغاء قرار إشراف هيئة المستشفيات التعليمية، والذي لم يرَ النور على أرض الواقع في صورة من صور التخبط الإداري وانعدام التخطيط السليم. 

واختتم حديثه قائلا: "تغيير اسم المعهد بعد كل هذه السنوات ما هو إلا صورة من العشوائية وتزييف لتاريخ المعهد منذ نشأته وهو معروف بهذا الاسم، وكان من الأَولى إطلاق اسم الأميرة فاطمة على مركز تدريب جامعة القاهرة أو أحد منشآت القصر العيني، وليس المعهد القومي للتدريب التابع لوزارة الصحة والسكان، كما كان من الأَولى النظر إلى المشكلات والمعوقات التي تواجه المعهد منذ سنوات في القيام بمهامه، والنظر إلى احتياجات المعهد الفعلية المالية وتعديل لائحته بما يتناسب مع المطلوب منه".

ويمتلك المعهد قدرة تدريبية فائقه تتمثل في 14 معملا تدريبيا طبقا للمعايير العالمية، ما بين إنعاش القلب والعناية المركزة والعمليات والأنف والأذن والمناظير الجراحية ومناظير النسا ومعمل الموجات فوق الصوتية ومعامل الكمبيوتر، بالإضافة إلى عدد من القاعات متعددة الأغراض مجهزة بأعلى تقنيات الصوت والصورة اللازمة للتدريب النظري، بالإضافة إلى احتوائه على مكتبة علمية كبرى تشمل أهم الكتب والدوريات الطبية في شتى التخصصات بالإضافة إلى وجود قاعة مؤتمرات كبرى، ويشمل المعهد أيضا فندقا سكنيا يتم استغلاله جزئيا، وليس كليا، في استضافة الممارسين الصحيين الذين لديهم دورات أو كورسات بالمعهد من مناطق نائية أو بعيدة عن القاهرة الكبرى. ويقدم المعهد مجموعة من الكورسات التدريبية الطبية والإدارية، مثل: كورسات إنعاش القلب الأساسي والمتقدم، وإنعاش الأطفال المعتمدة من جمعية القلب الأمريكية، بالإضافة إلى كورسات في مجال الجودة ومكافحة العدوى والإدارة والقيادة والأبحاث الطبية وأمان المرضى، ودورات العناية المركزة والطوارئ والمهارات الأساسية للجراحة، وكورسات تدريبية على مناظير العظام والنسا والجهاز الهضمي، بالإضافة إلى برامج تدريبية لهيئة التمريض.

نقلا عن العدد الورقي

الجريدة الرسمية